سلطت صحيفة إسرائيلية، اليوم الأربعاء، الضوء على موقف اليهود المتشددين “الحريديين”، تجاه مقترح صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، في ظل الخلافات الإسرائيلية الداخلية المتصاعدة ما بين مؤيد للصفقة ومعارض لها.
وقال الكاتب رفيت هيخت في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية إن “إظهار التأييد العلني لـ”يهدوت هتوراه” لصفقة المخطوفين هو حدث سياسي صارخ، أثار بشكل كبير من الصدق الأمل الحقيقي للتقدم في مسار صفقة المخطوفين”.
وتابع قائلا: “بيان التأييد لشاس فقط أنهى الحدث، فإن الأحزاب الحريدية – كما يبدو – تمنح نتنياهو التأييد في المكان الذي هو بحاجة إليه، لكن الصورة معقدة ومركبة أكثر مما تظهر”.
واستدرك قائلا: “قبل أي شيء وفوق كل شيء فإن التصعيد في الشمال المشتعل يسيطر على جدول الأعمال ويقرب من حرب شاملة مع حزب الله، التي يتعامل معها بعض وزراء الحكومة كحقيقة لا يمكن تجنبها”.
ما مصير الصفقة في حال اندلعت حرب مع حزب الله؟
وأوضح أن الحرب الشاملة ضد حزب الله ستدفع مرة أخرى صفقة الأسر إلى أسفل أجندة الحكومة، حتى أكثر مما كان في فترة هجوم إيران، مضيفا أن “هذه الحرب ستلتهم كل الأوراق من جديد، وستؤجل كما يبدو انسحاب بيني غانتس من الائتلاف وستجذب كل الانتباه إلى الساحة في الشمال”.
ورأى أنه “إذا منعت اسرائيل هذه الحرب الفظيعة فإن الصفقة ستعود إلى جدول الأعمال، وبيانات الحريديين سيكون لها أهمية كبيرة فيها”.
وتابع: “إذا أردنا أن نكون ساذجين إلى درجة السخافة، وحاولنا تبرير قرارات بعض أعضاء الحكومة لاعتبارات تجارية أو أخلاقية، فإنه يمكن ومن الضروري الإشارة إلى آرييه درعي، السياسي الأكثر قربا من نتنياهو وأحد الاشخاص البارزين في كابينت الحرب في مسألة إعادة المخطوفين. لذلك فإن إظهار تأييده هو أمر طبيعي وتقريبا مفهوم ضمنا”.
ولفت إلى أن “تصريح إسحاق غولدكنوفف، الذي هو رئيس حزب والذي يمتنع عن إصدار تصريحات حاسمة في موضوع الأمن، وميوله الشخصية في السنوات الاخيرة تمس بدون خجل عتبة الكهانية، هو الذي كان مفاجئا واختراقيا. فهدفه في عالم منطقي، وليس العالم الذي يوجد في خلاطة وعي نتنياهو، هو تشجيع على التقدم نحو الصفقة، مع تآكل التهديدات من قبل سموتريتش وبن غفير وإضعاف قوة مساومتهما، وفعليا عزلهما في الحكومة”.
وذكر أنه “في المستوى السياسي تنتشر تقديرات مختلفة حول موقف الحريديين الحاسم، والعلنية التي أعطيت لهذا الموقف”، مبينا أن أحد التقديرات تناول تصفية الحساب مع قائمة الصهيونية الدينيةـ بسبب تحفظ بعض الأعضاء فيها على قانون الإعفاء من التجنيد.
استياء من بن غفير
ونوه الكاتب إلى أنه “منذ فترة طويلة لا يسود بين مركبات الحكومة الأكثر تطرفا وتدينا في تاريخ إسرائيل، نفس أجواء الشراكة والارتباط التي كانت سائدة، وهم في المعارضة أثناء فترة حكومة التغيير”.
وبيّن أنه “في شاس وفي بعض أجزاء الليكود يعبرون عن الاستياء واليأس المستمر من بن غفير وسلوكه الغبي والصبياني، وفي الحزبين الحريديين يوجد أيضا غضب كبير من قضية الانقلاب النظامي التي لم تثمر أي شيء للحريديين عدا عن كراهيتهم. قانون التجنيد، أي إن ترتيب التهرب الجماعي هو الهدية المأمولة التي كان يجب أن يحصلوا عليها في ائتلاف الأحلام، ويواجه الآن الكثير من الصعوبات”.
ونقل الكاتب عن جهات رفيعة في الليكود، أن التقديرات تشير إلى أن وجهة نتنياهو هي حقا نحو الصفقة، شريطة أن اسرائيل في الأصل ستستأنف القتال ضد حماس، أيضا الحاجة إلى إغلاق أو تأجيل الجبهة في الجنوب، من أجل نقل القوات إلى الشمال المشتعل (الطلب الذي طرحه غانتس أيضا في مجلس الحرب).
وأشار إلى أنه بحسب المصادر فإن نتنياهو يقدر أنه رغم تهديد سموتريتش وبن غفير إلا أنهما لن ينسحبا من الحكومة، أو أنهما سيخرجان بشكل مؤقت ويعودان الى الوزارات التي سيتم الاحتفاظ بها لهما.
وذكر أن هناك امكانية للتخمين بأن لا أحد يعرف الى أين تسير وجهة نتنياهو حول الصفقة، وربما هو نفسه أيضا لا يعرف. في ظل الوضع السيئ الذي تبلور في الشمال فإن الصفقة أيضا لن تكون على رأس اهتماماته.
وأكد أن “تصريحات الحريديين يمكن قراءتها كمؤشر آخر على قوة حلف الحريديين مع نتنياهو، الذي هو أقوى من أي علاقة أو أي جسم في الخارطة السياسية. هكذا نحن نلفت انتباه الذين يحلمون أحلام الصيف حول انضمام الحريديين لمرشح آخر طالما أن نتنياهو في الصورة”.
وختم قائلا: “هكذا أيضا بخصوص التخلي عن الحريديين في موضوع قانون الإعفاء من التجنيد، أي فرض موقف غير مقبول عليهم، سيؤدي إلى تجنيد واسع. ومهما كان هدف مسرح نتنياهو فإن الأحزاب الحريدية هي شريكة مخلصة له في كل الحالات”.