وصفت صحيفة Washington Post الأمريكية عملية تسليم المساعدات إلى قطاع غزة بأنها صعبة وخطيرة، وقالت في تقرير لها الأربعاء 17 يناير/كانون الثاني 2024، إنه لا شيء يمر دون أن يخضع لتفتيش إسرائيلي، وأكدت أن تل أبيب لم تقدم أي دليل على سرقة حماس للمساعدات المقدمة للمدنيين.
حيث طالبت وكالات الإغاثة إسرائيل بتخفيف القيود المفروضة على عملية توصيل الإمدادات -الصعبة والخطيرة في كثير من الأحيان- إلى الفلسطينيين اليائسين، واصفةً الوضع الإنساني في قطاع غزة بعبارات مشؤومةٍ على نحوٍ متزايد، وتحذّر الأمم المتحدة من أن شبح المجاعة يُخيِّم على غزة.
إسرائيل تعرقل وصول المساعدات
حيث قدَّر برنامج الغذاء العالمي أن 93% من السكان يعانون من الجوع بدرجةٍ تُمثِّل أزمة، كما تتفشى الأمراض سريعاً. في حين تنبّأت منظمة الصحة العالمية بأن عدد القتلى من المرض والجوع في الأشهر المقبلة قد يتجاوز عدد الأشخاص الذين قُتلوا في الحرب على قطاع غزة حتى الآن.
كما تقول وكالات الإغاثة إن العوامل الرئيسية التي تعوق تسليم المساعدات، اللازمة لإنقاذ حياة سكان غزة، تقع بالكامل تحت سيطرة إسرائيل.
حيث تمر المساعدات التي تتدفق إلى قطاع غزة عبر معبر رفح مع مصر بشكلٍ أساسي. ويُدير المسؤولون المصريون والفلسطينيون بوابات المعبر، لكن لا يمكن أن يمر شيء من هناك دون تفتيش من المسؤولين الإسرائيليين. وتصف جماعات الإغاثة تلك العملية بأنها معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً.
بعد الفحص المصري الأوّلي، ينقل سائقو الشاحنات المصريون حمولتهم عبر “طريق صحراوي وعر” وصولاً إلى معبر العوجة (نيتسانا) بين مصر وإسرائيل، وهي رحلةٌ تستغرق نحو ساعتين بحسب أمير عبد الله الذي يشرف على قوافل الهلال الأحمر المصري.
ترفض السلطات الإسرائيلية دخول عناصر مثل المشارط الجراحية الخاصة بالولادة، ومعدات تنقية الماء، ومولّدات الكهرباء، وخزانات الأوكسجين، والخيام ذات الأعمدة المعدنية، دون تبرير في بعض الأحيان، بحسب العاملين في مجال الإغاثة.
عند رفض دخول عنصر واحد في الشاحنة، يتعيّن إعادة عملية تفتيش حمولة الشاحنة بالكامل، وهو الأمر الذي قد يستغرق عدة أسابيع. وتعود الحمولات المقبولة بعد ذلك إلى معبر رفح، حيث يمكن أن يستغرق نقل البضائع إلى الشاحنات الفلسطينية عدة أيام، بحسب تصريح سائقين مصريين لصحيفة Washington Post الأمريكية.
يعزو العاملون في الإغاثة ذلك التأخير إلى قلة المركبات الفلسطينية -التي دمر القصف الإسرائيلي بعضها- كما لا توجد كميات كافية من الوقود للتنقل بحسب شميزا عبد الله، منسقة الطوارئ البارزة لدى “اليونيسف”.
لا أدلة على سرقة حماس للمساعدات
فيما قيّدت إسرائيل عمليات تسليم الوقود، زاعمةً أن حماس ستسرقه لإطلاق صواريخها. كما اتهم المسؤولون الإسرائيليون الأمم المتحدة، دون دليل، بأنها تغض الطرف عن استيلاء حماس على المساعدات على نطاقٍ واسع.
في حين صرّح مسؤول أمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته، لأنه يناقش أموراً حساسة، قائلاً: “لم تلفت الحكومة الإسرائيلية انتباه الحكومة الأمريكية… إلى أي دليل محدد على سرقة حماس أو تغييرها مسار المساعدات المقدمة عبر الأمم المتحدة ووكالاتها. وهذه خلاصة القول”.
تقول وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، إن تسعة أشخاص من أصل كل 10 في قطاع غزة، يتناولون أقل من وجبة واحدة في اليوم، بينما يزحف عليهم برد الشتاء.
بينما انتشرت على الشبكات الاجتماعية في الأيام الأخيرة، مقاطع فيديو تظهر حشوداً تندفع نحو شاحنات المساعدات في مدينة غزة، ثم تفر هاربةً مع دوي إطلاق النار.
كما أوضح سكوت أندرسون، نائب مدير مكتب الأونروا في غزة: “يشعر الناس بالجوع وهم يائسون للغاية، ولهذا يجب أن نحصل على حراسة من الشرطة لجميع قوافلنا، مما يقيد مواعيد حركتنا وأعداد المركبات التي يمكننا ضمها إلى القافلة”.
حرب نفسية على قطاع غزة
بينما يؤكد مسؤولو الوكالات الإنسانية أن الحرب نفسها تظل أكبر عقبةٍ في طريق تسليم المساعدات. إذ يقولون إن القصف الإسرائيلي ومعارك الشوارع تجعل مهمة توفير الإمدادات للمحتاجين بأمانٍ مهمةً مستحيلة بالنسبة للعاملين.
حيث أفاد العاملون في مجال الإغاثة للصحيفة بأن قنوات تفادي الصراع مع القوات الإسرائيلية لا يُعوّل عليها، وأضافوا أنهم لا يستطيعون ضمان سلامة موظفيهم أو أسرهم.
في حين ذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن 152 من موظفي الأمم المتحدة قد قُتِلوا داخل قطاع غزة حتى الآن، “في أكبر خسارةٍ في الأرواح طوال تاريخ المنظمة”.