5 أزمات أمام القادة العرب في قمة البحرين

تستضيف البحرين، الخميس، أعمال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الثالثة والثلاثين، وذلك للمرة الأولى في تاريخ انعقاد القمم العربية العادية والطارئة.

ويأتي انعقاد القمة العربية بالمنامة 2024، في ظل سياقات إقليمية ودولية ضاغطة على المنطقة العربية، أدت إلى تزايد التحديات المعقدة والمتداخلة معًا، وبما يتطلب ضرورة التوصل إلى قرارات بنّاءة تُسهم في تعزيز التضامن العربي، ودعم جهود إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. وتهدف قمة البحرين إلى تعميق التعاون والترابط والدفع بآليات العمل العربي المشترك، والإبقاء على تشاور وتنسيق مستمر مع الأشقاء؛ لبحث القضايا ذات الاهتمام والمصير المشترك، وتغليب المصلحة العربية، واستثمار هذا الحدث لرسم مسارات الازدهار لأبناء المنطقة ومستقبلها.

وفى ظل التحديات المعقدة التي تواجه المنطقة العربية، سواءً على مستوى تفاعلات الإقليم أو على مستوى تفاعلات النظام الدولي، تناقش القمة العديد من القضايا والملفات المرتبطة بمواجهة تلك التحديات التي تؤثر على مستقبل تفاعلات النظام الإقليمي العربي داخليًا وخارجيًا.

القضية الفلسطينية

تُعد القضية الفلسطينية بندًا رئيسيًا على جدول أعمال القمم العربية، وهو ما أكده الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط في تصريحات له في 21 أبريل 2024 من أن القضية الفلسطينية مطروحة على كل اجتماعات الجامعة العربية، وأنه تتم مناقشتها من قِبل العديد من الدول العربية، وقد عبّر عن تلك الأهمية أيضًا السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، عندما أشار إلى أن الاجتماع المقبل لمجلس الجامعة سيتطرق إلى تداعيات استمرار الحرب في غزة.

كما سيتم خلال الاجتماع الاستماع إلى إحاطة معمقة من المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز. وبالتالي، فإن ملف العدوان الإسرائيلي على غزة والتهديد الإسرائيلي بالاجتياح البري لمدينة رفح الفلسطينية، يتطلب من القادة العرب قدرًا مناسبًا من التنسيق للتوصل إلى موقف عربي موحد يضغط لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، بالتنسيق مع القوى الدولية وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تزال ترفض وفق تصريحات مسؤوليها أي اجتياح لرفح الفلسطينية دون الأخذ في الاعتبار سلامة المدنيين الموجودين بها.

الأزمة السودانية

وتشكل الأزمات في دول الصراعات العربية، أبرز القضايا المطروحة بشكل دائم على جدول أعمال القمم العربية، فالأزمة السودانية تدخل عامها الثاني دون وجود أي أفق سياسي لتوقف الحرب التي تهدد أمن السودان واستقلاله، ووحدته وسلامته الإقليمية في ظل صراعات وانقسامات داخلية بين مكونات المجتمع السوداني، بما في ذلك مكونه العسكري الأمني الذي يتجسد في كيانات عسكرية نظامية وأخرى غير نظامية، أدت إلى نزوح ما يقرب من ستة ملايين سوداني داخل السودان وخارجه. لذلك فإن هناك حاجة ملحة لأن يتم احتواء الصراع في السودان.

الأزمة الليبية

كما تشكل الأزمة الليبية أيضًا تحديًا للأمن القومي العربي، بما يجعلها ضمن الملفات المحتملة على أجندة القمة العربية المقبلة، لا سيما أن المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا عبدالله باتيلي عبّر عن قلقه مما وصفه باستمرار الجمود السياسي الحالي للأزمة السياسية في ليبيا، وعواقبه على الوضعين الأمني والاقتصادي للمواطنين الليبيين.

ونجحت الجامعة العربية في عقد لقاء بين الأطراف الرئيسية في الأزمة الليبية مارس 2024، وبرغم اتفاق رؤساء مجالس، الرئاسي، محمد المنفي، والنواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة محمد تكالة بمقر الجامعة على ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على الانتخابات، إلا أن ذلك التعهد لم يترجم على أرض الواقع.

