قال رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية ومسؤول ملف الأسرى بالحركة، زاهر جبارين، إن الحركة لديها المزيد من الأوراق التي لم تستخدمها بعد، ولديها القدرة على “فرض المزيد من الشروط على عدونا”، منوها إلى أن “الضفة ستفاجئ العدو قريبا، وسنشهد فصولا جديدة من الإبداع الفلسطيني المقاوم”.
وشدّد جبارين، وهو عضو الوفد المفاوض بحركة حماس، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، على أن موافقة حركة حماس على الورقة التي قدّمها الوسطاء (مصر وقطر) لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لم تأتِ تحت ضغوط.
وقال: “لقد مورست على الحركة ضغوط كبيرة ميدانية وسياسية ودبلوماسية، ولكن هذه الضغوط تم استيعابها، ولم تستطيع أن تغير في موقف الحركة. ويمكننا القول اليوم إن الضغوط العسكرية والسياسية تراجع تأثيرها بشكل كبير، وإن اتجاه الضغوط اليوم على نتنياهو وحكومته”.
وأشار جبارين إلى أن “الجميع اليوم سواء وسطاء أو حتى الولايات المتحدة الأمريكية، وأطراف دولية وإقليمية، باتت على قناعة بأن نتنياهو وحكومته هم مَن يعرقلون الوصول إلى اتفاق، وأن محاولته التلويح بالأوراق مثل عملية رفح أو الضغط على الوسطاء لا يجدي نفعا، ولن يجدي نفعا”.
ولفت القيادي البارز بحركة حماس، إلى أن “كل احتمالات التصعيد في الضفة الغربية موجودة، وأعتقد أن الضفة ستفاجئ العدو كما فعلت في كل مرة؛ فنحن شعب واحد نواجه احتلالا ومصيرا واحدا، ونخوض معركة واحدة”.
وألمح إلى أن ما حدث في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ربما يتكرر بصورة أو بأخرى في الضفة الغربية، مؤكدا أن “المقاومة مستمرة حتى إنهاء الاحتلال وتحرير فلسطين، والسابع من تشرين الأول/ أكتوبر كان فصلا مُشرّفا من هذه الفصول، وستبقى المقاومة تبدع في أدواتها ووسائلها وتخرج للاحتلال من حيث لا يحتسب ولا يتوقع”.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع “عربي21”:
هناك تساؤلات كثيرة بشأن عملية كرم أبو سالم وتوقيتها وهناك اتهامات بسوء تقدير للحركة وتسبّبها في التعجيل بهجوم رفح.. كيف ترى مثل تلك الاتهامات؟
نسمع مثل هذه الاتهامات منذ بداية هذه الحرب، بل وربما منذ بداية النضال الفلسطيني. المقاومة ليست سببا لجرائم الاحتلال؛ فالمقاومة هي نتيجة طبيعية في وجه الاحتلال.
والاحتلال ارتكب مجازره ويستمر بجرائمه فبعد كل الذي فعله في غزة هناك مَن يُحمّل المقاومة المسؤولية حول تعجيل الهجوم هنا أو هناك.
عملية كرم أبو سالم كانت رسالتها وتوقيتها مهم جدا في سياق سعي المقاومة لوقف هذا العدوان، ومنع الاحتلال من التفرد بشعبنا، وإبقاء قواته في القطاع، ومن أجل إيصال رسائل مفادها أن المقاومة ما زالت لديها القدرة الكبيرة، والكبيرة جدا، لدفع الاحتلال نحو إعادة حساباته في حال قرّر مواصلة تواجده في القطاع أو فكر في عملية في رفح فإن تداعيات هذه العملية ستكون وبالا على الاحتلال على المستوى السياسي والعسكري.
هل جاءت الموافقة على الاتفاق المطروح تحت ضغط عملية رفح التي شرع بها الاحتلال وكذلك ما أثير بشأن ضغوط متعلقة بإمكانية غلق مكتب الحركة في الدوحة؟
حركة حماس لديها استراتيجية تفاوضية واضحة منذ اليوم الأول، ووضعت مجموعة من الأهداف من أجل تحقيقها في نهاية هذا المسار التفاوض، وهي باتت معروفة لدى الجميع بضرورة وقف إطلاق النار، وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، وعودة النازحين، وضمان إغاثة الشعب الفلسطيني، وإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال، وفي إطار صفقة تبادل مُشرّفة.
