مدينة البتراء
تكاد تكون هي المعلم الأشهر والأبرز بالمملكة الأردنية، فبخلاف كونها شاهدة على التاريخ، إلا أنّها تحمل العديد من الألغاز التي تجعلها على رأس المناطق الأثرية المهمة بين دول العالم.
ما هي مدينة البتراء؟
البتراء هي مدينة قديمة تقع في المملكة الأردنية وكانت مركزها في كل من العصور الهلنستي (فترة ازدهرت بها الحضارة اليونانية) والروماني، وتقع أطلالها بجنوب غرب الأردن، إذ تمّ بناؤها على مصطبة يتخللها من الشرق للغرب وادي موسى، الذي سُمي نسبة لنبي الله موسى -عليه السلام- لمروره به مع قومه.
ويحيط بالوادي عدة منحدرات مكونة من الحجر الرملي التي يتخللها ظلال من اللون الأحمر والأرجواني تميل إلى الأصفر الباهت، ولهذا السبب أطلق العالم الإنجليزي جون ويليام بورجون في القرن التاسع عشر، على هذه المنطقة اسم «البتراء» ما يعني مدينة وردية اللون عمرها، وفق الموسوعة البريطانية للعلوم والمعرفة.
ألغاز تاريخية بمدينة البتراء
تحمل مدينة البتراء بين طياتها آثار العديد من الحضارات والألغاز التاريخية التي لم يعرف بها الكثير من الناس، إذ انفصلت المنطقة قديمًا عن فلسطين بواسطة نهر الأردن، كما أنّها لعبت دورًا بارزًا في التاريخ التوراتي، فتقع الممالك التوراتية القديمة بها، وهي «موآب» و«جلعاد» و«أدوم» داخل حدودها، وكل ذلك إلى جانب مدينة البتراء الحمراء الحجرية الشهيرة.
الرحالة البريطانية جيرترود بيل وصفت مدينة البتراء بأنها مدينة تنتمي للقصص الخيالية لروعة مناظرها الخلابة، وقد تم اكتشاف بقايا من العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث بها، ومن المعروف عنها أن الأدوميين احتلوا المنطقة حوالي عام 1200 قبل الميلاد، وبعد عدة قرون احتل الأنباط (وهم قبيلة عربية) المدينة وجعلوها عاصمة لمملكتهم.
وفي عام 312 قبل الميلاد هاجمت القوات السلوقية المنطقة، لكنها فشلت في الاستيلاء عليها، وفي ظل حكم الأنباط ازدهرت المدينة الوردية كمركز لتجارة التوابل التي شملت ممالك متباينة في تلك الحقبة الزمنية مثل، الصين ومصر واليونان والهند، وتضخم عدد سكان المدينة إلى ما بين 10 آلاف و30 ألف نسمة.
أشهر معالم مدينة البتراء
تضم مدينة البتراء معالم مميزة شاهدة على التاريخ من بينها، منطقة الدير وهو أشهر المعالم الصخرية بها، فهو عبارة عن واجهة قبر غير مكتملة استُخدمت في العصر البيزنطي كـ كنيسة، إذ أنَّ العديد من مقابر البتراء لها واجهات متقنة وتستخدم الآن كمساكن.
والمكان المرتفع للتضحية هو معلم آخر شهير بها، وعبارة عن مذبح عبادة يعود لتاريخ العصور التوراتية، كما أنّها تشمل السدود والصهاريج وقنوات المياه المنحوتة في الصخر والأنابيب الخزفية.
وفي عام 1993 كشفت عدد من الحفريات بها عن العديد من المعابد والآثار الأخرى التي توفر نظرة ثاقبة للتقاليد السياسية والاجتماعية والدينية للمدينة القديمة، كما تمّ توثيق مدينة البتراء كأحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.
حفر المعالم بالصخور في البتراء
وفق السجلات التاريخية قيل أن الأنباط (وهم مجموعة من بدو العرب)، من قاموا ببناء المعابد في مدينة البتراء في الوقت ما بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الثاني الميلادي، وكان هؤلاء التجار يتنقلون من مكان إلى آخر مع جمالهم وأغنامهم وماعزهم، ولكن بمرور الوقت، سيطروا على طرق التجارة الرئيسية التي كانت تتدفق عبرها التوابل والبخور من شبه الجزيرة العربية إلى مصر ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.
وعلى الرغم من الموقع الاستراتيجي للبتراء، إلا أنَّه لا يزال من غير الواضح سبب تخلي الأنباط عن خيامهم المصنوعة من جلود الماعز، لبناء المنازل والآثار العظيمة التي تشكل هذه المدينة حتى هذا اليوم.
ومن خلال إجراء العلماء المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، حدد بعض المؤرخين أنه هناك درجات عملاقة حُفرت في الجبال لإقامة هذه الهياكل والمعابد، وبهذه الطريقة، لم يكن من الضروري أن يُعلَّق العمال بالحبال أو يتدلَّون بشكل خطير من واجهات الجرف.