بوليتيكو: جامعة كاليفورنيا- بيركلي في وجه العاصفة للحدّ من نشاطات مؤيدي فلسطين

نشر موقع  مجلة “بوليتيكو” تقريراً حول الجدل داخل جامعة كاليفورنيا- بيركلي، وحرية التعبير، والتظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، ودعوات المشرعين اليهود في كاليفورنيا الجامعة للحدّ من انتشار معاداة السامية في حرم الجامعة.

وجاء في التقرير، الذي أعدّه بليك جونز، أن حرم جامعة بيركلي يعاني اضطرابات لم يشهد مثلها في تاريخه. وقالت المجلة إن الانتقادات لها ضخمت من التحديات التي تواجه جامعة كاليفورنيا- بيركلي، بعد ستة أشهر من الحرب على غزة. وأضافت أن قادة الجامعة يواجهون ضغوطاً من الديمقراطيين في الولاية، في وقت لم تظهر فيه إشارات عن تراجع الاضطرابات النابعة عن حرب غزة.

وهاجمت الكتلة اليهودية من المشرعين في مجلس الولاية الجامعة وطريقة معالجتها للعداء ضد الطلاب والأساتذة اليهود أثناء الحرب. ويدفعون في مجلس الولاية باتجاه تشريع قوانين لمواجهة معاداة السامية، ورداً على الأحداث، بما في ذلك احتجاج عنيف لمتحدث إسرائيلي، بنهاية شباط/ فبراير، أدى لإخلاء الطلاب اليهود. وقال جيسي غابرييل، الذي ترأس اتحاد الطلاب بالجامعة عام 2002: “لا شيء  يؤشر أكثر من فشل جامعتنا في حماية الطلاب وحرية التعبير”.

وفي الوقت الذي لم يطلب الجمهوريون في الكونغرس من جامعة كاليفورنيا- بيركلي تقديم شهادة أمام لجانه، تواجه واحدة من ست جامعات على مستوى الولايات المتحدة تحقيقات من الجمهوريين بتهم معاداة السامية ومن قسم الحريات المدنية في وزارة التعليم.

وفي لقاءات خاصة، ضغط المشرعون في مجلس ولاية كاليفورنيا على مديرة الجامعة كارول كرايست ورئيس النظام في الجامعة مايكل  في دريك بشأن الطريقة التي تمت فيها معالجة مظاهر معاداة السامية، وأصدروا بيانات عامة عبّروا فيها عن عدم رضاهم من معالجة الجامعة الموضوع.  وتتزايد المواجهات المتوترة، والتشهير، ونشر صور، والمعلومات عن الناشطين، والخلافات داخل الأقسام، والحوادث التي انتشرت بشكل سريع بين الطلاب أثناء حفلات التخرج في كلية القانون إلى التوترات المستمرة في حرم الجامعات الأمريكية.

 وهي توترات لم تشهدها جامعة كاليفورنيا في تاريخها، حيث قالت كرايست، في مقابلة معها، بشهر شباط/فبراير: “هذا مختلف، لأن الطلاب هم ضد الطلاب”، و”الكليات ضد الكليات، وهي أكثر الخلافات الداخلية التي شاهدتها” في مسيرتها العملية كرئيسة للجامعة، والتي تمتد على أربعة عقود.

ولم تأت الرقابة على حرم جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وحرم ستة فروع لها، من مجلس الولاية، بل من مكتب حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم الديمقراطي، الذي زار إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر. وبعد الرحلة كان “أول لقاء عقده الحاكم، وقبل أن يلتقي بقادة اليهود وقادة المجتمع، هو مع قطاعات التعليم العالي في الولاية للحديث عن مناخ  حرم الجامعات”، وذلك حسب مستشار نيوسوم، جيسون إليوت. وقال: “كان يريد التأكد من حصول أعضاء المجتمع اليهودي على الحماية ورابطتهم بولايتنا”.

وقبل هجمات تشرين الأول/ أكتوبر، كان طلاب الجامعة في مقدمة النشاطات الناقدة لإسرائيل، وأنشأوا فرعاً اسمه “بيرز فور بالستاين” كفرع لـ “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، وقاد الطلاب محاولة فاشلة في  2015 لإجبار الجامعة على الابتعاد عن إسرائيل.

وزاد الانقسام في جامعة كاليفورنيا بعد حرب غزة. وأصدرت “بيرز فور بالستاين” بياناً دافعت فيه عن حق المقاومة للفلسطينيين بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر: “ندعم المقاومة، وندعم حركة التحرر وبدون أي شك ندعم الانتفاضة”.

 واستخدمت رئيس لجنة التعليم في مجلس الولاية، الجمهورية فيرجينيا فوكس، البيان كدليل، وكذا حادث شباط/ فبراير، عندما طلبت وثائق من الجامعة في آذار/مارس.

