اعتراف إسرائيلي: هزيمتنا الاستراتيجية على كل الأصعدة تقترب

ما زالت تتردد مخاوف دولة الاحتلال الإسرائيلي، بكون “الهزيمة” على جبهة الشرعية تعرض الاحتلال للخطر من خلال إصدار أوامر دولية أكثر صرامة بوقف الحرب، وضرورة إدخال المساعدات، وقرارات اعتقال الجنود والضباط، بجانب السياسيين.

وجاءت هذه المخاوف، خاصة عقب إعلان دولة الاحتلال، عن رفضها لقرار محكمة العدل الدولية، القاضي بوقف العدوان الجاري على رفح، وتبنّي الإدارة الأمريكية لموقف الاحتلال. 

وفي السياق نفسه، زعم رون بن يشاي، وهو الخبير العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن “الاحتلال يمكن له أن يتعايش مع قرارات محكمة العدل الدولية في لاهاي، لأن الأمر الذي أصدرته بوقف القتال في رفح ليس ملزماً، بل مشروط، لأنه يقرن استمرار العملية في رفح بعدم تأزّم الوضع الإنساني للفلسطينيين فيها، وبذلك تكون المحكمة قد تبنت بالفعل موقف الإدارة الأمريكية”.

وأضاف بن يشاي، أن “هذا التعايش المحتمل من قبل الاحتلال مع القرارات الدولية يجب أن يكون مصحوبا بتحذير مفاده أن نشاط العناصر اليمينية المتطرفة الإسرائيلية لوقف المساعدات المتجهة إلى غزة يصبّ في مصلحة جنوب أفريقيا، وغيرها من أنصار حماس حول العالم، لأن سلوك “المتهورين” الإسرائيليين الذين يقومون بتخريب حمولة الشاحنات، قد ينتج عنه أوامر أكثر خطورة وإضرارا بدولة الاحتلال الإسرائيلي، لأنهم يتصرفون بطريقة “هستيرية”، ويتسببون في أكبر ضرر لإسرائيل”.

وأشار إلى أن “الأضرار الناجمة عن قرار المحكمة الدولية بإسرائيل ستزداد مع استمرار تصريحات الوزراء والسياسيين في الائتلاف اليميني الحالي، التي تعتبر ذخيرة قانونية ودعائية في أيدي أعداء إسرائيل”.

وأوضح بأن “هذا ينطبق أيضًا على جنود جيش الاحتلال الذين يقومون بتحميل مقاطع فيديو ونصوص تحريضية من غزة، ويسببون ضررًا هائلاً لشرعية الاحتلال في استمرار الحرب ضد حماس في غزة، لأنهم جميعاً لا يفهمون أن جبهة الشرعية، ذات الجانب القانوني والسياسي والإعلامي، قوية وكبيرة، وهناك خشية كبيرة أن إسرائيل قد تُهزم فيها”.

من جهته، لم يتردّد أمير بوخبوط، وهو المراسل العسكري لموقع “ويللا” العبري، في الاعتراف بأن “أسس دفاعات الجيش قد تحطمت، وليس من المؤكد أننا نجحنا في استعادتها، لأنه بعد مرور أكثر من سبعة أشهر منذ أن فاجأتنا حماس بنجاحها في السابع من أكتوبر؛ وبعد فترة طويلة من الفشل، فلا يجد الإسرائيليون حتى الآن الأمن المناسب لهم، لأن الفيديو الذي نشر قبل يومين كشف عن حجم الصعوبات والصدمات المثيرة للقلق التي عاشها الجنود الإسرائيليون، بل ويشير إلى قائمة طويلة من الإخفاقات”. 

وأضاف أن “مرور قرابة ثمانية أشهر على اندلاع حرب غزة ما زال يذكرنا بكيفية نجاح مقاتلي حماس بكسر خط التماس الحدودي الذي يشمل سياج “الساعة الرملية” الجديد، المحاط بالمراقبة المستمرة وجمع المعلومات الاستخبارية، وقد فشل أيضاً، رغم أن فيه تشكيلات الدفاع الرئيسية للجيش، إضافة للمواقع الاستيطانية الأخرى على طول خط الحدود”. 

وأوضح أن “ما يواجهه الجيش اليوم من عمليات في قلب غزة، هو استمرار لحالة الفشل في إنجاز المهمة الأساسية، والفشل في إعادة الوضع لطبيعته قبل السابع من أكتوبر، مما يشير إلى انهيار منهجي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وينبع من عدم جاهزية قواته في الدفاع، وعدم تخصيص قوات احتياطية متنقلة، الأمر الذي لا يبقي أمام قادته ما يقولونه للدفاع عن أنفسهم، باستثناء أنهم لم يتوقعوا سيناريو 60 نقطة اقتحام على الخط الحدودي”.

إلى ذلك، تكشف هذه الاعترافات الإسرائيلية المُتلاحقة، أنّنا أمام إخفاقات على المستوى الاستراتيجي، أي على مستوى هيئة الأركان العامة للجيش، وهذا هو التعبير الأوضح والأعمق عن المفهوم الذي عاشته طوال فترة الحرب، وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الجيش لم يكن مستعدا بما فيه الكفاية لهذه الحرب، واستعاض عن عدم استعداده هذا، بشنّ حرب تدميرية همجية دموية ضد الفلسطينيين في غزة، والنتيجة أن الأمن لا زال غير مطبق بشكل صحيح، وعملية التحقيق متعثرة، ولا يزال الإسرائيليون مختطفين لدى حماس.

عربي21