يؤكد جنرال إسرائيلي بارز في الاحتياط أن على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الاختيار بين بن غفير وسموتريتش وبين الانتصار في الحرب، مؤكداً أن الإدارة السياسية الفاشلة حولت إسرائيل، في نظر العالم، إلى “بلطجي خطِر لا يمكن السيطرة عليه”، وسكّير ضيّعَ طريقه، ويضرب كل مَن يقف في وجهه.
ويقول الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف، في مقال نشره موقع القناة العبرية 12، إن إسرائيل تشهد أزمة سياسية عميقة مع الولايات المتحدة لم يسبق أن مرّت بها في الماضي، لا في سنة 2015، خلال المواجهة بشأن الموضوع النووي بين نتنياهو وإدارة أوباما، ولا في أزمة العلاقات بين كيسنجر وغولدا مئير، خلال حرب 1973، ولا لدى فرض قيود على السلاح، عام 1948، معتبراً أن ما يجري ليس جدلاً بشأن طريقة العمل، بل أزمة ثقة كبيرة بين الرئيس الأمريكي ورئيس الحكومة الإسرائيلية. ويرى الجنرال الإسرائيلي أن إدارة بايدن، التي قرأت بصورة صحيحة ما جرى في 7 أكتوبر، وقفت فوراً إلى جانب إسرائيل، فأرسلت حاملتَي طائرات، وحذّرت “حزب الله” وإيران بصورة لجمت ألسنة اللهب في مواجهة إسرائيل.
ويضيف: “كما أخذت أمريكا مهمة التصدي لجبهة الحوثيين على عاتقها، فوضعت طائراتها للدفاع عن إسرائيل في مواجهة الهجوم الإيراني، في 14 نيسان/أبريل. هيئة الأركان العامة والقيادة الوسطى الأمريكية كانتا في إسرائيل على الدوام، منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر، ونشأت التزامات وعلاقات غير مسبوقة بين رئيس الأركان ووزير الدفاع يوآف غالانت والقيادة العسكرية الأمريكية”.
كما يستذكر زيف وصول جسر جوي إلى إسرائيل مع إمداد مستمر بالذخيرة. أما على المستوى السياسي، فقد دافعت الولايات المتحدة عن إسرائيل في الأمم المتحدة، وفي محكمة لاهاي الدولية، وقاتلت بشراسة من أجل استعادة المخطوفين من مواطنيها. ومؤخراً، خصصت الإدارة ميزانية 14 مليار دولار. ومن أجل إسرائيل يخاطر بايدن بحملته الانتخابية.
تحاشي قتل المدنيين
منوهاً بأن كل ما طلبه الأمريكيون في مقابل ذلك، هو أن تتجنّب إسرائيل قتل غير الضالعين في القتال خلال الحرب، وعدم المسّ بالمساعدات الإنسانية التي استخفت بها إسرائيل.
ويوضح أنه عندما رأى الأمريكيون أن ليس لدى إسرائيل أيّ خطة إستراتيجية للحل في غزة في “اليوم التالي للحرب”، اقترحت الولايات المتحدة عليها خطة سياسية تتضمن ضمانات، لكنها تجاهلتها، وللدقة، لم تناقشها… على الرغم من الدعم الأمريكي، لم يشكر نتنياهو، علناً، الولايات المتحدة والائتلاف الذي هبّ للدفاع عن إسرائيل، وهو يتعامل مع الدعم الأمريكي كأنه بديهي وواجب.
خطورة تصريح بايدن
ويقول زيف إن جوهر الأزمة بين إسرائيل والولايات المتحدة هو عدم الثقة المطلقة برئيس الحكومة نتنياهو، الذي يعتبره الأمريكيون خطراً على مصالحهم، وعلى أمن إسرائيل بحد ذاتها.
مؤكداً أن هذه المشكلة أكبر بكثير من رفح، وتهدد استقرار العلاقات، وتقوّض أمننا القومي، ويقول إن وقف تصدير السلاح الذي تحتاج إليه إسرائيل للمحافظة على قوتها، هو فقط إحدى المشكلات، فالأزمة تُلحق الضرر بردعنا، وتشجع “حزب الله” وإيران على الاعتقاد بأن إسرائيل ضعيفة، وتؤذي صورتنا الدولية، وتُلحق الضرر بمكونات الأمن القومي، وبالحصانة الاقتصادية التي تعاني جرّاء وضع صعب.
