حذّر أحد أبرز الأكاديميين والباحثين الأردنيين من عملية “إبتزاز” تفصيلية وعميقة ستخضع لها المقاومة الفلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني في المرحلة المتقدمة بعد وقف العدوان على قطاع غزة.
وتقدّم الباحث الدكتور في علم المستقبليات وليد عبد الحي بمُداخلة أكاديمية مهنية تحدث فيها عن دراسة تفصيلية لمسالة إعادة إعمار غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية.
وقد اعتمد الدكتور عبد الحي في دراسته على الأسس والمعايير الرقمية وطبيعة الدول التي احترفت تقديم المساعدة المالية والاقتصادية للشعب الفلسطيني.
وفي الرأي الفني الذي قدّمه الدكتور عبد الحي على هامش ندوة متخصصة إشارة مباشرة منه بعد الدراسة والتمحيص إلى أن 82% من المساعدات التي قدمت للشعب الفلسطيني طوال السنوات الماضية كانت تعود الى ثلاثة اطراف اساسية اولها الولايات المتحدة وثانيها دول الاتحاد الاوروبي.
وفي المرتبة الثالثة حلّت بعض الدول الخليجية.
واعتبر الدكتور عبد الحي أن الوقوف بتأمل وتعمق مهم امام هذه الحقائق الرقمية ضروري لان ذلك يعني ان الكتلة الأكبر وبنسبه 82% من الدول التي قدمت للمؤسسات و للشعب الفلسطيني في الماضي مساعدات ومنح مالية هي نفسها الدول التي تقف في موقف عدائي وتخاصم اليوم مع المقاومة الفلسطينية فيما تبقت نسبة 18% لدول اخرى صديقة متنوعة من بينها الصين وروسيا.
وهي ليست في موقع متقدم ماليا ولا سياسيا حتى تؤثر في خارطة مشاريع إعادة الاعمار والاستنتاج الذي وصل له عبد الحي هنا أن هذه الكتل أو الدول في الشرائح الثلاثة ستمارس حالات ابتزاز لا شكوك فيها على المقاومة الفلسطينية وقد تؤدي الى تعذيبها في حال انتقال جميع الاطراف لمرحلة إدخال المساعدات والتنمية الاقتصادية واعادة اعمار القطاع المدمر الآن.
وطالب عبد الحي علنا بأن تنتبه فصائل المقاومة لهذه المعطيات وتبدأ الإستعداد لمواجهة حالة الابتزاز الكبيرة التي ستتعرض لها عند البدء بمفاوضات واتصالات مرحلة اعادة الاعمار.
ومن الاقتراحات التي تقدّم بها عبد الحي على فصائل المقاومة أن تبادر فورا الى إرسال وفود تمثلها وتمثل الشعب الفلسطيني لبعض الدول الاسلامية التي تتميز بمكانة إقتصادية ناجحة لدعوتها لتأسيس مبادرات للمساعدة المالية مثل اقامة صناديق لجمع التبرعات من الشعوب الاسلامية مثلا تجنبا كما قال لكل احتمالات وسيناريوهات ممارسة الابتزاز السياسي بأبشع صُوره.
وهنا يبرز الدكتور الباحث عبد الحي الأهمية العلمية والمهنية لبعض القواعد السياسية فقد قال مقربون من وزير الخارجية ايمن الصفدي في وقت سابق بان حركة حماس عليها ان تفهم عند اللحظة التي تبدأ فيها مشاريع إعادة الإعمار و معالجة مسألة النزوح في قطاع غزة فإن الحركة وفصائل المقاومة لن يجلسا على الطاولة.
ونقل عن مسئولين كبار في الاردن الإشارة إلى أن حماس لا تستطيع ان تكون في اي واجهة للحكم والادارة في قطاع غزة في مرحلة إعادة الاعمار لا بل نقل عن الوزير الصفدي قوله بان لديه من المعطيات ما يشير إلى أن حركة حماس تتفهّم ذلك وتفهمه.
ويعني ذلك أن غطاء عربيا يمكن توفيره لعملية الابتزاز التي يحذر منها و يتحدث عنها الدكتور عبد الحي وبالتالي البدائل الوحيدة قد تتمثل ماليا واستثماريا في بعض الدول الاسلامية وعلى راسها ماليزيا وتركيا في حالة المقاومة الفلسطينية لكن لا يوجد ما يوحي بأن تركيا يمكن أن تقدم المساعدة لوجستيا في اعادة الاعمار بسرعة وبشكل يحقق فائضا ويعفي فصائل المقاومة من ابتزاز محتمل بسبب ارتباطاتها بحلف الناتو وبالادارة الامريكية وايضا بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة في الداخل والواقع التركي.
بكل حال قرع الدكتور عبد الحي جرس الإنذار وما قاله ويقوله في هذا السياق يستوجب التأمل.