كيفية التوبة والرجوع الى الله ، فى الكثير من الاحيان انسانية البشر تحتم عليهم حب الدنيا واستعجال الخير والتعلق بشهوات الدنيا، وكما نعلم ان طبع الانسان خطاء ويميل فى بعض الاوقات الى تجربة الأمور الممنوعة، ومهما كان المرء صادق وملتزم الا انه لا ينفى ابداً عن المرء استحباب المعاصى، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى على البشر انه ترك للإنسان دائماً باب التوبة مفتوح ولا يغلق الا حين رجوع الروح الى الله.
مفهوم التوبة
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) “كل ابن آدم خطاء،وخير الخطائين التوابون”، مفهوم التوبة فى اللغة العربية هى العودة عن فعل الذنب ومحاولة الإقلاع عن ذلك الذنب وتركه، والمصدر من كلمة توبه هو توب وهو يعنى العودة والترك، أما مفهوم التوبة فى الاصطلاح في التوبة هى ترك الذنب لما يحمله من قبح والندم الشديد على فعل ذلك الذنب، بل وبذل الكثير من الجهد للتكفير عن ذلك الذنب وعزيمة المرء الإقلاع وترك الذنب، واستبدال المعاصى بالأعمال الصالحة والمحببة الى الله سبحانه وتعالى، مما يشمل ايضاً استدراك مغفرة الله والتقرب اليه وطلب رضوانه، كما أن التوبة تعتبر من أسمى أشكال الاعتذار الى الله أسمى درجة من الاسف، لان فى التوبة اعتراف المرء باقتراف الذنب او المعصية والندم عليها، والتوبة تشتمل على عزيمة الانسان فى الاقلاع عن ذلك الذنب دون انكار او تبرير، كما جاء فى قول الله عز وجل “إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب”.
يمكن التعرف على معلومات عن دعاء التوبة من الذنوب والمعاصي أهمية أدعية التوبة من الذنوب وأنواعها أضغط هنا: دعاء التوبة من الذنوب والمعاصي أهمية أدعية التوبة من الذنوب وأنواعها
طريقة التوبة
للتوبة العديد من الشروط و الاحكام التى يجب على المرء المسلم أن يحققها بل ويبذل السعة التامة فى تنفيذ تلك الشروط والاحكام، تفسيراً لعودته ومصداقاً لنيته وصفاءً سريرته، والمرء اذا جاء الى الله بتوبة نصوحة فتح الله له من التوفيق والخير أبواب عديدة، حتى ان الله يفرح بتوبة العبد إليه ويجزيه بها ويعينة عليها، كما جاء فى الحديث الشريف.
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ” لله أشد فرحاً بتوبة العبد حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد يأس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدى وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح”.
مسالة التوبة يسيرة وسهلة ولا تجهد او تثقل على قاصدها ابداً، إنما تتمثل التوبة فى سلوكيات وأفعال بسيطة يتعود عليها المرء ليقطع حبل المعاصى والذنوب، ويصل المرء باب مراقبة ومتابعة الله واجتناب نواهيه والتطبع بأوامره، وتكون التوبة من خلال اعتزال المرء للمعاصى والعزم التام على هجرها وصدق نية المرء فى تحقيق تلك التوبة ومحاسبة نفسه جيداً وإخلاصه الى الله وحده سبحانة وتعالى دون ادنى طمع فى اى مصلحة مادية أو دنيوية.
ثم يذكر الانسان نفسه دائماً بعظمة الله وحده وجميل نعمه علينا وأن يتدبر داخل عقله مصير المذنبين و عواقب الذنوب، وأن يشغل الإنسان نفسه بما ينفعه من اعمال تشفع له عند الاخرة وواجباتها، وان يهرب من الفراغ لانه الموطن الاساسى للشيطان وان يقضى متطلبات الدنيا فقط المشروع منها رغبة من الإنسان في الأجر والثواب عند الله.
