إسرائيل اليوم – بقلم وزير الجيش الاسرائيلي بيني غانتس
الحائط الحديدي، مقال جابوتنسكي الشهير، سبق أوانه، وصمم مفهوم الأمن الإسرائيلي، المفهوم الذي ما زال يرافقنا حتى يومنا هذا. قال جابوتنسكي وعن حق، إن الحائط الحديدي وحده الذي سيرغّب أعداءنا في الوصول إلى حلول وسط: “لن يوافق الشعب الحي على تنازلات بوسائل عظيمة ومصيرية كهذه إلا إذا فقد الأمل، حين لا يرى في الحائط الحديدي حتى ولا شق واحد. عندها فقط تفقد جماعات متطرفة شعارها هو “ولا بأي حال” سحرها، وينتقل التأثير إلى الجماعات المعتدلة”.
هكذا هو الحال اليوم حيال نظام آية الله المتطرف في إيران. يجب أن ننصب حياله حائطاً حديدياً دولياً، وخصوصاً حائطاً حديدياً إسرائيلياً. ولكن وضع إسرائيل ليس كوضع الحاضرة اليهودية في بلاد إسرائيل في العشرينيات من القرن الماضي. الحائط الحديدي الذي كتب قبل 98 سنة يعبر عن وضع من الهم الوجودي، لحاضرة صغيرة مع أحلام كبيرة.
إن قوة إسرائيل العسكرية التي أعتز بأن أكون جزءاً من مصمميها حين توليت منصب رئيس الأركان وبنيت الخيار العسكري حيال إيران، واليوم كوزير دفاع يقود المنظومة مع رئيس الوزراء وعموم الوزراء، هي خيار كبير ومستقر وصلب. الحائط الحديدي الذي حلم به جابوتنسكي، قام وتكوّن.
لقد بني من خلال منظومات أمنية تعمل بلا انقطاع، من خلال جيش قوي، مع قدرات للدفاع عن إسرائيل، ومن خلال معركة سياسية مركبة تقودها إسرائيل على مدى السنين.
الاتفاق النووي الذي وقّع في فيينا في 2015، رغم معارضة إسرائيل الصاخبة والبارزة، شكل فشلاً في المعركة السياسية. الدرس الذي يجب أن يستوعب بسيط – الحائط الحديدي يبنى بالأفعال وليس بالأقوال.
الخيار العسكري ضروري
الأفعال قبل كل شيء هي قدرتنا على الدفاع عن أنفسنا والتشويش على أعمال أعدائنا. والخيار العسكري الإسرائيلي المصداق سيخدم القوى العظمى أيضاً، وهو ضروري لنصب حائط حديدي حيال إيران ودفعها إلى الحلول الوسط. لن يكون اتفاقاً جيداً وقوياً وواسعاً دون خيار عسكري مصداق.
وتتضمن الأفعال نقل المعلومات الاستخبارية والمعلومات بشكل عام، وإيجاد أذن مصغية لدى شركائنا بعامة وصديقتنا الأفضل، الولايات المتحدة، بخاصة. وتثبيت النهج القائل بأن إيران هي قبل كل شيء المشكلة العالمية والإقليمية، وبعد ذلك الإسرائيلية – هو بداية المحاور.
في هذا الوقت، تواصل إيران بناء مشروع النووي الذي سيؤدي إلى خطر وجودي لإسرائيل، وإلى سباق تسلح إقليمي. أفعالنا كحكومة واضحة، وعلى رأسها أننا سنعمل وسنمنع عن إيران الوصول إلى حافة النووي.
ننقل ونتقاسم المعلومات مع شركائنا، ونُسمع صوتنا بشكل واضح، ونحرص على أن يكون هناك من يستمع بأننا نفعل هذا في الأماكن الصحيحة وحيال الأشخاص الصحيحين. نقيم تحالفات هادئة مع جهات عديدة لها مصلحة مشتركة معنا. ونعمل بطرق يكون الصمت فيها جميلاً، ونوسع ونطور قدراتنا العملياتية كل الوقت. لرئيس الوزراء السابق نتنياهو حقوق كثيرة في أمن إسرائيل، ولكن طريقة العلنية حيال الولايات المتحدة أضرت بقدرتنا على مناطق التقدم الإيراني. في الفترة الأخيرة لولايته، طرأ ارتفاع بنحو درجة في قدرة إيران. وهذا السلوك عرّض مكانة إسرائيل في نظر الولايات المتحدة كمن هي مدعومة من الحزبين، للخطر.
عن هذا قيل: ما الأقوال إن لم تكن الصمت؟ الأقوال وأكوام الأقوال ليست الحل. الحائط الحديدي يبنى بالأفعال، وبالعمل الهادئ، والسيزيفي والمركب للزعماء والقادة والمقاتلين. أمن إسرائيل ليس موضوعاً للخصام والشقاق السياسي، بل للتعاون والمسؤولية. وأتوقع من رئيس الوزراء السابق نتنياهو أن يسهم في هذا المجال بتجربته، وألا يمس بجهود إسرائيل – وبالفعل هناك ما نتعلمه.
أيها المواطنون الإسرائيليون، أعدكم بأننا نفعل كل ما يمكن مع شركائنا، نحمي استقلالنا ونطور قوتنا. نؤمن بقدرتنا على منع كل تهديد وجودي.
من يؤمن بقوته، لا حدود له.