رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي نعته زميله الفاشيّ، الوزير بتساليئيل سموتريتش بالكذّاب ابن الكذّاب، هو أوّل زعيمٍ في العالم يضمن لنفسه مكانًا في محكمتيْن، الأول بالقدس المُحتلّة بتهم تلقّي الرشاوى وخيانة الأمانة والنصب والاحتيال، والثاني، في محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي بتهم ارتكاب جرائم حربٍ ضدّ الفلسطينيين تشمل تجويعهم ومحاولة إبادتهم، وفق الدعوى المُقامة ضدّه وضدّ وزير أمنه، يوآف غالانط، وعلى الرغم من ذلك، وعلى وقع تنامي المعارضة له، يُواصِل الرجل تحدّي الإسرائيليين والعالم برّمته، وفي مُقدّمته الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، الأكثر صهيونيّةً من كل رؤساء الولايات المُتحدّة، وذلك لضمان البقاء في منصبه، فيما قال خبيرٌ إسرائيليٌّ للقناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّ “فقدان إسرائيل لأمريكا هي بمثابة انتحارٍ إستراتيجيٍّ”.
وفي هذا السياق، أكّد الجنرال يسرائيل زيف، قائد فرقة غزة ورئيس شعبة العمليات الأسبق في جيش الاحتلال، أنّ “بايدن لجأ من خلال خطابه الأخير، يوم الجمعة الفائت حول صفقة التبادل مع حركة (حماس)، لتقديم الحقيقة للجمهور الإسرائيليّ في إطار عدم ثقته بنتنياهو الذي حجز لنفسه خطابًا في الكونغرس دون دعوة رسمية من بايدن، وكأنّه يريد تكرار فشل سابق حين تحدث أمام الكونغرس عام 2015 ضدّ الاتفاق النوويّ مع إيران، وقد أعلن ذلك رغم أنف الرئيس باراك أوباما آنذاك، الذي ذهب لتوقيع الاتفاق ردًا على خطاب نتنياهو، الذي يسعى اليوم بصورة غريبة للتقليل من شأن بايدن، ويفعل ما لا يصدق بالدولة من خلال إدارته الفاشلة للحرب الحالية”.
وأضاف في مقالٍ نشره موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، أنّه “قبل شهريْن من موعد الانتخابات في الولايات المتحدة، يواصل نتنياهو جهوده لإفشال بايدن من أجل تمهيد الطريق أمام فوز خصمه دونالد ترامب بالانتخابات في المقابل، على أمل أنْ يسمح له بمواصلة إدامة الحرب، والحفاظ على كرسيه، بجانب الأثمان الباهظة التي سيتعيّن على الإسرائيليين دفعها”.
الجنرال زيف، شدّدّ على أنّ “المطلوب اليوم من قبل نتنياهو وفريقه، أولاً وقبل كل شيءٍ، إغلاق الباب أمام نهاية الحرب في غزة، وترك حرب الاستنزاف في الشمال، ومحو فرصة إعادة المختطفين، وإقامة مراسم عزاء للصفقة الإقليميّة مع السعودية”.
ولفت إلى أنّ “هذا الانفلات السياسيّ لنتنياهو قد تكون تكلفته أكثر من ذلك بكثير، لا سيما وأنّ إيران وحزب الله يدركان جيّدًا الصدع الذي انفتح أمام البيت الأبيض، ويستعدان للاستفادة من ذلك لتحويل دفة الأمور لصالحهما، والمضي قدمًا في الهجوم على الاحتلال، على افتراض أنّ بايدن لن يتعجل هذه المرة بإرسال بوارج والوقوف تمامًا بجانبه”.
علاوة على ذلك، أوضح الجنرال الإسرائيليّ أنّ “تحركات نتنياهو تُعرِّض للخطر بشكلٍ واضحٍ وملموسٍ أمن دولة الاحتلال، التي ليست مبنية على أيّ حالٍ لمثل هذه الحروب الطويلة، والثمن الاقتصاديّ والدوليّ الذي أوصلنا بالفعل لأدنى نقطة وأكبر انهيار في تاريخها، وهو على الأرجح لا يهم نتنياهو الذي لم يحقق (النصر المطلق) كما وعد، بل إنه يعرّض استقرار المنطقة للخطر بشكل كبير، لا سيما الضفة الغربية والأردن مباشرة، ولذلك سيكون من المستحيل البقاء في رفح، والحل هو انسحاب عسكري أحادي الجانب، وإلّا سنذهب إلى خيار يزيد من تعقيد وضع الاحتلال، وسوف ترتفع حدة الأزمة”، طبقًا لأقواله.
من ناحيته، قال إيتان جلبوع، وهو كاتب خبير في شؤون الولايات المتحدة في جامعة بار إيلان، وباحث كبير في معهد القدس للاستراتيجية والأمن؛ إنّ “إدارة بايدن خلصت إلى أنّ إسرائيل هي التي أشعلت التحركات العسكريّة، فيما انهار موقفها في المجالات الحاسمة الأخرى كافة: السياسية والإعلامية والقانونية. ويهدف الكشف عن الخطوط العريضة إلى وقف الانهيار، وتحييد ساحات الحرب الأخرى والضغوط الداخلية لحملة الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب”.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة (معاريف) العبرية، أنّ “تجربة الحروب التي اندلعت في القرن الحالي، تظهر أنّه لتعظيم الإنجازات العسكريّة، يجب منذ اليوم الأول التفكير والتخطيط لاستراتيجيّة إنهاء الحملة أو الخروج منها. لقد حددت حكومة نتنياهو أهدافا للحرب ضد حماس في غزة، ولكن لأسبابٍ سياسيّةٍ تتعلّق بالحفاظ على الائتلاف، لم تناقش الخروج أو المفهوم الأكثر شعبية (اليوم التالي)، وقدّم بايدن استراتيجيّة خروج تقوم على تحقيق أهداف الحرب التي يتفق عليها البلدان”.
ولفت الكاتب إلى أنّ “نتنياهو قال عدة مرات، إنّه وبايدن صديقان منذ أكثر من أربعين عامًا. صحيح، ولكن هذا التعارف لم يكن دائمًا إيجابيًا. يعرف بايدن أساليب المراوغة التي يتبعها نتنياهو، الذي يعد بشيءٍ واحدٍ في الغرف المغلقة، ويكرره في تصريحات عامة ثم يقوم ببعض الشقلبات السياسية. وكان يخشى أنْ يحدث ذلك أيضًا مع الخطوط العريضة التي قدّمها له نتنياهو، فقرر الكشف عنها كاملة”، كما أكّد غلبواع.