عجز العلماء لمئات السنين عن فك لغز بناء الأهرامات المصرية، وكيفية إنشاء هذه المباني ذات الأحجار الضخمة الموضوعة بدقة شديدة للغاية، دون توافر الوسائل البنائية الموجودة في عصرنا اليوم، وهو الأمر الذي سلطت عليه الضوء دراسة فرنسية حديثة.
أول هرم في تاريخ مصر
ووفقًا لموقع «heritage daily»، كشفت دراسة فرنسية نُشرت في مجلة ResearchGate، أن الهرم الأول في تاريخ مصر، هو هرم الملك زوسر المدرج، وجرى بناؤه عن طريق الرفع الهيدروليكي، وذلك خلال عامي 2670-2650 قبل الميلاد، في أثناء فترة حكم المملكة القديمة.
ويرتفع هرم زوسر المدرج والمعروف أيضًا باسم هرم سقارة بين 60 إلى 62 مترًا، ويشكل الهرم المنحوت على هضبة سقارة مركزًا لمجمع جنائزي.
طريقة بناء الهرم المدرج
وكشفت دراسة أنه وبالرغم من غياب المصادر الموثوقة من مجال عمل مهندسي الأهرامات، إلا أنّ بعض التقارير إلى أشارت أن تلك الأحجار الثقيلة جرى نقلها على أجهزة مثل الأسطوانات، ورفعها إلى الارتفاع المحدد باستخدام سلسلة من المنحدرات.
وأوضحت دراسة أخرى أجريت على أحواض المياه القريبة من الهرم، تمييز الجسر بسد حاجز للمياه والرواسب، كما أظهرت التضاريس خلف السد وجود بحيرة مؤقتة غرب مجمع سقارة، وجريان المياه داخل الخندق المحيط بها، ويُظهر الهيكل الخطي الضخم المنحوت في الصخر الموجود في القسم الجنوبي من الخندق، والمكون من عدة غرف متتالية عميقة، وجود كل ما هو مطلوب لتأسيس منشأة لمعالجة المياه، أي وجود نظام التنقية وحوضي الترسيب والاحتجاز.
هل أُنشئ زوسر باستخدام الرفع الهيدروليكي؟
وبناءً على ما كشفته الدراسة الفرنسية، فإن الجسر الرئيسي والجزء الجنوبي من الخندق كانت وظيفتهما هي العمل كنظام هيدروليكي موحد لتنظيم تدفق المياه وتحسين جودتها، إضافةً إلى أن هندسة الهرم المعمارية الداخلة تتوافق مع آلية رفع هيدروليكية لم يسبق ذكرها من قبل.
ورجح العلماء أنّ الهرم المدرج تم بناؤه بطريقة بركانية، باستخدام المياه الخالية من الرواسب الآتية من القسم الجنوبي للخندق، وأنّ تعامل المصريين مع الهيدروليكا يظهر من خلال قنوات الري والصنادل التي كانت تنقل الأحجار.
خبير أثري يكشف الأمر
وقال الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات الدكتور أحمد عامر، إن هرم الملك “زوسر” شُيد في جبانة سقارة التي تقع شمال غرب مدينة منف القديمة، وكان الغرض من ذلك هو دفن الملك زوسر فيه، وينتمي إلى الأسرة الثالثة بالدولة القديمة، وشيده المهندس والطبيب “إيمحوتب”، الذي عرف في مصر القديمة بمهندس المجموعة الجنائزية في أهرامات الجيزة، إذ كان يعمل وزيرا لدى الملك “زوسر” وشيد الهرم من أجله.
وتابع “عامر” أنه منذ شهرين تقريبا، جرى إكتشاف مجري قديم لنهر النيل، الذي كان بمثابة بداية الطريق أن المصريين القدماء استغلّوا الأنهار المائية لنقل الأحجار الثقيلة والعمال بكفاءة إلى مواقع بناء الأهرامات، حيث كانت ضفاف النهر بمثابة مواني طبيعية سمحت بنقل المواد بسهولة أكبر بكثير من البر.
وأشار إلى أن الأدلة دعمت وجود ممرات مرتفعة تربط الأهرامات بالمعابد الواقعة على ضفاف النهر، التي كانت تُستخدم لإقامة الطقوس الجنائزية، كما أكدت تحليلات ميدانية بينها حفر عميقة في التربة، بيانات الأقمار الاصطناعية وكشفت النهر المخفي الذي يبلغ طوله 64 كم، ويتراوح عرضه بين 200 و700 متر، أي ما يعادل مقاييس مجرى نهر النيل الحالي.
واستطرد الخبير الأثري أن الفرع الجاف الذي تم إكتشافه سابقا كان موجودا، ولكن نظرا لأن هضبة سقارة مرتفعة عن وادي النيل، فمن المنطقي أنّ تأتي إمدادات المياه في الموقع من الجبال إلى الغرب، وتتدفق بشكل طبيعي عبر نهر أبو صير، حيث تم بناء ما يقرب من 31 هرما في تلك المناطق بجابنه وهي بمثابة احتمالات قوية لبناء هرم “زوسر” بهذه الطريقة ولكنها حتي الآن غير مؤكدة.