لا يفوتكم التعرف على معلومات عن هل يجوز قراءة القرآن من الهاتف وفضل قراءة القرآن الكريم وآداب قراءته أضغط هنا: هل يجوز قراءة القرآن من الهاتف وفضل قراءة القرآن الكريم وآداب قراءته
شروط التوبة النصوحة
الله جعل أمر التوبة هين وسهل على المسلم بخلاف ما كان يحدث فى الأمم السابقة التى كان يتطلب أمر التوبة حينها تكفير يطال كل من المال والبدن والنفس بل فى بعض الاحيان يصل الى هجران الأرض والعديد من الأشكال الاخرى، فعلم الله الانسان امور التوبة ما يمحو الذنوب ويبدلها يمحقها، ويستبدل ذنوب المرء بالإحسان والخير، لكن الله اشترط فى التوبة بعض المسالك التاديبية يجب على المسلم اتباعها وتحقيقها ومنها ما يلى:
- الإقرار بالذنب والاعتراف به، وإظهار الشعور بالخجل من ذلك الذنب بل والشعور بعظمة وكبر ذلك الذنب دون اى انكار او تبرير، حيث ان مراتب الاعتذار تنقسم الى ثلاثة وهما: التبرير والإنكار والاعتراف بالذنب مع التماس الصفح.
فانكار الذنب يهدم أمر التوبة ويخرق الشروط الخاصة بها وتناقضها فلا يصح الإنكار مع أمر التوبة على الاطلاق، كما جاء فى قول الله عز وجل “ومن يكسب خطيئة أو اثما ثم يرم به بريئًا فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً”.
وفي تفسير الإمام الطبري لتلك الآية يقول: إن الاثم والخطيئة أمران مختلفان، لأن الخطيئة هى الذنب الذي يرتكبه المرء بشكل التعمد او الاصابة به من غير قصد، اما الإثم يعتبر ما لا يحل ابداً من المعاصى، والمعصية ترتكب بشكل واحد وهو الشكل المقصود، فاذا أنكر المرء الاثم والمعصية او كلاهما على وجه القصد والتعمد وادعى برائته من تلك الافعال فانه يكون يكذب على نفسه اولاً، وثانيا يكذب على ربه، فيكون أصاب المرء من الإثم أعظمه لأنه تجرأ بالكذب والافتراء على الله.
- استشعار المسلم الندم على ارتكابه لذلك الذنب والعزيمة على ترك تلك الذنوب جميعها والعزم على عدم العودة مرة اخرى اليها واظهار الحسرة والندم على ما ارتكبة المرء من الخطايا.
- تهذيب النفس ومناصحته بالخير ومحاسبتها والإقبال الدائم على الطاعات ومراجعة النفس وتحريضها ضد المنكرات والذنوب.
- إبراء ذمة المرء الى الله يكون عن طريق الاعتراف بالذنب لأصحاب المظالم والحقوق، والاستعداد التام للمرء على المحاسبة الدنيوية لتلك الذنوب واجتذاب المسامحة والسعى التام لرد الحقوق الى أصحابها وابراء ذمته ما أمكنه.
- لابد أن التوبة تكون خالصة ونصوحة الى الله عز وجل بدون اى خداع او تفريط او مصلحة او رياء فيها، ويجب على المرء سلامة النية استحضارها، وإن المرء يكون لا يريد من التوبة غير مرضاة الله تعالى فقط، والطمع فى إحسان الله واجتناب عقاب الله له.
- مصارعة النفس ومجاهدتها لترك المعاصي والابتعاد عن بيئات الذنوب والاقلاع عنها بل والابتعاد عن دوافع ومسببات وهيئات المعاصي ومن يعين على فعلها.
- طلب العون والمساعدة من الله على قبول التوبة استغفاراً ودعاءً.
- إدراك المرء للوقت المناسب للتوبة قبل أن يصل الى غرغرة الموت او ميعاد قيام الساعة، لأن تلك الأوقات خصوصية تتصف بالضعف والعجز وتيقن الهلاك، كما جاء فى قول الله عز وجل “وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال انى تبت الآن”.
يمكن التعرف على معلومات عن لماذا سورة التوبة بدون بسملة ؟ وما هو اعجاز سورة التوبة ؟ أضغط هنا: لماذا سورة التوبة بدون بسملة ؟ وما هو اعجاز سورة التوبة ؟
كما جاء فى رواية ابن عمرو (رضى الله عنه) “من تاب موته بعام تيب عليه ومن تاب قبل موته بشهر تاب عليه ومن تاب موته بجمعة تاب عليه ومن تاب قبل موته بيوم تيب عليه فقلت له: إنما قال الله عز وجل إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة، ثم قال: انما أحدثكم كما سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم”.
فى نهاية تلك المقالة التى تناولت اعظم الامور التى قد يقوم بها المرء المسلم وهي التوبة والرجوع الى الله مع توضيح كيفية التوبة الى الله والشروط الواجب تحقيقها واتباعها لاتمام امر التوبة الى الله عز وجل لأن باب التوبة الى الله مفتوح دائماً.