ولقد مورست على الحركة ضغوط كبيرة ميدانية وسياسية ودبلوماسية، ولكن هذه الضغوط تم استيعابها، ولم تستطيع أن تغير في موقف الحركة. ويمكننا القول اليوم إن الضغوط العسكرية والسياسية تراجع تأثيرها بشكل كبير، وإن اتجاه الضغوط اليوم على نتنياهو وحكومته.
فالجميع اليوم سواء وسطاء أو حتى الولايات المتحدة الأمريكية، وأطراف دولية وإقليمية، باتت على قناعة بأن نتنياهو وحكومته هم مَن يعرقلون الوصول إلى اتفاق، وأن محاولته التلويح بالأوراق مثل عملية رفح أو الضغط على الوسطاء لا يجدي نفعا، ولن يجدي نفعا.
هل من الممكن أن تنتقل قيادة الحركة لدولة أخرى خلال الفترة المقبلة في إطار المراجعة التي أعلنت قطر القيام بها بشأن دورها في الوساطة، بشكل أدق هل تبحث قيادة حماس عن مقر جديد لمكتبها السياسي؟
قيادة حماس موجودة في فلسطين في الداخل والخارج في قطاع غزة، وفي الضفة، وفي القدس، وفي عدد من الدول العربية. وقيادة الحركة تُمارس أدوارها دون انقطاع، وقد مرّت الحركة وتواجدها في الخارج بالعديد من المراحل، وفي كل المراحل كانت الحركة تحافظ على خطها ومسارها السياسي، واستطاعت أن تدير علاقات جيدة وطيبة مع معظم الدول في المنطقة. وهذا الموضوع هو إثارة إعلامية يقف خلفها الاحتلال وليس هناك نقاش مع أي طرف من الأطراف في المنطقة حول هذا الموضوع.
بعد اتساع الدور المصري مؤخرا خلال الاتفاق الأخير، هل من الممكن أن نرى مكتب تمثيل مُجددا للحركة في القاهرة؟
أدوار الوسطاء في هذه المفاوضات متواصلة، وهناك تنسيق عالٍ بين الحركة والوسيط المصري والقطري في مختلف المراحل. والحركة تدير علاقتها مع الدول بعدة أشكال وطرق، ونحن نركز على مضمون العلاقة ومخرجاتها السياسية التي تخدم شعبنا أكثر من تركيزنا على الآليات. والعلاقة مع مصر لها تاريخ ممتد، وهي علاقة جيدة وتأتي في سياق خدمة مصالح شعبنا وقضيتنا.
والأسئلة والاستفسارات المتعلقة بالموقف المصري يمكن توجيهها للمسؤولين المصريين للإجابة عنها.
ما حقيقة تلقي الحركة إشارات بشأن رفض إطلاق سراح بعض رموز النضال الفلسطيني أو ما يعرف بكبار الأسرى مثل مروان البرغوثي وعبد الله البرغوثي وأحمد سعدات؟
بلا شك أن قيادات الحركة الوطنية الأسيرة ورموزها هم محط اهتمام قيادة حركة حماس. وموقفنا في هذا الصدد واضح بأننا لن نقبل بوضع الاحتلال فيتو على أي من الأسرى لا سيما قيادات الحركة الأسيرة.
هناك تساؤلات بشأن مصير الأسرى العسكريين لدى المقاومة، وهل حقا من بينهم جنرالات؟
نحن ومنذ اليوم الأول لا ندخل في تفاصيل الأسرى لدى الحركة، وهذا متروك للمفاوض الفلسطيني، ولا يمكن تقديم معلومات مجانية في هذا الإطار؛ فهذا ظرف حساس يتطلب مسؤولية من الجميع.
