قلقٌ عارمٌ في دولة الاحتلال من إمكانية اندلاع الانتفاضة الثالثة المُسلحّة بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، بسبب العدوان الذي تشُنّه إسرائيل على قطاع غزّة، ومُواصلة الجنود والمُستوطنين تنفيذ الاعتداءات ضدّ الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، فيما تؤكِّد المصادر الوازنة في تل أبيب أنّ شعبية حركة (حماس) بالضفّة الغربيّة ارتفعت كثيرًا منذ الهجوم المُباغِت الذي شنّته الحركة بأكتوبر الفائت.
وأوضحت المصادر أنّه في حال اندلاع الانتفاضة الثالثة، فإنّها ستكون أكثر شراسةً من سابقتيْها، وأنّ الأسلحة متواجدة وبكثرة في مناطق الضفّة الغربيّة، لافتةً إلى أنّ التنسيق الأمنيّ بين سلطة رام الله والاحتلال ما زال مستمِّرًا، وبات بمثابة شراكةٍ حقيقيّةٍ للانتقام من (حماس).
إلى ذلك، ونقلاً عن مصادر مطلعةٍ بالمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، قال المحلل العسكريّ، في صحيفة (هآرتس)، عاموس هرئيل، إنّ هجوم الطعن والدهس في رعنانا لم يكن مفاجأةً كاملةً، إذ أنّه منذ بداية الحرب بقطاع غزة كانت هناك محاولات كثيرة من الضفة الغربية لتنفيذ هجماتٍ داخل الخط الأخضر.
وأضاف أنّ الأنفس متأججة في الضفة الغربيّة، وليس بالضرورة أنْ تكون هناك حاجة إلى أسلحةٍ ناريّةٍ لتنفيذ عملياتٍ. وأكّد أنّ التحذير الذي وضعه الشاباك والجيش الإسرائيليّ أمام المستوى السياسيّ واضحٌ وجليٌّ، وهو أنّه في الوقت الذي تحترق فيه غزة، وطالما لم تُخفّف الأزمة الاقتصاديّة في السلطة الفلسطينيّة، هناك خطر حقيقي من احتدام الوضع في الضفة، يتجاوز بكثير ما رأيناه منذ بداية الحرب، طبقًا لأقواله.
وأشار إلى أنّ اتسّاع حجم العمليات والإنذارات المتزايدة من وقوع العمليات، داخل الضفة الغربيّة، تواجهه قوات الاحتياط التي جرى استدعاؤها منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بدعمٍ من وحدات من حرس الحدود. ولفت إلى أنّ وحدة النخبة (دوفدوفان) أُعيدت إلى الضفة الغربية الأسبوع الماضي وأُخرجت من القتال في قطاع غزة لهذا الهدف.
في الختام، رأى أنّ هذا التغيير يشير إلى القلق في قيادة المنطقة الوسطى من احتمال فقدان السيطرة على الوضع في الضفة الغربيّة.
على صلةٍ بما سلف، حذّر الصحافيّ الإسرائيليّ البارز غدعون ليفي حكومة بلاده من انفجارٍ وشيكٍ لما وصفها بـ(طنجرة الضغط التالية في الضفة الغربية)، بسبب تصاعد اعتداءات المستوطنين الوحشيّة على الفلسطينيين، والتي تتنوّع بين القتل والتعذيب والاختطاف والتهجير والامتهان، متهمًا جيش الاحتلال بالمسؤولية عنها بشكلٍ مباشرٍ وغيرُ مباشرٍ.
وأكّد في مقال له بصحيفة (هآرتس): “وراء كلّ هذا هناك الغطرسة الإسرائيلية نفسها التي سمحت بوقوع مفاجأة 7 أكتوبر، حيث يُنظر إلى حياة الفلسطينيين على أنّها قمامة.”
وشدّدّ ليفي على أنّ التحذيرات التي تخرج من قادة بالجيش الإسرائيليّ حول ما يحدث بالضفة هي تحذيرات منافقة ووقحة تهدف لـ “التغطية على مؤخرة الجيش”، لأنّ المستوطنون ليسوا هم فقط مَنْ يرتكب المذابح الآن في الضفة.
وأضاف أنّ جنودًا بجيش الاحتلال يشاركون بشكلٍ مباشرٍ في المجازر اليومية ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية، منذ 7 أكتوبر الماضي، مدفوعين بالحقد ممّا يحد في غزة.
وبمشاركة المستوطنين، ارتكب الجنود حالات قتلٍ وتعذيبٍ واختطافٍ لفلسطينيين وتدميرٍ للنصب التذكاريّة، مثلما حدث مع النصب التذكاريّ للرئيس الفلسطينيّ الراحل ياسر عرفات في طولكرم.
ومضى قائلاً: “المستوطنون في حالةٍ من النشوة، ورائحة الدم والدمار المتصاعدة من غزة تدفعهم إلى أعمال شغبٍ لم يسبق لها مثيل، وتحت غطاء الحرب في غزة، ينتهزوا الفرصة لطرد أكبر عددٍ ممكنٍ من الفلسطينيين من قراهم، وخاصة الفقيرة والصغيرة، قبل الطرد الكبير الذي سيأتي بعد الحرب القادمة، أو التي تليها”.
وتابع ليفي: “الضفة الغربية تئن من الألم، ولا أحد في إسرائيل يريد أنْ يستمع إلى نداء العقل، المستوطنون ينشطون بشكلٍ جامحٍ ولا أحد في إسرائيل يحاول إيقافهم، فإلى أيّ مدى يمكن للفلسطينيين أنْ يتحملوا أكثر من ذلك، وسيكون على إسرائيل أنْ تدفع الفاتورة مهما حدث، وسيكون دمويًا للغاية”.
ورأى الصحافيّ ليفي أنّ: “الغطرسة الإسرائيليّة هي وراء كل الذي يحدث، ونحن نُفكِّر أنّه مسموح لنا أنْ نفعل أيّ شيءٍ، وأنّنا لن ندفع أبدًا الثمن ولن نعاقب على أفعالنا، سنستمر في غطرستنا وأفعالنا دون توقف. سنعتقل ونقتل ونسيء المعاملة، ونسلب ممتلكات الفلسطينيين، ونحمي عصابات المستوطنين التي تنفذ الاعتداءات في الأراضي الفلسطينية”.
واختتم بتصعيد انتقاداته للمستوطنين الذي قال إنّهم “تمادوا بالاعتداءات على الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة المحتلة بدعمٍ وغطاءٍ من حكومة نتنياهو وحراسة المؤسسة العسكريّة”، مؤكِّدًا أنّهم “يواصلون الصعود إلى ما يسمى جبل الهيكل (اقتحام المسجد الأقصى)، وفقط خلال عيد العرش اقتحم أكثر من 5 آلاف مستوطن الأقصى”، على حدّ تعبيره.