على وقع الخلاف المتعمّق وتبادل التصريحات الهجومية بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والمسؤولين في البيت الأبيض، كشفت مصادر سياسيّة، وصفت بأنّها رفيعة المستوى في تل أبيب، النقاب عن أنّ المبعوث الأمريكيّ للمنطقة، عاموس هوكشتاين، أجرى لقاءً خلال زيارته الأخيرة للكيان مع نتنياهو والتي كانت بحسب المصادر متوترةً للغاية.
وشدّدّت المصادر عينها، بحسب ما نقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة اليوم الجمعة، على أنّ هوكشتاين كان غاضبًا جدًا على نتنياهو بسبب هجوم الأخير على الإدارة الأمريكيّة بقيادة جو بايدن، مُضيفةً أنّ هوكشتاين نقل له رسالةً صارمةً من البيت الأبيض مفادها أنّ أقواله حول الدعم الأمريكيّ لإسرائيل منفصلةً عن الواقع.
كما أوضحت في ذات الوقت أنّ وصف نتنياهو بناكرٍ للجميل هو أقّل ما يُمكن قوله عن تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيليّ، ونقلت عن الناطق بلسان البيت الأبيض، جون كيربي، وهو المعروف بتأييده الشديد لإسرائيل قوله، إنّ “الفيديو الذي صورّه وبثّه نتنياهو مثير للدهشة والاستغراب، مُخيّب، غريب ومُحيِّر، وغير مفهوم، ومُربك، لا يوجد لديّ أيّ تفسيراتٍ حول ما فكّر به رئيس الوزراء الإسرائيليّ عندما أدلى بأقواله”، طبقًا لكيربي.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، كشفت الصحيفة عن أنّ هوكشتاين عقد لقاءً مع زعيم المعارضة في دولة الاحتلال ورئيس حزب (يش عتيد)، يائير لبيد، في مكتب الأخير بالكنيست الإسرائيليّ، حيثُ “اشتكى” هوكشتاين للبيد عن تصرفات نتنياهو وقال لمحدثه إنّ الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، ومنذ السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام المُنصرِم أرسلت أسلحةً ومعونات للكيان بقيمة 7.5 مليار دولار، على ما نقلته عن المصادر ذاتها.
وساعدت المعونة الأمريكية إسرائيل على مدار سنوات في تطوير واحدٍ من أفضل الجيوش في العالم، إذ يسمح هذا التمويل بشراء أحدث المعدات العسكرية وأكثرها تطورًا من الولايات المتحدة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، اشترت إسرائيل 50 طائرة مقاتلة من طراز إف-35، والتي يمكن استخدامها في هجمات صاروخية، وما زالت إسرائيل تنتظر تسليم 27 طائرة منها. وتبلغ قيمة الواحدة منها نحو مائة مليون دولار.
كما اشترت إسرائيل العام الماضي ثماني طائرات بوينغ من طراز كي سي-46 ايه (بيغاسوس)، في صفقة تبلغ قيمتها 2.4 مليار دولار. وهي طائرات قادرة على تزويد طائرات أخرى (مثل إف-35) بالوقود وهي في الجو.
يُشار إلى أنّ المبلغ المذكور لا يشمل المعونات التي كان قد أقرّها الرئيس الأمريكيّ الأسبق، باراك أوباما في العام 2016، بقيمة 38 مليار دولار لمدّة 10 سنوات، أيْ أنّ دولة الاحتلال تتلقّى كلّ عامٍ مبلغ 3.8 مليار دولار، تُخصص بسوادها الأعظم لأغراضٍ عسكريّةٍ، وأنّ هذا الاتفاق ينتهي في العام 2026.
المصادر أوضحت أيضًا أنّ نتنياهو يُقامِر بإسرائيل وأنّه عمليًا يُريد نجاح دونالد ترامب الجمهوريّ، منافس الرئيس بايدن، وهو الرئيس الأكثر صهيونيّةً في تاريخ الولايات المتحدّة، ومع ذلك، فإنّ نتنياهو يُعوِّل على خسارة بايدن لصالح ترامب، كي يتلقّى الضوء الأخضر من الرئيس الذي قد يُنتخَب بشنّ حربٍ واسعة النطاق ومدمرةٍ ضدّ حزب الله ولبنان، والتي من الممكن جدًا أنْ تتحوّل وبسرعةٍ إلى حربٍ إقليميّةٍ شاملةٍ، تتعرّض فيها إسرائيل لدمارٍ غيرُ مسبوقٍ، كما ستفعل بحسب تخطيطها في لبنان، على ما نقلته صحيفة (معاريف) العبريّة أمس الخميس عن مستشارٍ سابقٍ لنتنياهو، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، خشية أنْ يتعرّض لهجومٍ من ماكينة السمّ الذي يعمل على مدار الساعة من أجل نتنياهو في وسائل الإعلام وفي وسائط التواصل الاجتماعيّ.
وفي ردّ على الناطق بلسان البيت الأبيض، قال نتنياهو: “أنا مستعدّ لتحمّل الهجمات الشخصية، بشرط أنْ تتلقّى إسرائيل من الولايات المتحدة الذخيرة التي تحتاج إليها في الحرب من أجل وجودها”.
وأشارت التقارير الإعلامية العبريّة إلى أنّ قرار نتنياهو الذهاب إلى مواجهةٍ علنيّةٍ مع إدارة بايدن، في هذا الخصوص، جاء بخلاف رأي المسؤولين في المؤسسة الأمنية، وحتى رأي وزير الأمن يوآف غالانت، علمًا أنّ هؤلاء يرون أنّ إظهار الخلاف إلى العلن يضرّ بصورة الردع الإسرائيلي، أمام “محور المقاومة”، وحزب الله بشكلٍ خاصٍّ.
وعاد نتنياهو وأكّد أن “الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من غزة قبل إعادة جميع الرهائن والقضاء على قدرات حماس”، وفي موازاة ذلك، ترتفع حدّة التوترات بين المستوييْن السياسيّ والأمني فيّ الكيان، وبشكل خاصّ بين نتنياهو وقادة الجيش. ونقلت صحيفة (وول ستريت جورنال) عن الجنرال الإسرائيليّ المتقاعد، يسرائيل زيف، قوله إنّ “التوترات بين الجيش ونتنياهو بلغت أعلى مستوياتها”، مُشيرًا إلى أنّ “الجيش لديه شعور بأنّ إسرائيل استنفدت الغرض من الحرب، معتبرًا “أنّنا نقترب من إنهاء المهمة التي حدّدتها الحكومة وسنصل إلى نقطة نخوض فيها حرب عصابات”، على حدّ تعبيره.