رأى ثلاثة قانونيين أوردت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أقوالهم في تقرير نشرته في وقت متأخر من مساء الخميس، أن ممثلي جنوب إفريقيا تصرّفوا بشكل مهنيّ خلال الجلسة الأولى التي عُقدت الخميس، وحذروا من أن اتهام جنوب إفريقيا “بالنفاق”، وهو الاتهام الذي عمد نتنياهو إلى إطلاقه؛ لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع سوءا بالنسبة لإسرائيل.
وأشارت “هآرتس” إلى أن ممثلي جنوب إفريقيا قد وضعوا في قلب حجّتهم، “العلاقة بين التصريحات المتطرفة التي يدلي بها كبار المسؤولين في إسرائيل، وبين عمليّات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة”.
ونقل التقرير عن روي شيندورف، النائب السابق لمستشار الحكومة الإسرائيلية بشأن للقانون الدولي، قوله: “إنهم (جنوب إفريقيا) لم يفاجِئوا بحججهم، لكنهم لم يرتكبوا أخطاء جسيمة”، مشيرا إلى أن دحض حجة جنوب إفريقيا، تحدّ على تل أبيب التعامُل معه.
وقال إن “الملتمسين يزعمون أنه حتى لو كانت هذه التصريحات لا تعكس السياسة الإسرائيلية الرسمية، فإنها تتغلغل في الميدان (أثناء عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة)، ولهذا السبب عرضوا مقاطع فيديو لجنود يفتخرون بالقتل في القطاع. إنهم يحاولون التلاعُب”، على حدّ وصفه.
وذكر شيندورف أن “هناك تنافسا بين الروايات، وليس مجرّد حجة تقنية وقانونية، وسيتعين على إسرائيل أن تقدم غدا (الجمعة) روايتها بشكل جيد، والتي بموجبها لم تختر الحرب، فقد ارتكبت حماس أعمالا فظيعة، وإسرائيل تدافع عن نفسها، وتتصرف في حدود القانون لإزالة تهديد خطير”.
وقدّرت خبيرة القانون الدولي من الجامعة العبرية، د. تمار مغيدو، بأن “حجة النفاق (في إشارة لنتنياهو) لن تخدم إسرائيل في المحكمة فحسب، بل ستضرّها فعليا”، موضحة أن “كثيرين في العالم يرون الأمور كما عرضتها جنوب إفريقيا”.
وأشارت إلى أنه “يجب على إسرائيل أن تستغل الفرصة لعرض وجهة نظرها، دون التقليل أو عدم احترام المسار (القضائي) أو المحكمة”.
وأضافت أنه “على الرغم من أنه يمكن افتراض أن المحكمة ستقبل حجة الملتمس لتبرير إصدار أمر مؤقت (لوقف إطلاق النار)؛ في تقديري، هذا لا يكفي للفوز بالالتماس الرئيسيّ”.
من جانبه، وصف النائب السابق للمدعي العام، يهودا شيفر، الإستراتيجية التي اعتمدتها جنوب إفريقيا في مناقشة الخميس، بأنها “رمي للوحل على أمل أن يلتصق شيء ما”. ويأتي ذلك، على حد تعبيره، في ظلّ “اعتمادهم (ممثلول جنوب إفريقيا) على مقاطع ’تيك توك’ للمقاتلين، وتصريحات غير مسؤولة، لسياسيين وتقارير مشكوك فيها”.
ووفقا له، فإنه “يتمّ إجراء جزء كبير من الإجراءات كمحاكمة صورية سياسية، إذ يتم الاستماع إلى ادعاءات حول تصرفات إسرائيل منذ عام 1948، والتي بالتأكيد ليست ذات صلة بالمناقشة”.
وذكر أن التحقيق الفعلي في ادعاءات جنوب إفريقيا، “سيستغرق سنوات، ومن المشكوك فيه للغاية ما إذا كانت ستنجح في نهاية الإجراء في إثبات أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية”.
وقدّر بأن النجاح بالنسبة لجنوب إفريقيا، سيتمثّل بأنه “كلما نجحت في إظهار أننا في المنطقة الرمادية، كلما زادت ميل المحكمة إلى إصدار أوامر مؤقتة، تمنع مقتل عدد أكبر بكثير”.
وأشار شيفر إلى أن الطريقة الأساسية للتعامل مع مطلب إصدار أوامر مؤقتة لوقف القتال في غزة فورا، هي إقناع المحكمة بأن لدى إسرائيل آليات للتحقيق “في جميع القضايا في المنطقة الرمادية”؛ إذ إن “هناك نظاما من المستشارين القانونيين العسكريين، وشرطة تحقيق عسكرية ومكتب مدعٍ عسكري مستقلّ. وفوق كل ذلك، هناك المحكمة العليا، التي يمكنها تلقي الالتماسات الفلسطينية ومناقشتها”.
وزعم أن “هذه الآليات لا توجد بهذه القوة في أي دولة، ويجب إعطاء وزن لوجودها في مسألة ما إذا كان من الصواب إصدار أوامر مؤقتة”، لوقف القتال.
وبحسبه، فإن المهمّة الرئيسية التي تواجه إسرائيل حاليًّا، هي منع إصدار أوامر مؤقتة بوقف القتال، وزيادة المساعدات الإنسانية، والتحقيق في شبهات ارتكاب جرائم حرب.
وتقدِّم إسرائيل، الجمعة، مرافعاتها في ثاني جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي، وذلك عشيّة طلب جنوب إفريقيا استصدار أمر يلزم الجيش الإسرائيلي بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، ومحاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
واختارت إسرائيل الخبير البريطاني في القانون الدولي، البروفيسور مالكولم شو، ليمثلها أمام محكمة العدل الدولية.
واتهمت جنوب إفريقيا، الخميس، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب أعمال إبادة جماعية في قطاع غزة، وشددت على أن الهجوم الذي شنته حركة حماس، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه في قطاع غزة. وطالبت جنوب إفريقيا بالتعليق الفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.