قررت الحكومة الإسرائيلية، مساء الخميس، اتخاذ “خطوات فورية” لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الذي يواجه أوضاعا كارثية في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وذلك في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل عقب الهجوم على قافلة لمنظمة “ورلد سنترال كيتشن” في غزة، أسفر عن مقتل سبعة من موظفي المنظمة.
وصدر القرار عن المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت الموسع)، الذي انعقد مساء اليوم، على وقع المخاوف من احتمال شن إيران هجوم انتقامي ردا على مقتل جنرالين إيرانيين في دمشق، وسط حالة من التأهب الاستنفار الأمني في إسرائيل وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج.
وفي بيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة بشأن اجتماع الكابينيت، جاء أن “الجيش الإسرائيلي مستعد لأي تطور ضد إيران، سواء على الصعيد الدفاعي أو الهجومي”، علما بأن نتنياهو قد ناقش “التهديدات الإيرانية” في مكالمة أجراها مساء الخميس مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، وقالت واشنطن إن بايدن أوضح أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بقوة في مواجهة هذا التهديد.
كما أوضح البيان أن “الكابينت خول كل من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، والوزير (في كابينيت الحرب، بيني) غانتس، باتخاذ خطوات فورية لزيادة المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في قطاع غزة”، وأضاف أن “هذه المساعدات ستمنع حدوث أزمة إنسانية وهي ضرورية لضمان استمرار القتال وتحقيق أهداف الحرب”.
وأفاد البيان بأنه “ستسمح إسرائيل، بناء على ما تقدم، بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل مؤقت عبر أسدود ومعبر إيرز وزيادة المساعدات الأردنية عبر معبر كرم أبو سالم”.
بدوره، انتقد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، وهو أحد أعضاء الكابينيت، البيان الصادر عن مكتب نتنياهو، الذي كذّبه ووصفه بأنه “ببساطة، غير صحيح”، وكشف أن أعضاء الكابينيت لم يصوتوا على “تخويل غالانت وغانتس” بشأن زيادة المساعدات الإنسانية لغزة، وتجنب بن غفير ذكر نتنياهو، علما بأن بيان مكتب رئيس الحكومة يقول إنه تم تخويل نتنياهو إضافة إلى غالانت وغانتس.
وشدد بن غفير على أنه وغيره من الوزراء “عارضوا الاقتراح، ومن المؤسف أن رئيس الحكومة تجنب طرحه للتصويت”، وتابع “الطريقة الصحيحة لإعادة الرهائن هي وقف إدخال المساعدات لغزة، والاشتراط بالحصول على خطوات إنسانية مقابل خطوات إنسانية. ومن المؤسف أنه بدلاً من الدخول إلى رفح، هناك من يفضل الانخراط في إدخال معدات إلى غزة تنتهي مباشرة في أيدي حماس”، وختم بن غفير بالدعوة إلى “اجتياح فوري لرفح”.
وكانت الولايات المتحدة قد وجهت، الخميس، أقوى توبيخ علني لإسرائيل منذ اندلعت الحرب على غزة، لتجعل الدعم المقدم للحرب الإسرائيلية، مرهونا بخطوات ملموسة تتخذها إسرائيل لضمان سلامة موظفي الإغاثة والمدنيين الفلسطينيين. وفي مكاملة مع نتنياهو، لوّح بايدن بـ”تغيير” سياسات إدارته بشأن الحرب على غزة وطالب بزيادة حجم المساعدات الإنسانية على غزة.
ودعا بايدن، وهو مؤيد قوي للحرب الإسرائيلية على غزة حتى الآن، إلى وقف فوري لإطلاق النار، خلال اتصال مع نتنياهو عقب هجوم إسرائيلي على قافلة “ورلد سنترال كيتشن” الخيرية. وقال البيت الأبيض إن بايدن “أكد ضرورة أن تعلن إسرائيل وتنفذ سلسلة من الخطوات المحددة والملموسة والقابلة للقياس لوقف الأذى الذي يلحق بالمدنيين والمعاناة الإنسانية وسلامة موظفي الإغاثة”.
وأضاف البيت الأبيض أن الرئيس “أوضح كذلك أن السياسة الأميركية في ما يتعلق بغزة ستتحدد على ضوء تقييمنا للإجراءات الفورية التي ستتخذها إسرائيل بشأن هذه الخطوات”.
ويعكس بيان البيت الأبيض تغيرا حادا في لهجة بايدن، ومجموعة من الشروط المرتبطة باستمرار الدعم الأميركي في سابقة هي الأولى من نوعها على ما يبدو. ويدعم بايدن إسرائيل بقوة حتى في ظل سعي حكومات أخرى إلى ممارسة مزيد من الضغوط على إسرائيل.
وتمثل تعليقاته المرة الأولى التي تشير فيها واشنطن إلى أنها ستجعل دعمها المستمر مشروطا. ومن خلال الإشارة إلى احتمال تغيّر السياسة الأميركية بشأن غزة إذا لم تعالج إسرائيل المخاوف المتعلقة بالوضع الإنساني في القطاع، عبر بايدن عن استيائه بعد ضغوط متزايدة من قاعدته السياسية ذات الميول اليسارية في الحزب الديمقراطي لوقف قتل الفلسطينيين وتخفيف حدة الجوع بين المدنيين.
وأحجم جون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض، عن الاستفاضة في التغييرات المحددة التي ستجريها الولايات المتحدة في سياستها بشأن إسرائيل وغزة، وذلك خلال إفادة صحافية عقب الاتصال. وقال إن واشنطن تأمل في أن ترى إعلانا عن الخطوات الإسرائيلية خلال “الساعات أو الأيام المقبلة”.
وذكر البيت الأبيض أن بايدن شدد خلال الاتصال على “ضرورة وقف إطلاق النار لتحسين الوضع الإنساني وحماية المدنيين الأبرياء”. وأضاف البيت الأبيض أن بايدن حث نتنياهو على تمكين المفاوضين الإسرائيليين من التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي بروكسل، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن إسرائيل “لا بد أن تكون على قدر هذه اللحظة” من خلال زيادة المساعدات الإنسانية وضمان أمن من يقدمونها. وأضاف بلينكن “إذا لم نر التغييرات التي نحتاج إلى رؤيتها، فستكون هناك تغييرات في سياستنا”.