شددت مصر في بيان لوزارة خارجيتها، اليوم الأحد، على رفضها الكامل للتصريحات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى بشأن عزم تل أبيب شن عملية عسكرية فى مدينة رفح جنوب قطاع غزة
وحذرت مصر “من العواقب الوخيمة لمثل هذا الإجراء، لاسيما فى ظل ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة”.
وطالبت مصر بضرورة “تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية، التي باتت تأوي ما يقرب من ١،٤ مليون فلسطينى نزحوا إليها لكونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع. واعتبرت أن استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلى فى تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته، فى انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة”.
وأكدت على أنها سوف “تواصل اتصالاتها وتحركاتها مع مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين، داعيةً القوى الدولية المؤثرة إلى تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود، وتجنب اتخاذ اجراءات تزيد من تعقيد الموقف، وتتسبب فى الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء”.
القاهرة تلوّح بتعليق معاهدة السلام
وقال مسؤولان مصريان ودبلوماسي غربي، اليوم الأحد، إن القتال في رفح قد يؤدي إلى إغلاق الطريق الرئيسي لدخول المساعدات إلى غزة، بحسب وكالة “أسوشييتد برس”.
ويأتي التهديد المصري بتعليق اتفاقية “كامب ديفيد”، والتي تمثل حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي بالمنطقة منذ ما يقرب من نصف قرن، بعد قول رئيس الحكومة الإسرائيليية، بنيامين نتنياهو إن إرسال قوات إلى رفح “أمر ضروري لتحقيق النصر” في الحرب المستمرة، منذ أربعة أشهر على حركة حماس.
وفرّ أكثر من نصف سكان قطاع غزة -البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة- إلى رفح هربا من القتال في مناطق أخرى، وتكدسوا داخل مخيمات مترامية، وملاجئ تديرها الأمم المتحدة بالقرب من الحدود مع مصر.
وتخشى الحكومة المصرية تدفقا جماعيا لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، والذين قد لا تسمح لهم إسرائيل بالعودة أبدا.
وتأتي المواجهة بين إسرائيل ومصر، بالتزامن مع تحذير منظمات إغاثية بأن الهجوم على رفح من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي بالفعل في غزة، حيث فرّ نحو 80 بالمائة من السكان من ديارهم.
وتقول الأمم المتحدة إن ربع السكان في القطاع يواجهون مجاعة.
ونقلت قناة تلفزيون “الأقصى” التابعة لحماس عن مسؤول في حماس لم تذكر اسمه، قوله إن أي غزو لرفح من شأنه أن “ينسف” المحادثات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة ومصر وقطر والتي تهدف إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
وشدّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية على أن “التقارير حول خطط إسرائيل لإجلاء الفلسطينيين من رفح لتوسيع هجومها البري تثير قلقا بالغا”.
أين يذهب المدنيون؟
وفي مقابلة مع برنامج “هذا الأسبوع مع جورج ستيفانوبولوس” على قناة (أي بي سي نيوز)، أشار نتنياهو إلى أن المدنيين في رفح يمكن أن يفروا شمالا، مضيفا أن هناك “الكثير من المناطق” التي تم تطهيرها من قبل الجيش، وأن إسرائيل تعمل على تطوير “خطة تفصيلية” لنقلهم.
بيد أن الهجوم تسبب في دمار واسع النطاق، خاصة في شمال غزة، وما يزال القتال العنيف يدور وسط غزة ومدينة خان يونس الجنوبية.
ومن الممكن أن تؤدي عملية برية في رفح أيضا إلى إغلاق معبرها، ما يؤدي إلى قطع السبيل الوحيد لإيصال الإمدادات الغذائية والطبية التي تشتد الحاجة إليها.
وأكد المسؤولون الثلاثة التهديدات المصرية، وفق “أسوشييتد برس”. كما حذرت قطر والسعودية ودول أخرى من عواقب وخيمة إذا دخلت إسرائيل إلى رفح.
وكتب منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عبر منصة “إكس” أن “الهجوم الإسرائيلي على رفح سيؤدي إلى كارثة إنسانية لا توصف، وتوترات خطيرة مع مصر”.
كما حذر البيت الأبيض، الذي أرسل أسلحة إلى إسرائيل وحماها من النداءات الدولية لوقف إطلاق النار، من شن عملية برية في رفح في ظل الظروف الحالية، قائلا إنها ستكون “كارثة” للمدنيين.
وقامت مصر بتحصين حدودها مع غزة بشكل كبير، حيث أقامت منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات وجدرانا خرسانية فوق وتحت الأرض.
ونفت القاهرة المزاعم الإسرائيلية بأن حماس لا تزال تدير أنفاق تهريب تحت الحدود، قائلة إن القوات المصرية تتمتع بالسيطرة الكاملة على جانب الحدود؛ لكن المسؤولين المصريين يخشون من أنه إذا تم اختراق الحدود، فلن يتمكن الجيش من وقف موجة من الفارين إلى شبه جزيرة سيناء.
وتؤكّد الأمم المتحدة إن رفح، التي يسكنها عادة أقل من 300 ألف شخص، تستضيف الآن 1.4 مليون آخرين فروا من القتال المستعر في أماكن أخرى، وهي ”مكتظة للغاية”.
وقال نتنياهو إن حماس ما تزال لديها أربع كتائب هناك، مضيفا أن “أولئك الذين يقولون إنه لا ينبغي لنا أن ندخل رفح تحت أي ظرف من الظروف، يقولون في الأساس اخسروا الحرب، وأبقوا حماس هناك”.