اختيار الرياض لإقامة هذا الحدث يعكس بجلاء مكانتها الرفيعة كمركز ثقافي وفني على الساحة العالمية، فالمعرض يأتي كتأكيد جديد على الدور الريادي الذي تلعبه العاصمة السعودية في تعزيز الحراك الثقافي والفني والاجتماعي.
ولم يكن هذا الاختيار عشوائياً، بل جاء نتيجة للرؤية الطموحة التي تتبناها المملكة في تعزيز ثقافتها وتراثها من خلال الانفتاح على الفنون العالمية واستضافة أبرز الأحداث الدولية.
فمعرض “عطور الشرق” ليس مجرد حدث يعرض العطور، أو المعدات المستخدمة في تصنيعها، أو تعبئتها، أو طرق تسويقها، بل هو نافذة مشرعة على عوالم متعددة من الإبداع والجمال، حيث يتداخل التراث مع الحداثة، والتقليدي مع المعاصر، في توليفة فريدة تداعب حاستي الشم والبصر.
ويقدم المعرض لزواره أكثر من 200 عمل فني يجمع بين المعاصر والتراثي، وتمتزج فيه العراقة والأصالة بالحداثة والابتكار، فهذه الأعمال الفنية ليست مجرد منتجات إبداعية، بل هي تجارب حسية متكاملة تنقل الزائر في رحلة بين الأزمان والثقافات المختلفة، عبر تخفيف المسارات بين أروقة المعرض وروائح المدن، ما يعزز من هذه التجربة، حيث يجد الزائر نفسه محاطًا بعبق العطور الفاخرة والنادرة علاوة على المشاهد الفنية القادرة على أن تأسر الألباب.
اللافت في المعرض، هو الحضور الكبير للفنانين السعوديين صناع العطور الذين يلعبون دوراً محورياً في هذا الحدث العالمي، حيث يقدمون إبداعاتهم المحلية في صناعة العطور، والتي تعكس بمهارة التراث الثقافي للمملكة العربية السعودية، إضافة إلى أنها تمثل دعوة للعالم بأسره لاكتشاف الثروة الفنية والثقافية التي تزخر بها المملكة، ويمتلكها شبانها وشاباتها، وتأكيدًا أيضا على أن الفنون السعودية قادرة على المنافسة والابتكار على المستوى الدولي والعالمي.
لم تعد الرياض اليوم عاصمة المملكة فحسب، بل هي عاصمة للفن والثقافة العربي والعالمي، وذلك من خلال احتضانها الفعاليات القادرة على جذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، ما يجسد ذلك الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة ويتجلى في إطلاق العديد من المبادرات والمشاريع الساعية إلى تقديم الثقافة السعودية بصورتها الحقيقية، المليئة بالحيوية والإبداع.
تجربة معرض “عطور الشرق” في الرياض ليست فقط فرصة للاستمتاع باكتشاف أروع وأجود وأحدث أنواع العطور، بل هي أيضًا فرصة للتفاعل مع الثقافة والفن بطريقة مبتكرة وخلابة. كما أنها فرصة لاكتشاف جماليات فنية سعودية وعربية جديدة، والتعرف على قصص نجاح مثيرة وفريدة وراء كل عبق وكل لون، ما يجعل من زيارة المعرض تجربة لا تُنسى.
وأخيراً.. يمكن القول إن استضافة الرياض لهذا المعرض الدولي هي خطوة استكمالية لما بدأته الرياض منذ سنوات، نحو ترسيخ مكانتها كمحطة ثقافية فنية عالمية، تُبرز التنوع والثراء الذي تتميز به الفنون السعودية والعربية والعالمية أيضا بكل جدارة واقتدار.. وهي أيضاً دعوة مفتوحة لسكان الكوكب للمشاركة في هذا الحراك الثقافي، والاستمتاع بتجربة فريدة قادرة على مزج عبق الماضي بروعات الحاضر ونسمات المستقبل.