هكذا تعمّدت “إسرائيل” قتل موظفي الإغاثة في غزة..

تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي البحث عن ذرائع، تبرّر من خلالها أن استهداف جيشها لسبعة من موظفي الإغاثة في قطاع غزة الليلة الماضية، كان “غير مقصود” و “من طريق الخطأ”، وبعد الاشتباه في وجود مسلّح وسط القافلة، إلا أنه يُستشف من معلومات أوردتها صحيفة “هآرتس” أن الجريمة كانت مع سبق الإصرار والترصد، بإطلاق ثلاثة صواريخ على القافلة، حتى عندما حاول بعض أفرادها إنقاذ زملائهم.

وعلى الرغم من ذلك، وصف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الاستهداف بأنه “غير مقصود من قبل قواتنا لأناس أبرياء في قطاع غزة”، مضيفاً أن “هذا يحدث في أوقات الحرب، ونحن نفحص ذلك بشكل كامل، ونجري اتصالات مع الحكومات المعنية، وسنفعل كل شيء لكي لن يتكرر هذا أبداً”.

من جانبه، قال الناطق العام بلسان جيش الاحتلال دانيال هغاري: “باعتبارنا قوّة عسكرية مهنية ملتزمة القانون الدولي، فإننا ملتزمون فحص عمليّاتنا بدقّة وشفافية. لقد راجعنا الحادثة على أعلى المستويات للنَّظر في ملابسات ما حدث وكيف حدث. سنفتح تحقيقاً لفحص هذا الحادث الخطير بشكل أكبر، ما سيساعدنا على تقليل مخاطر تكرار حدوث مثل هذا الحدث. وسيجري التحقيق في الحادثة من خلال آليّة تقييم وتقصّي الحقائق، وهي هيئة خبراء مستقلة ومهنية…سنصل إلى أساس ما حدث، وسنشارك النّتائج التي توصّلنا إليها بشفافية”.

ونقلت “هآرتس” عن مصادر أمنية إسرائيلية لم تسمّها، أن استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي أدى إلى استشهاد سبعة من موظفي الإغاثة في قطاع غزة الليلة الماضية، نُفذ بزعم الاشتباه في وجود مسلّح رافق القافلة، حيث أطلقت طائرة مسيّرة ثلاثة صواريخ، الواحد تلو الآخر.

وأضافت الصحيفة أنه من وصف الأحداث، تبيّن أن هناك قافلة مكوّنة من ثلاث مركبات تابعة لـ”المطبخ العالمي المركزي”، خرجت أمس في مرافقة شاحنة مساعدات متجهة إلى مخزن تابع للمنظمة في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة.

وأكدت وجود علامات واضحة على سقف المركبات وجوانبها، تشير إلى أنها تابعة للمنظمة، إلا أن المصادر الإسرائيلية التي تحدثت للصحيفة، والتابعة للوحدة المسؤولة عن تأمين المحور الذي سلكته القافلة، زعمت رصد مسلّح على الشاحنة، واشتباه قوات الاحتلال في أنه “مخرّب” على حد وصفها.

وتابعت مصادر الصحيفة أنه إلى حين استكمال العمليات التي سبقت الهجوم الذي حصل من خلال مسيّرة من نوع “زيك”، وصلت الشاحنة إلى المخزن مع المركبات الثلاث التابعة للمنظمة، وفيها سبعة متطوعين، بينهم فلسطينيان يحملان جنسية مزدوجة من الولايات المتحدة وكندا، وخمسة آخرون من مواطني أستراليا، وبريطانيا، وبولندا. وأضافت مصادر الصحيفة أنه “بعد دقائق معدودة من ذلك، تركت المركبات الثلاث التابعة لمنظمة الإغاثة المخزن من دون الشاحنة التي يبدو أنه رُصد مسلّح عليها”.

وزعمت المصادر الأمنية الإسرائيلية أن الشخص نفسه ترك منطقة المخزن، وأن المركبات اتجهت نحو محور جرى تنسيقه مسبقاً مع جيش الاحتلال الإسرائيلي. وفي مرحلة معينة خلال سير القافلة على المحور المسموح به، صدرت أوامر عن غرفة الطوارئ التابعة للوحدة الإسرائيلية المسؤولة عن تأمين محور الحركة، إلى مشغّلي الطائرة المسيّرة، لمهاجمة إحدى المركبات بواسطة صاروخ.

وشوهد عدد من المسافرين الذين كانوا في المركبات يخرجون منها لحظة إصابة الصاروخ، وينتقلون إلى مركبة من بين المركبتين الأخريين، ويتابعون سفرهم، وقد أخبروا المسؤولين عنهم بأنهم تعرّضوا لهجوم، ولكن بعد مرور ثوانٍ معدودة، أصاب صاروخ آخر مركبتهم. وبدأ ركاب المركبة الثالثة ينقلون إليها مصابين نجوا من الهجمة الثانية، بهدف إبعادهم عن أي خطر، وفي هذه اللحظة، أطلقت المسيّرة الإسرائيلية صاروخاً ثالثاً نحوهم، ما أدى إلى استشهاد المتطوعين السبعة في المنظمة الإنسانية.

ونقلت الصحيفة مزاعم أحد المسؤولين الأمنيين، الذي قال إن إسرائيل تفعل كل شيء “من أجل الاستهداف الدقيق للمخربين، ونعمل على الحصول على أي طرف خيط استخباري، وفي نهاية المطاف تقرر الوحدات المناورة إطلاق ذخيرة بصورة عشوائية ودون أي تحضير، في حالات لا علاقة لها أبداً بحماية القوات”.

ويدرك جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الحديث يدور عن جريمة خطيرة، قد تكون لها تبعات بعيدة المدى حتى على استمرار القتال في غزة، في ظل استنزاف إسرائيل الشرعية الدولية في الأسابيع الأخيرة.

وتستعد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لإرسال ممثلين إلى الدول التي وصل منها المتطوعون السبعة الذين استشهدوا، من أجل عرض نتائج التحقيق التي أعلنها جيش الاحتلال بشكل شخصي، على المسؤولين في حكوماتها.

والهجوم الذي وقع الليلة الماضية ليس الأول من نوعه الذي يُستهدف فيه أفراد من المنظمة، إذ عمد قناص في جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام، إلى إطلاق النار نحو مركبة كانت بطريقها إلى مخزن أغذية في منطقة خانيونس، وأدى ذلك إلى إصابة نافذة المركبة، فيما لم يُصب المتطوع الذي كان في داخلها.

وقدّمت المنظمة مباشرة بعد تلك الواقعة شكوى إلى الجيش الإسرائيلي، وطالبته بوقف إطلاق النار على عناصرها ومتطوعيها، وضمان سلامتهم خلال توزيعهم الغذاء في قطاع غزة، الذي يجري بتنسيق تام مع الجيش.