وظلت التظاهرات المضادة سلمية، باستثناء حادث هوجم فيه طالب يهودي كان يحمل العلم الإسرائيلي بزجاجة مياه معدنية. لكن المزاج تغيّر عندما تم تعطيل محاضرة لمحامٍ إسرائيلي اسمه ران بار- يوشوفاط ، وجندي سابق في الجيش الإسرائيلي، حيث هوجم باب القاعة وكسرت نافذتها. وقالت يهودية حضرت اللقاء إنها شعرت بالاختناق، وطلبت مساعدة طبية. ونشر مكتب كرايست مزيداً من الحراس، وشجبت التظاهرة، وعاد بار- يوشوفاط مرة ثانية إلى حرم الجامعة بدون مشاكل. لكن الحادث استخدمه بعض المشرعين والطلاب لإظهار أن حرم الجامعة لم يعد مكاناً آمناً. واعترفت كرايست أن هناك “حساً بالخوف الجسدي يشعر به الطلاب، سواء كانوا من أنصار إسرائيل أو فلسطين”. وحملت منصات التواصل الاجتماعي المسؤولية عن تأجيج الخوف في حرم الجامعات، وكذا أخبار الغزو البري الإسرائيلي لغزة. وقالت: “يبدو أن الطلاب يكبتون حسّ العنف الذي من المخيف رؤيته في الشرق الأوسط الآن”.

ويضاف إلى هذا الشعور التهديد بالتشهير ونشر صور الطلاب وهوياتهم، كما تقول كرايست والذي “يقود لحس من العجز والشعور بالضعف الذي يشعر به العديد من طلابنا”، ويزداد الشعور هذا عندما يتم نشر المعلومات الخاصة على الإنترنت، وبنيّة خبيثة.

ووصف عضو في منظمة “بيرز فور بالستاين”، فرع منطمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين، عدداً من الحالات التي تم فيها نشر معلومات خاصة بطلاب فصله، وعرضها على شاحنة كبيرة خارج الجامعة. وقال الطالب: “الكثير من أنصار فلسطين يشعرون بعدم الراحة للظهور نتيجة لهذا”.

ودفع الطلاب اليهود إدارة الجامعة لمنع النشاطات المؤيدة لفلسطين من الاعتصام أمام بوابة الحرم. لكن الإدارة رفضت، قائلة إن احتلال جزء من البوابة عادي ولا يعتبر خرقاً لقوانين الجامعة، لكن قادة الحرم الجامعي ركّبوا كاميرات لمراقبة التظاهرات وحماية لسلامة الطلاب. وساعدت طالبة يهودية اسمها حنا شالكتر في تقديم دعوى قانونية بمعاداة السامية ضد الجامعة. وساهمت شهادتها أمام اللجنة التعليمية في مجلس النواب وتجربتها في الحرم الجامعي بقرار اللجنة التحقيق في جامعة كاليفورنيا- بيركلي.

ولفتت الجامعة انتباه الرأي العام، هذا الشهر، عندما شوهد عميد كلية القانون إيروين تشيمرنسكي في مواجهة مع المؤيدين لفلسطين أثناء حفلة للطلاب المتخرجين في بيته. وشوهدت زوجته كاثرين فيسك وهي تحاول أخذ هاتف من محتج، ما عقد من النقاش العام حول حق التعبير بناء على التعديل الأول في الدستور الأمريكي.

 ودافع تشيمرنسكي، في الماضي، عن حق المؤيدين لفلسطين في التعبير عن آرائهم في الحرم الجامعي، لكن جماعة طلابية دعت، قبل أيام من الحفل، لمقاطعة حفل التخرج في بيت عميد كلية القانون اليهودي بسبب “تواطئه بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني”. ونشرت دعوة المقاطعة على أنستغرام، حيث احتوى المنشور على صورة ساخرة للعميد وهو يحمل طنجرة يسيل منها الدم، ولكن الصورة حذفت لاحقاً. وقال تيشمرنسكي، في  منشور: “أليس هذا مثالاً واضحاً على استخدام مجاز فدية الدم”.

وطالبت كتلة اليهود الديمقراطيين بمنع استخدام كلمة “إبادة” في حرم الجامعات، ومطالبة الإدارات الجامعة بتعديل قواعد السلوك، وهي فكرة وافق عليها الحاكم نيوسوم. وكانوا يردون على حادث حصل في حرم جامعة كاليفورنيا، سانت بربارة، والذي علق فيه ملصق يخبر الطلاب اليهود: “تستطيعون الهرب، لكن لا تستطيعون الاختفاء”.

 ولعب المسؤولون المنتخبون دوراً في مساءلة الجامعات الأخرى بشأن معالجة معاداة السامية، وكانت جامعة بنسلفانيا الأكثر عرضة للضغط، بحيث أدى لاستقالة مديرتها ليز ماغيل، وكذا رئيسة هارفارد كلودين غي. وتم التركيز في بيركلي على الموظفين والعاملين إلى جانب الطلاب والناشطين، وهذا يأتي مع أن الجامعة معروفة بتاريخها في الدفاع عن الحريات المدنية في ستينات القرن الماضي.