| رزق «حسن» على «عربية تين».. حكاية طالب شقيان «مانسيش حلم الجامعة»

يدفع عربة خشبية أمامه، كما يدفع أحلامه دفعا ليوصلها إلى خط النهاية لعله يعلن فوزه بالسباق والانتصار على ما واجهه في حياته من صعاب، يدان أنهكهما العمل وساعدان تخدلتا من طول الدفع، يسعي لكسب رزقه بالحلال، يجتهد لأن يكون معينا لأسرته في ظروفهم المادية الصعبة، وفي الوقت نفسه لم ينس أحلامه بالشهادة الجامعية.

«عسل يا تين الحبايب … خفف يا بيه اللهايب»، هكذا ينادي حسن خلف خضر، الطالب بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، على «التين» رأس ماله، وثوب عيده، وخبزه وزاده وزواده، من أمام العربة التي يعمل عليها في أحد ضواحي محافظة الجيزة، بعدما ترك مسقط رأسه في أسيوط، باحثا عن الرزق ليعود به لأسرته بعد أسابيع من العمل المتواصل.

الظروف المعيشية الصعبة دفعت «حسن» للعمل منذ طفولته، فوالده مزاعا بسيطا أصابته الأمراض وحالت دون مقدرته على العمل، فخرج في سن 11 عاما بحثا عن جنيهات قليلة يساند بها أسرته المكونة من 7 أفراد، فتارة يعمل في محلات للبقالة أخرى بائعا متجولا بأحد السلع التي يحصل عليها من التجار، «كان لازم كلنا نتحرك عشان نعرف نعيش».

حسن يشتري التين الشوكي من مسقط رأسه بأسيوط وينتقل به إلى القاهرة

على هذا الحال ظل الشاب العشريني لسنوات طويلة، ينتقل من مهنة لآخرى بحثا عن المال الحلال، حتى استقر على بيع «التين الشوكي»، التحق بجامعة الأزهر قبل أعوام، لكنه ظل يتغنى وهو ينادي على «التين» بأشعار الكبار، كأنه شاعر ربابة جاء من أدغال الصعيد، يحاول بـ«التين» بعد الله أن يجد المعين.

تجارة «التين الشوكي» مع ابن محافظة أسيوط تبدأ من مسقط رأسه، فيحصل عليه من أحد التجار الذي يشتريه من أصحاب المزارع، ويوزعه على البائعين المتجولين من أمثال «حسن»، وبعدها ينتقل به إلى القاهرة، ويخزنه في الحجرة التي يعيش بها، ويخرج به يوميا محاولا بيع بضاعته، وبعدما ينجح في بيعها يعود بالمال لأسرته، «قررت أبيع في القاهرة لأن الحياة هنا أسهل والناس ممكن تشتري عكس بلدنا متعرفش تبيع حاجة هناك».

عسلية ولعب أطفال

مع انتهاء موسم الشتاء تتحول تجارة «حسن»، لمنتج آخر، هو بيع «العسلية» ولعب الأطفال، فيقف في أحد الأماكن ويفرش بها بضاعته ينادي عليها، «الحاجات دي اشتغلت فيها سنين ودي اللي بقيت بعرف اشتغل فيها»، لا تختلف طبيعتها عن «التين الشوكي»، فيحصل عليها من التجار، ثم يعود لأسرته بالمال بعد أسابيع.

في الوقت نفسه لم ينس أحلامه بالمعيشة الأفضل والحصول على الشهادة الجامعية، فلم يتبقى له سوى عام ويحصل على الليسانس، فيجلس بغرفته يوميا بعد عناء يوم طويل، يتفحص كتبه ويحاول التغلب على الام جسده المنهك من اليوم الطويل، يذاكر محاضراته، فيسارع رغبته في التخرج من كليته.

يداعب «حسن» الدنيا وتداعبه، يداعبها راجيا الرحمة وتحقيق الحلم، وتداعبه بإلقاء أحمال على كتفيه فوق أحماله، لتظل احلامه الحالية هي حصول على وظيفة يتوفر له المال حتى يتخرج من الجامعة وأن يحصل والده على معاش يعاونه على العلاج والمعيشة.