هل يُفاجئ حزب الله بـ “احتلال” الجليل بواسطة الرضوان؟

لا تُخفي دولة الاحتلال أنّ قوّة (حزب الله) العسكريّة تفوق قوّة حركة (حماس) بعشرات الأضعاف، وإذا أوحلت إسرائيل للشهر الثاني عشر على التوالي في قطاع غزّة، فهل تخشى مُواجهة (حزب الله) في الشمال، الذي لم ينفّك يومًا منذ السابع من أكتوبر الماضي عن قصف شمال الكيان وهجّر أكثر من مائة ألفٍ من سُكّانه؟
وفي هذا السياق، كشف العديد من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين النقاب عن أنّ حزب الله لم يُخرِج حتى اللحظة إلى العلن قدراته البحريّة، لافتين في الوقت عينه إلى أنّ “التنظيم الإرهابيّ” سيُفاجئ الجيش الإسرائيليّ تحديدًا من هذا المجال، إذْ أنّ القوّة البحريّة تضُمّ مئات المُقاتلين.

وأوضح المسؤولون، كما نقلت عنهم صحيفة (كالكاليست) العبريّة أنّ حزب الله يمتلك مئات الصواريخ ضدّ السفن، بما في ذلك صواريخ من طراز سي.802، والذي يصل مداها إلى 120 كيلومترًا، وتحمل متفجرّاتٍ بزنة 165 كيلوغرامًا، وبالإضافة إلى ذلك فإنّه بحوزة الحزب صواريخ من طراز (ياخونت)، والتي يصل مداها إلى 300 كم وباستطاعتها حمل متفجرّاتٍ بزنة 300 كغم.
علاوةً على ذلك، أكّدت المصادر عينها أنّ حزب الله يملك ويُفعِّل قوات كوماندوز بحريّة، تضُمّ سفنًا صغيرةً وسريعةً وتعمل أساسًا على جميع المعلومات عن المناطق الحساسة والإستراتيجيّة داخل العمق الإسرائيليّ، وفق ما أكّده أيضًا مركز (علما) في تل أبيب.
والأخطر ممّا ذُكِر أعلاه، أكّدت الصحيفة العبريّة أنّه فقط عن طريق اجتياح جنوب لبنان يُمكِن الكشف عن قوّة حزب الله الحقيقيّة، وعلى نحوٍ خاصٍّ كمية الأنفاق التي تُثير القلق العارم في دولة الاحتلال، إذْ أنّه، مضت الصحيفة العبريّة، بحسب تقريرٍ نشرته صحيفة (ليبراسبيون) الفرنسيّة، فإنّ كوريا الشماليّة ساعدت حزب الله منذ أوائل الثمانينات من القرن الماضي ببناء منظومة دفاع تحت الأرض يصل طولها إلى مئات الكيلومترات، والتي تصِل من بيروت إلى البقاع وحتى سوريّة، كما أكّدت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها.
وشدّدّت الصحيفة العبريّة على أنّ تقرير نظيرتها الفرنسيّة (ليبراسيون) اعتمد على مركز (علما) الإسرائيليّ الذي قدّر أنّ شبكة دفاع حزب الله تشمل عشرات المراكز العملياتيّة، والتي تقوم بإدارة شبكة الأنفاق المحليّة وأيضًا الواصلة بين المناطق، مُضيفةً أنّ عمق النفق يصل إلى ما بين 40 حتى 80 مترًا في أرضٍ صخريّةٍ، وأنّ جميعها مزوّدة بصواريخ إيرانيّةٍ من طراز (فاتح 110) قصيرة المدى، بالإضافة إلى الصواريخ الباليستيّة.
وذكر مركز (علما) أنّ “حزب الله غير مهتم بحرب لم يبدأها بعد أنْ نفذت حماس هجوم السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام الفائت، لكنّ نيّة الحزب في غزو إسرائيل هي مجرد مسألة وقت”، على حدّ تعبيره.
وأضاف تقرير (علما)، وهو مركز بحث وتعليم غير ربحي ومستقل متخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، أنّ “وحدة الرضوان التابعة لحزب الله مدربة تدريبًا كاملاً وقادرة على شنّ عملية توغل في الجليل في أي لحظة”.
وقال طال بيري، رئيس قسم الأبحاث في (علما)، إنّ السؤال الحاسم داخل حزب الله اليوم ليس ما إذا كان ينبغي شن هجوم على الجليل، بل متى سيتم ذلك”، طبقًا لأقواله.
وأشار الباحثون في التقرير إلى أنّه “في 7 أكتوبر، استعارت حماس بشكلٍ أساسيٍّ خطة التسلل من وحدة الرضوان ونفذتها من خلال قواتها على طول الحدود الجنوبية مع قطاع غزة”.
وأوضحوا أنّ حماس شرعت في هذا المسار بشكلٍ مستقلٍ عن حزب الله لأسباب لم تتضح بعد.
وبحسب التقرير فإنّ سكان المنطقة الشمالية لا يتمتعون بالحماية الكافية، وعلى الرغم من الجهود الأخيرة التي بذلتها إسرائيل لتعزيز الحدود الشمالية بمزيد من الجدران وإجراءات المراقبة، لا تزال هناك أجزاء على طول الحدود لم يتم تطويرها، مما قد يسهل التسلل.
وشدّدّ التقرير أيضًا على أنّ “أحداث 7 أكتوبر أثبتت مرّةً أخرى أنّ أيّ حاجزٍ ماديٍّ أوْ تكنولوجيٍّ سيتم اختراقه حتمًا، ذلك لأنّ التضاريس الجبلية على طول الحدود اللبنانية تمثل تحديًا أكبر من التضاريس المسطحة على طول حدود غزة، وتسمح بحركةٍ أكثر سريّةٍ، وحزب الله على درايةٍ جيّدةٍ بالتضاريس ويعرف كيفية التنقل فيها”.
ونظرًا للتعبئة واسعة النطاق لقوات الاحتياط التابعة للجيش الإسرائيليّ المنتشرة على طول حدود لبنان وسوريّة خلال الأسابيع الماضية واليقظة العملياتية والاستخباراتية للجيش، يعتبر تقرير (علما) بأن عنصر المفاجأة لدى حزب الله قد تعرض للخطر في الوقت الحالي.
ومع ذلك، يؤكد الباحثون أنّه “حتى اليوم، في أيّ لحظةٍ، إذا اختار حزب الله القيام بذلك، فيمكن له تنفيذ خطة التسلل إلى الأراضي الإسرائيليّة بشكلٍ مستقلٍ وبقوّةٍ محدودةٍ من وحدة الرضوان”، على حدّ تعبيرهم.
وفي الختام رأى اللواء احتياط إسحاق بريك أنّ “حادثة تفجير أجهزة الـ”البيجرات” للأسف، هي حدثٌ تكتيكيٌّ لا يُغيِّر الواقع فيما يتعلق بالوضع الإستراتيجيّ الخطير الذي نعيشه”.
وأضاف في مقابلةٍ إذاعيّةٍ إنّ “حادثة تفجير (البيجرات) عزّزت اليقين باستمرار حرب الاستنزاف، هذه مع خطرٍ حقيقيٍّ من حربٍ إقليميّةٍ متعدّدة الساحات يمكن أنْ تشارك فيها إيران أيضًا، وهي عملية من شأنها تسريع تدهور إسرائيل”، طبقًا لأقواله.