العمى السياسي
وفي نطاق رؤيته النقدية، يرى زيف، وهو قائد سابق لغرفة العمليات في جيش الاحتلال، أن العمى السياسي الذي تعانيه حكومة نتنياهو طوال الحرب، ولا سيّما الآن، بعد وقوعها في قبضة بن غفير وسموتريتش اللذين يمنعان التوصل إلى حلّ سياسي في غزة، يجعل إسرائيل تغرق في الوحل الغزّي.
ويتابع: “على الرغم من احتقار نتنياهو لهما، فإنه يخاف منهما، وغير قادر على التفكير المنطقي المطلوب. إن عدم قدرة رئيس الحكومة على اتخاذ القرارات أدى إلى خسارة إسرائيل كل أدوات الضغط التي تملكها”.
وينوه أنه “بدلاً من مواجهة الحقيقة، بنى رئيس الحكومة نتنياهو حوله نظرية منفصلة عن الواقع، بحجة أن بايدن ضعيف، ولا يعارض كل ما تريده إسرائيل، وكل ما هو مطلوب المماطلة نصف سنة حتى يُستبدل، ومحاولة التمسك بواقع وهمي، مفاده أن الحرب مستمرة، على الرغم من أنها انتهت منذ وقت”.
ويؤكد زيف أن الإدارة السياسية الفاشلة حولت إسرائيل، في نظر العالم، إلى “بلطجي خطِر لا يمكن السيطرة عليه”، وسكّير ضيّع طريقه، ويضرب كل مَن يقف في وجهه. ويدلل على ذلك بالقول إن “دول العالم كلها ابتعدت عنا، حتى الولايات المتحدة أيضاً، العمود الفقري لإسرائيل، فهي توشك على منعها من استخدام سلاحها، الأمر الذي سيعرّض هذه الأخيرة لخطر وجودي حقيقي”.
خسارة التحالف الإقليمي
ويمضي في توصيف ملامح الأزمة بين بايدن ونتنياهو: “لم يعد بايدن يصدّق نتنياهو، ولا يصدق اعتباراته، ولا يؤمن بقدرة إسرائيل، بزعامة نتنياهو، على الانتصار على “حماس”، ويعتبر العملية في رفح كارثة ستلحق بالولايات المتحدة وإسرائيل، واتخذ قراراً صعباً كي يعترف بفشل إسرائيل في القضاء على “حماس”، واستمرار وجود هذا التنظيم “الإرهابي”. لقد قرر، بدلاً من نتنياهو، بذل كل شيء من أجل إعادة المخطوفين ومنع احتلال رفح، وبهذه الطريقة، أعطى ضمانات للمحافظة على “حماس”، لقد فرض على إسرائيل، فعلياً، إنهاء الحرب. الاتفاق الإقليمي مع السعودية أصبح ثنائياً، وبقيت إسرائيل خارجه، الأمر الذي ألحق ضرراً إستراتيجياً كبيراً بمستقبل أمن إسرائيل”.
هزيمة سياسية
ويقول زيف إن “السنوار، الذي فشل عسكرياً، رجحت كفّته، بعد أن حصل على شهادة تأمين من نتنياهو وسموتريتش على طبق من فضة، ونجح سياسياً في تحويل الإنجاز العسكري للجيش الإسرائيلي إلى هزيمة سياسية لإسرائيل”.
ويعتبر، ضمن رؤيته هذه، أن “المخربين”، “في أغلبيتهم، خرجوا من القطاع، ولم يبقَ لإسرائيل ضمانات بشأن إنهاء الحرب في الشمال، الأمر الذي يفهمه نصر الله، ويصعّد بسببه”.
ويضيف: “أمام إسرائيل فرصة أخيرة للتغيير، وأن تطرح، الآن، حلاً سياسياً يوافق عليه كلٌّ من الولايات المتحدة ومصر والدول العربية البراغماتية، والدخول في صفقة مخطوفين، وبذلك تحوّل الهزيمة إلى إنجاز كبير. لكن الخطوة الأولى ليست حيال “حماس”، بل أن يستجمع نتنياهو الشجاعة المطلوبة لمواجهة وزيرَيه المتطرفَّين. ومن دون ذلك، ستبقى “حماس”، وستضطر إسرائيل إلى إنهاء الحرب. القرار واضح، فإمّا بن غفير والهزيمة، وإمّا انتصار إسرائيل في الحرب