تمت الإشارة في المقترح الذي وافقتم عليه مؤخرا إلى عملية إعادة الإعمار والتعويضات.. فمَن الذي سيتحمل تكلفة تلك التعويضات؟
الاحتلال مسؤول عن جرائمه التي ارتكبها في غزة، وهو يتحمل تبعات ذلك العسكرية والسياسية والاقتصادية والمالية، ونحن في مسار تفاوضي طويل، ولدينا المزيد من الأوراق التي لم نستخدمها بعد، ولدينا القدرة على فرض المزيد من الشروط على عدونا.
أثارت تصريحات سابقة للدكتور خليل الحية بشأن إمكانية تخلي حماس عن السلاح حال إقامة دولة فلسطينية، جدلا واسعا، حول مدى اختلاف ذلك عن انتقادكم لحركة فتح بعد أوسلو.. فهل من الممكن أن توضح مضمون ما أشار له خليل الحية؟
موقف الحركة إزاء ذلك واضح. المقاومة بكافة أشكالها، وعلى رأسها المقاومة المسلحة هي استراتيجية ثابتة لدى الحركة، ولم يأتِ على لسان أي من قيادات الحركة، ولا سيما الأخ القائد الدكتور خليل الحية، أي حديث عن تخلي الحركة عن سلاحها، وللحركة برنامجها المعروف وهويتها الواضحة التي تجسدت في العملية البطولية صبيحة يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر وجسدتها دماء قادة الحركة ومجاهديها.
هل حقا حماس مستعدة للانضمام لمنظمة التحرير وللتخلي عن سلاح المقاومة؟
موقف الحركة من منظمة التحرير حُسم منذ سنوات، والأمر لا يتعلق بموقف الحركة أو أي من فصائل المقاومة من منظمة التحرير. المشكلة اليوم فيما يخص منظمة التحرير هو تعنت طرف بعدم الدخول في مسار إصلاح المنظمة لتصبح الإطار الوطني الفلسطيني الشامل الذي يجمع الكل الفلسطيني وفقا لأسس ديمقراطية واستنادا لانتخابات حرة ونزيهة وتمثيل شرعي مُعتبر يعطي كل ذي وزن وزنه.
أما السؤال عن تخلى الحركة عن سلاح المقاومة فهذا السؤال غير موجود على أجندة الحركة مطلقا ولا في أدبياتها ولا في خطابها، ولا في برامجها، ولا في مآلاتها المستقبلية. الحركة مُلتزمة بمسارها الاستراتيجي بمواصلة مقاومة الاحتلال حتى تحرير فلسطين.
هل من الممكن أن تكون هناك خطط لتوسيع حجم المواجهة بين الاحتلال والمقاومة في الضفة الغربية بعد توقف إطلاق النار في غزة؟
المعركة في الضفة الغربية لم تتوقف منذ سنوات، وهي في حالة تصعيد منذ ما يزيد عن 10 سنوات، وشهدت عمليات نوعية للمقاومة، وقدّمت الضفة الغربية خيرة شبابها في مواجهات باسلة مع جنود الاحتلال في كل مدن ومخيمات وقرى الضفة.
وكل احتمالات التصعيد في الضفة الغربية موجودة. وأعتقد أن الضفة الغربية ستفاجئ العدو كما فعلت في كل مرة؛ فنحن شعب واحد نواجه احتلالا واحدا، ومصيرا واحدا، ونخوض معركة واحدة.
هل ما حدث في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وارد تكراره في الضفة الغربية أم أن الظروف المختلفة تعيق حدوث ذلك؟
المقاومة مستمرة حتى إنهاء الاحتلال وتحرير فلسطين، هذا هو مسار الحركة الراسخ، والسابع من تشرين الأول/ أكتوبر كان فصلا مُشرّفا من هذه الفصول، وستبقى المقاومة تبدع في أدواتها ووسائلها وتخرج للاحتلال من حيث لا يحتسب ولا يتوقع. وهذا ديدن شعبنا منذ انطلاق نضاله ضد الانتداب البريطاني، وبعد ذلك ضد الاحتلال الصهيوني، وقد قدّم نماذج متعددة لن يكون السابع من تشرين الأول/ أكتوبر آخرها، وسنشهد فصولا جديدة من الإبداع الفلسطيني المقاوم.