لا خوف على المقاومة من بعدك يا سيد المقاومة ..حسن لافي

 
اقدام إسرائيل على اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله، بكل ما يحمله السيد نصر الله من رمزية لدى محور المقاومة وجماهيريها وداعميها في كل بقاع الأرض، لهو تحد كبير ليس لمحور المقاومة وحسب بل لفكرة المقاومة ضد 
 اسرائيل والمشروع الأمريكي في المنطقة بذاتها، لذلك سرعان ما أطلقت إسرائيل اسم “ترتيبات جديدة” على عملية اغتيال السيد نصر الله، ظنا منهم أن غياب السيد نصر الله وما سبقه من ضربات تلقاها حزب الله أنها فتحت الطريق مجددا أمام مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي أفشله حزب الله تحت قيادة السيد نصر الله رحمه الله في حرب تموز ٢٠٠٦م، وبعدما ساهم حزب الله بافشال المؤامرة الكونية على سوريا من أجل تقسيم وتفتيت المنطقة  وزراعة التكفيريين والحرب الذهبية بها، وكان أيضا سماحة السيد حسن نصر الله رحمه الله العنوان الأبرز في تلك الانتصارات.
فهل حقا اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله أزال العقبة أمام إسرائيل وامريكا لترتيب الشرق الأوسط من جديد؟ وجعل إسرائيل دولة الاحتلال كيانا طبيعيا في جسد المنطقة؟
لا أحد ينكر أن سماحة السيد حسن نصر الله رحمه الله مثل رمزية كبرى للمقاومة ضد المشروع الصهيوني أمريكي بالمنطقة العربية والاسلامية، وأن استشهاده يعتبر ضربة قوية لجماهير المقاومة في كل مكان ولقواعد حزب الله بالذات، ولكن هناك بعض الحقائق الذي يجب الاطلال عليها قبل الإجابة على تساؤلنا الرئيسي، أهمها:
اولا، المقاومة فكرة بلورت مشروعا من أهم اسسه ألاستمرارية، ولذلك رغم الفقد والحزن لقادة المقاومة إلا أن استمرارية المشروع ليس مرتبطة 
 بالأشخاص مهما كانت مواقعهم التنظيمية، قد يتعثر المشروع قليلا لكن سرعان ما ينهض بسرعة من كبوته، وحزب الله نموذجا جيدا للتدليل على ذلك، فبعدما اغتالت إسرائيل الأمين العام السيد عباس الموسوي عام ١٩٩٢م، محاولة منها لتدمير حزب الله، تلقت إسرائيل كابوسها الأخطر عليها على مدار  أكثر من ثلاثين عاما السيد حسن نصر الله رحمه الله.
ثانيا، حزب الله تنظيم يستند على قاعدة شعبية كبيرة، وهرمية تنظيمية عريضة، ونخبة قيادية  واسعة على كافة مستويات العمل التنظيمي، ولديه هيكل ونظام داخلي واضح ومؤسسات حركية مبنية على فكر المؤسسة وليس الفرد الواحد، وبذلك يمكن للحزب على مستوى الهيكل التنظيمي ملء أي فراغ يحدث بداخله، وخاصة أن حزب الله كتنظيم يقاتل إسرائيل منذ ما يقارب ٤٠ عاما متعود على تغطية الاستنزافات البشرية التي ترافق عمله الجهادي، قد يكون الأمر 
 صعب نفسيا على قواعد حزب فقدان رجلا بحجم ورمزية سماحة السيد نصر الله رحمه الله، لكن على المستوى العملياتي التنظيمي الأمور ستكون أكثر سلاسة.
ثالثا، حزب الله تنظيم ذو طابع فكري و ايدولوجي واضح ومتين لا خوف على مواقفه السياسة والايدلوجية ، وقد لعب سماحة السيد حسن نصر الله رحمه الله دورا محوريا في تثبيت ذلك وجعلها مسلمات عند كافة أركان حزب الله وقاعده الجماهيرية.
رابعا، فكرة إنهاء المقاومة الذي تسعى لها إسرائيل فكرة هزلية، لن تجد موضوعية لها إلا بعقول قادة إسرائيل المأفونين، وعند الحديث عن حزب الله بالذات يصبح الأمر اكثر تعقيدا لوجود الحاضنة الصلبة والدعم اللا متناهي من كل أطراف محور المقاومة الذي يعتبر حزب الله درة التاج به.
لكل ما سبق، لا خشية على حزب الله كتنظيم وكمقاومة بعد اغتيال سماحة السيد نصر الله، وهذا أول شرط في مواجهة المخطط الاسرائيلي لتخريب المنطقة (ترتيبات جديدة).
الاندفاعة الإسرائيلية غير المسبوقة وخاصة بعد نشوة اغتيال السيد نصر الله رحمه الله، ستجعل الحسابات الإسرائيلية تتجه نحو مزيد من المعارك والحروب مع باقي مكونات محور المقاومة، فالحديث الاسرائيلي يدور حول قتال على سبعة جبهات للمقاومة، بمعنى أن سوريا والعراق واليمن وايران ضمن المخطط الاسرائيلي، وهناك حالة شعبية إسرائيلية داعمة بقوة لذلك، لكن هناك الكثير من الاسئلة المنطقية والواقعية تغيب عن متخذ القرار الاسرائيلي المغرور باغتيال سماحة السيد حسن نصر الله رحمه الله، هل ستستطيع إسرائيل تحمل كل تبعات تلك الحروب؟ وكم من الوقت ستحتاج لتحقيق ذلك؟ وما هي التكلفة الاقتصادية لذلك؟ اسرائيل وقادتها انتقلت من الأهداف الموضوعية المحدودة تحت استراتيجية إدارة الصراع،  إلى استراتيجية حسم الصراع ذات الأهداف النازية التلمودية الهزلية، بمعنى آخر، إسرائيل تلقي بكامل قوتها في معركة التاريخ وسننه تخبرنا أن نتيجتها الفشل الحتمي.
 في السابق كانت معارك اسرائيل اقصى ما تسعى له استعادة موازين الردع لصالحها من أجل  الوصول لهدنة تحيد تلك التهديدات لمدة زمنية معينة تستطيع جبهتها الداخلية التقاط أنفاسها وممارسة حياتها، ورغم ذلك لم تسجل إسرائيل نجاحات كبيرة في ذلك الشأن، فكلما شنت اسرائيل حربا لازالة التهديد سرعان ما يبرز تهديدات اخرى وتتسع دوائره، فكيف يمكن لاسرائيل حسم الصراع واعادة ترتيب المنطقة حسب المصالح والمخطط الاسرائيلي ومازالت غير قادرة على حسم جبهة غزة ولبنان، بل ينتظرها حرب استنزاف طويلة أثبتته حرب غزة الأطول في تاريخ الصراع، لذلك لم يتبقى لاسرائيل إلا ممارسة الحرب النفسية على جماهير ومؤيدي المقاومة في المنطقة، من أجل  تشكيكهم بقدرة المقاومة على مجابهة المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة، وهنا يبرز الهدف الحقيقي من وراء اغتيال قادة المقاومة وخاصة سماحة السيد حسن نصر الله رحمه الله، متناسين أن ايمان قواعد المقاومة برسوخ الجبال أن الدم الطاهر لهؤلاء القادة ما هو إلا وقود دافع لاستمرارية المقاومة ومزيد من عنفوانها حتى يبزغ فجر الانتصار الحتمي للمقاومة ومشروعها.