أن تبدأ من الصفر مسألة في غاية الصعوبة، خاصة في عصرنا الحالي، مع تطوّر التكنولوجيا السريع وتبدّل متطلبات المتلقّي اليومية. وقد واجه الثنائي رؤى سوادي ومحمد بلال الحصري كل التحدّيات التي فُرضت عليهما في الغربة، ووجدا نفسيهما محاصرَين بخيارات قاسية وحسّاسة، فاختارا تغيير هذا الواقع برحلة بدأت بالصدفة على “إنستغرام” واستُكملت بنجاح كبير على الـ”يوتيوب” والـ”تيك توك”.
بعد دراستهما للهندسة الميكانيكية، غادرت رؤى العراقية وزوجها سوري الأصل، سوريا إلى تركيا ومنها إلى كندا حيث يقيمان الآن، وكان لهذا التغيير الكبير في حياتهما بالتزامن مع استقبال طفلتهما الأولى ميلا تأثير كبير في حياة الشابة، التي عانت الاكتئاب في الغربة لكونها وحيدة وتتحمّل المسؤوليات بمفردها. عندها قدّم لها بلال كاميرا للتسلية لتبدأ معها رحلة الألف ميل من تحت الصفر، وانطلقا عام 2017 في عالم السوشيال ميديا وحصدا نجاحاً كبيراً وصل إلى ما يقرب من 8 ملايين متابع على صفحاتهما في مواقع التواصل الاجتماعي وحقّقا ملايين المشاهدات، وتمكّنا من الحصول على المرتبة السابعة عام 2022 كأكثر قناة صاعدة بالـSHORTS وبعدد المشتركين خلال ذلك العام.
الغربة تزيد عدد متابعي رؤى وبلال
بدأت رحلة الثنائي بالصدفة وكـ”فشّة خلق” بسبب الوحدة وانعدام الحياة الاجتماعية في الغربة وبهدف البحث عن أشخاص حتى وإن كانوا افتراضيين للتواصل معهم وملء حياتهم بالحركة، وسرعان ما أصبحا من أهم ملوك المقاطع التمثيلية الكوميدية والـ Trends على تطبيق TIKTOK. ويقول الزوجان: “واجهنا الكثير من الصعوبات في البداية، لأننا بدأنا من صفر متابع ولم يكن لدينا أي معرفة بمشاهير السوشيال ميديا الأقوياء حينذاك، ولم نحصل على دعم من أحد رغم أننا طلبنا المساعدة من البعض ولكنهم رفضوا، ومع ذلك ثابرنا وبذلنا مجهوداً كبيراً وتمكّنا من تقديم أفكار مختلفة نالت استحسان المشاهدين، وسرعان ما زاد عدد متابعينا بشكل مُطرد”.
محتوى كوميدي نابع من الحياة اليومية
وتوضح رؤى أن “المحتوى الكوميدي وُلد بفعل الواقع، كوني أنا عراقية وبلال سوري الجنسية فنحن نواجه في حياتنا الطبيعية اليومية الكثير من المواقف العفوية بسبب اختلاف اللهجات والعادات والتقاليد، فاستغلّينا هذه الميزة في حياتنا الزوجية وعملنا سلسلة من المقاطع الطريفة عن اختلاف اللهجات التي تفاعل معها الناس وباتت “تريند”، ومن ثم طوّرنا محتوانا وبتنا نكتب “اسكتشات” تمثيلية طريفة، وما زلنا مستمرّيَن في تطوير محتوانا الكوميدي”.
وعن مقاطع الطبخ، تقول رؤى: “بدأتُ الأمر كهواية، فأنا من طفولتي لديّ فضول للتعلّم واكتساب المهارات في الطبخ لأنني أعشق الأكل، وكنت دائماً أسأل أمي وجدّتي عن الطريقة وتعلّمت منهما الكثير واكتسبت الخبرة وطوّرت نفسي لأتمكّن من تقديم محتوى طريف يتفاعل معه الجمهور بحماسة”. وتضيف: “أفكارنا مستمدَّة في الغالب من حياتنا اليومية ونحن نترجمها إلى فكرة تمثيلية، وأحياناً نأخذ بعض الأفكار التريند من قنوات أخرى ونعدّلها لتتناسب مع محتوانا ونقدّمها على طريقتنا”.
الرأي العام تغيّر والـShorts هو البديل
وتلفت رؤى إلى أن “محتوى القنوات العائلية على “يوتيوب” تراجع في العامين الأخيرين، بسبب متطلبات العصر الحديث وتطوّر التكنولوجيا السريع، فباتت الأمور أكثر صعوبة وتعقيداً، وأصبح المُشاهد يفضّل المقاطع القصيرة والسريعة بمحتوى مسلٍّ وجاذب، لهذا السبب توجّهت غالبية القنوات إلى ميزة الفيديوهات الـshort الموجودة على “يوتيوب” كبديل يحقق لها الأرباح المادية كما هو الحال مع “تيك توك”، حيث بات التفاعل مع المقاطع القصيرة 3 أضعاف المقاطع الطويلة، وبالتالي لم يتأثر اليوتيوبرز بمسألة الأرباح ولم يكن هناك أي اختلاف، بل بالعكس المقاطع القصيرة أسهل للتصوير وتحقق المزيد من المشاهدات والأرباح”.
ويؤكد بلال أن عدد المتابعين على صفحاتهما مسؤولية كبيرة، قائلاً: “بتنا مؤثّرَين في عددٍ كبيرٍ من المشاهدين، لأن محتوانا غير مبتذل، فمقاطع الطبخ العفوية تفيد الشابات الصغيرات في تعلّم الطهو، وكذلك الأمر بالنسبة الى محتوانا الكوميدي، فنحن نسعى لإيصال رسائلنا البسيطة بعفوية علّنا نرسم ضحكة على وجوه الناس في ظل المشاكل والهموم والصعوبات التي نواجهها. كما نحرص دائماً على تطوير ما نقدّمه كي نحصد المزيد من النجاح، لأن النجاح ليس له نهاية”.
الحياة كلها سوشيال ميديا
ويوجّه الثنائي نصيحة الى كل من يرغب في دخول عالم السوشيال ميديا بأن يبدأ بسرعة اليوم قبل الغد، من دون أن يضع أمامه الأعذار، بل يسعى إلى تحقيق حلمه وشغفه وينطلق من الصفر. يكفي أن يقدّم الشخص محتوى هادفاً يحقق من خلاله شغفه لأن كل مناحي الحياة تتجه حالياً نحو السوشيال ميديا.
وعن مشاريعهما المستقبلية، يؤكد بلال أن “كندا دولة جميلة وقدّمت لنا الكثير، ولكنها بعيدة جداً عن موطن أهلنا وأصدقائنا وأقاربنا، لذلك نسعى في المستقبل للانتقال الى إحدى الدول العربية، كما أننا في صدد إطلاق “براند” خاص بنا، ولكن لا تزال المنتجات قيد الدراسة لتكون أسعارها مقبولة وفي متناول الجميع”.