الأزمة اليمنية

أما على صعيد الأزمة اليمنية، فإن توقيع الاتفاق السعودي – الإيراني باستعادة العلاقات الدبلوماسية، سيكون له تأثيره على التهدئة في اليمن بين الفرقاء، بما يعطي للجامعة العربية إمكانية أن تساعد في دعم الحوار اليمني – اليمني، حتى تتمكن مؤسسات الدولة من القيام بأدوارها وصولًا لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

الأزمة الإثيوبية – الصومالية

تشكل الأزمة الإثيوبية الصومالية إحدى القضايا المحتمل أن تطرح على أجندة أعمال القمة العربية المقبلة، لا سيما بعد أن وقّعت إثيوبيا اتفاقًا مع إقليم أرض الصومال – غير المعترف به دوليًا– لإنشاء ميناء تجاري وقاعدة عسكرية في مدخل البحر الأحمر.

وقد أعربت الجامعة العربية على لسان المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة، جمال رشدي، عن رفض وإدانة أي مذكرات تفاهم تحل أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية، كما أكد البرلمان العربي رفضه التام لأي محاولات لانتهاك سيادة واستقلال ووحدة الصومال، مطالبًا إثيوبيا بالالتزام بقواعد ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

الأمن الغذائي العربي

وتنعقد القمة في ظل ظروف اقتصادية استثنائية فرضتها حالة الاضطراب وعدم الاستقرار الأمني في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى التأثيرات المتسارعة للتغيرات المناخية وانعكاساتها على مجمل الملفات الاقتصادية والتنموية الأخرى المطروحة، والتي من المؤمل طرحها أمام قمة البحرين.

ويمثل الأمن الغذائي العربي أحد أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية، الأمر الذي أكده تقرير صادر في مارس 2024 عن كل من منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، والإسكوا بأن مستويات الجوع وسوء التغذية وصلت إلى مستويات حرجة في المنطقة العربية، بسبب جائحة كوفيد 19 والحرب في أوكرانيا التي أعاقت إمكانية الحصول على الأغذية الأساسية.

كما كشف التقرير أن ما يقدر بنحو 53.9 مليون شخص عانوا من انعدام الأمن الغذائي الشديد في المنطقة العربية في عام 2021.

اللاجئون في المنطقة العربية

تمثل قضية اللاجئين في المنطقة أحد التحديات التي تواجه دولها، سواءً أكانت من دول الإرسال أو الممر أو الاستقبال، بما تمثله من عبء اقتصادي وإنساني وثقافي على الدول المستقبلة، فعلى سبيل المثال وفقًا لأحدث تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة بشأن تتبع عمليات النزوح حول العالم، أجبر أكثر من 7.7 ملايين سوداني على الفرار من منازلهم، منهم 6 ملايين داخل السودان، بينما فر 1.7 مليون آخرون عبر الحدود إلى دول جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا ومصر وجمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا. لذلك تعد قضية اللاجئين في المنطقة العربية من القضايا التي تحتاج لمناقشات بنّاءة داخل أروقة القمة العربية المقبلة بالبحرين، حتى لا تتحمل دول بعينها التكلفة الاقتصادية لتلك الظاهرة من دون مشاركة فعّالة من الدول العربية والمجتمع الدولي بشكل عام.

الحرب الروسية الأوكرانية

تشكل الحرب الروسية الأوكرانية أحد الملفات المحورية على أجندات القمم العربية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية فبراير 2022، لا سيما أن البيان الختامي للقمة العربية بالجزائر في نوفمبر 2022 شدد على الالتزام بمبادئ عدم الانحياز، وبالموقف العربي المشترك من الحرب الذي يقوم على نبذ استعمال القوة، والسعي لتفعيل خيار السلام عبر الانخراط الفعلي لمجموعة الاتصال الوزارية العربية التي تضم الجزائر، ومصر، والأردن، والإمارات، والعراق، والسودان، والأمين العام لجامعة لدول العربية في الجهود الرامية لبلورة حل سياسي للأزمة يتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويراعي الشواغل الأمنية للأطراف المعنية، مع رفض تسييس المنظمات الدولية.