خصوم جمعتهم "الحفرة".. مصير "إسرائيل" بيد "القادة الأعداء"
2024 Apr,20
يتحمل مجلس الحرب المؤلف من 5 أشخاص، مسؤولية اتخاذ القرارات الاستراتيجية في مرحلة صعبة للغاية تمر بها إسرائيل عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر، وما تلاه من حرب في غزة وتصاعد للتوترات مع إيران وأذرعها في المنطقة.
واتخذ المجلس مؤخرا قرارا بالرد على الهجوم الإيراني الذي استهدف إسرائيل قبل أسبوع تقريبا، وقرر توجيه ضربة محدودة الجمعة، استهدفت بحسب تقارير إسرائيلية قاعدة أو اثنتين من القواعد العسكرية الإيرانية.
المجلس المكون من سياسيين متنافسين بالأساس منهم رئيس الوزراء الإسرئيلي بنيامين نتنياهو وزعيم المعارضة بيني غانتس، يتمتع بسلطة عليا فيما يتعلق بمسائل الحرب الأكثر أهمية، مثل العمليات العسكرية في غزة ومحادثات الرهائن المتعثرة مع حماس، وما إذا كان ينبغي فتح جبهة ثانية ضد حزب الله في لبنان.
وقرر المجلس، الذي يجتمع في مكان سري للغاية في تل أبيب يعرف باسم "الحفرة" ويحظر بداخله استخدام الهواتف المحمولة، أن الرد على إيران يجب أن يكون محدودا.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن المحلل السياسي الإسرائيلي نداف شتراوشلر قوله: "واجه الأشخاص الخمسة في تلك الغرفة قرارا يمكن أن يكون أحد القرارات الثلاثة أو الأربعة الأكثر أهمية منذ تأسيس إسرائيل عام 1948".
وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على الديناميكيات الداخلية للمجلس: "إنهم جميعا يكرهون بعضهم البعض، هذا أمر مؤكد".
أعضاء المجلس
تضم المجموعة الخماسية بالإضافة لنتنياهو، غانتس زعيم المعارضة ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق الذي نافس نتنياهو في 5 انتخابات أخيرة، ويتفوق الآن عليه في استطلاعات الرأي.
كما تضم وزير الدفاع يوآف غالانت، وهو منافس من داخل حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، والذي حذر علنا العام الماضي من أن محاولات الحكومة لإعادة تشكيل السلطة القضائية تؤدي إلى انقسام الجيش وتضر باستعداده.
وأقال نتنياهو غالانت في خطاب متلفز مثير، لكنه اضطر إلى التراجع في مواجهة الاحتجاجات الحاشدة في الشوارع.
كما تضم المجموعة رون ديرمر، سفير إسرائيل السابق في واشنطن وأحد أقرب مستشاري نتنياهو، وغادي آيزنكوت رئيس أركان سابق آخر للجيش الإسرائيلي ينحدر من حزب الوحدة الوطنية الذي ينتمي إلى يمين الوسط بزعامة غانتس.
تشكلت هذه المجموعة بعد 5 أيام من شن حماس هجوما مفاجئا داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص وسحب 253 آخرين إلى غزة كرهائن.
وكان مجلس الوزراء الأمني التابع للحكومة، وهي مؤسسة معترف بها بموجب القانون الإسرائيلي، سيدير الحرب في غزة، لكن حالة انعدام الثقة التي نتجت شعبيا عقب هجوم 7 أكتوبر والإخفاقات الأمنية في صده، دفع كبار القادة في إسرائيل لصياغة اتفاق بين عدة أطراف متنافسة بالأصل في الداخل الإسرائيلي، نتج عنه تشكيل مجلس الحرب الخماسي الذي يتولى الآن مسؤولية اتخاذ قرارات الحرب الحساسة.
وهمّش المجلس الحربي مجلس الوزراء الأمني، الذي يضم أكثر من 10 أعضاء بما في ذلك الوزراء الأكثر تطرفا في ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف، واشتهر بأنه لجنة غير عملية ومعلوماتها عرضة للتسريب.
ويقول المسؤولون العسكريون إنهم لا يحبون أخذ معلومات سرية أمام مجلس الوزراء الأمني، لأنها غالبا ما تظهر في وسائل الإعلام في غضون ساعات، في حين أن قادة المجلس الحربي الخمسة يجتمعون في مكان سري ويسلمون هواتفهم المحمولة قبل الاجتماعات حفاظا على السرية.
وتابعت وسائل الإعلام الإسرائيلية المناقشات التي تجري في المكان السري، وتشير التقارير إلى أن غالانت دفع في الأسابيع الأولى من الحرب باتجاه شن هجوم ضد حزب الله، كما دعا غانتس وآيزنكوت في كثير من الأحيان إلى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث دمرت الحرب هناك البنية التحتية وألحقت خسائر فادحة بالسكان الفلسطينيين.
لكن الانقسامات أصبحت أكثر وضوحا مع مرور الوقت، ولم يظهر غانتس وأيزنكوت وغالانت مع نتنياهو في بعض الإحاطات الإعلامية.
وفي شهر فبراير، حصلت وسائل الإعلام الإسرائيلية على رسالة من آيزنكوت إلى زملائه الأعضاء، ينتقد فيها عدم قدرة الهيئة على اتخاذ قرارات استراتيجية.
وأشار آيزنكوت، الذي قُتل ابنه أثناء القتال في غزة العام الماضي، إلى تعثر الجهود للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن والتخطيط لبديل مدني لحكم حماس بعد الحرب.
وفي أوائل شهر مارس، سافر غانتس إلى واشنطن لإجراء محادثات غير مصرح بها مع مسؤولي الإدارة الأميركية، مما أثار غضب حلفاء نتنياهو الذين اتهموه بمحاولة "دق إسفين" بين الإسرائيليين.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، دعا غانتس، الذي تفوق على نتنياهو في استطلاعات الرأي، إسرائيل إلى إجراء انتخابات في سبتمبر.
وقال رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية يوهانان بليسنر لـ"واشنطن بوست": "الخلافات تشمل أيضا تجنيد المزيد من الإسرائيليين المتشددين ودور السلطة الفلسطينية بمستقبل غزة".
وأضاف أن حكومة الحرب "عملت بشكل جيد في البداية، لكن بعد ذلك أدت القضايا السياسية العامة إلى تدهورها".
ورغم أن الهجوم الإسرائيلي على إيران شاركت فيه طائرات شبحية وربما مسيّرات، فإنه لم يلق رد فعل قويا من طرف طهران التي لم تتوعد حتى بالرد، وهو ما اعتبر إعلانا عن نهاية جولة التصعيد بين البلدين.
وأعرب المجتمع الدولي وإسرائيل وإيران عن أملهم في أن تنهي الغارات الجوية، الجمعة، سلسلة خطيرة من الهجمات والهجمات المضادة استمرت 19 يوما، وهو اختبار علني للغاية بين خصمين عتيدين لم يصلا في السابق إلى حد المواجهة المباشرة.