ذكر الله سبحانه وتعالي قصص الأنبياء في القرآن الكريم في أكثر من سورة، ليأخذ البشر منها الحكمة والعظة والعبرة، وأرسلهم الله تعالى لإصلاح حال البشر والدعوة إلى الدين، وتم تسمية أكثر من سورة بأسماء الأنبياء، مثل «يونس ويوسف وهود ونوح وإبراهيم وسيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم»، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز: «لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب»، ونستعرض خلال السطور التالية، قصة أحد الأنبياء الذي عرفة بصوته العذب الجميل.
تشكيل الحديد بين يديه
أعطى الله سبحانه وتعالي العديد من النعم لسيدنا داوود عليه السلام واستغلها أفضل استغلال، وكان بفضل الله يشكل الحديد بين يديه مثل «عجين الخبز» وكان يصنع الدروع للقتال والأشياء النافعة التي تصنع من الحديد، إذ قال تعالي في سورة الأنبياء: «وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لتحضنكم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ 80»، كما ورد في كتاب «قصص الأنبياء» لابن كسير.
نبي الله داوود
قال الله تعالى في سورة سبأ: «وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ. أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»، وقال الله تعالي في سورة ص: «وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ. إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ. وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفصل الْخِطَابِ».
وهب الله تعالي لسيدنا داود صوت عظيم لم يعطه لأحد، وكان إذا ترنم بقراءة كتاب الزبور يقف الطير بالهواء ليسبح بتسبيحه والجبال كانت تجيبه وتسبح برفقته كلما سبح بكرة وعشيا، إذ قال «الإمام الأوزاعي»: إنّ نبي الله داود أعطي من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط، وكان الطير والوحش ينعكف حوله حتى يموت من العطش والجوع، والأنهار تقف.
كان يهلك الطير من صوته
وجاء على لسان «وهب بن منبه»: «كان لا يسمعه أحد إلا حجل كهيئة الرقص، وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله ويعكف الجن والإنس والطير والدواب على صوته حتى كان يهلك بعضها من الجوع».