تتصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية المحتلة، مع تغيرات جديدة تزيد من تعقيد الأمور على الأرض، حيث يلعب المستوطنون أدوارًا متزايدة في إنفاذ القانون والسيطرة على الأرض، مما يزيد التضييق على الفلسطينيين.
وبحسب تحقيق لصحيفة “فايننشال تايمز” يأتي هذا التصعيد في ظل أنماط متكررة من العنف والعنصرية ضد الفلسطينيين، تزايدت بعد عملية طوفان الأقصى في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وفقًا لشهادات فلسطينيين ونشطاء حقوق الإنسان، فإن المستوطنين، وخاصة في المناطق الريفية مثل قرية التواني، أصبحوا يتمتعون بسلطات جديدة عززت الهجمات على المحاصيل والممتلكات والمواشي، لدفع السكان إلى مغادرة أراضيهم.
وتاليا التحقيق كاملا:
يقول الفلسطينيون والنشطاء إن المستوطنين دمروا المحاصيل وألحقوا الضرر بالممتلكات وهاجموا السكان المحليين ومواشيهم على مدى عقود.
يقول الفلسطينيون والنشطاء إن الضغط قد تزايد وتغيرت الديناميكية مع انتشار الجيش النظامي الإسرائيلي الآن على الخطوط الأمامية: فالمستوطنون الذين تم استدعاؤهم للخدمة كجنود احتياط أصبحوا الآن مسؤولين عن إنفاذ القانون.
ويصرّ السكان المحليون على أن المستوطنين العنيفين كانوا يتصرفون في السابق بحصانة شبه كاملة. أما الآن فقد مُنح بعض الأشخاص أنفسهم صلاحيات الدولة.
إن العنف المتزايد الذي شهده سكان قرية التواني هو جزء من تحول أوسع في الديناميكيات التي تحدث في الضفة الغربية في أعقاب هجوم حماس المدمر على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
كان هجوم السنة الماضية – الذي قتل فيه المسلحون 1200 شخص واحتجزوا 250 آخرين كرهائن – أحد أظلم الأيام في تاريخ إسرائيل، وردًا على ذلك، شنت إسرائيل هجومًا عنيفًا على غزة أسفر وفقًا لمسؤولين فلسطينيين عن مقتل أكثر من 42,000 شخص وأدى إلى كارثة إنسانية، كما انعكست تداعيات الصراع على الضفة الغربية المحتلة؛ حيث كثفت إسرائيل من أنشطتها العسكرية، فقد فُرضت قيود واسعة النطاق على حركة الفلسطينيين وتم منعهم من الوصول إلى المدن والبلدات والقرى، وتكررت المداهمات في مدن مثل جنين ونابلس وزادت الإجراءات الأمنية حول المستوطنات اليهودية.
يعيش حوالي 500,000 شخص في هذه المستوطنات في الضفة الغربية – التي تعتبرها معظم الدول غير قانونية – وهم مجموعة غير متجانسة، فبعضهم يعيش هناك لأسباب عقائدية أو دينية، والبعض الآخر انتقلوا لاعتبارات مثل تكلفة المعيشة. وفي حين يتورط عدد قليل نسبيًا من هؤلاء في الهجمات على الفلسطينيين، إلا أن الناشطين يؤكدون أن هؤلاء الذين يشاركون في الهجمات أصبحوا أكثر جرأة على مدار السنة الماضية.
تحدثت صحيفة فايننشال تايمز إلى أكثر من 20 شخصًا من القرويين والناشطين الفلسطينيين والإسرائيليين والدوليين حول العنف الذي يواجهه السكان المحليون من المستوطنين والدولة الإسرائيلية على حد سواء، كما استعرضت ساعات من تسجيلات مصورة للحوادث، وفي حين أن معظم هذه الحوادث منخفضة الحدة وبطيئة الاشتعال، إلا أن الخبراء يقولون إنها مجتمعةً تمثل حملة ممنهجة لطرد القرويين الفلسطينيين من أراضيهم.
ومع انتشار معظم الجيش النظامي الإسرائيلي الآن في غزة أو على الحدود مع لبنان، تم استدعاء آلاف المستوطنين لملء ثغرات الجيش في الضفة الغربية، ونتيجة لذلك، تم منحهم صلاحيات جديدة، بما في ذلك القدرة على اعتقال الأشخاص وإعلان المناطق العسكرية المغلقة.
ويقول محمد ربعي، رئيس مجلس قرية التواني: “ما تغير بالنسبة لنا بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، هو أن المستوطنين أصبح لديهم ذريعة لتشكيل قوة عسكرية”.
القرية الفلسطينية
وُلد محمد الهريني ونشأ في قرية التواني الزراعية الصغيرة، ويقول إن المستوطنين قاموا في 12 تشرين الأول/أكتوبر من السنة الماضية بنصب خيمة مراقبة على الطراز العسكري على أرض تعود ملكيتها لعائلته، بالقرب من منزلهم، ورفعوا أعلامًا إسرائيلية على الأرض وعلى شجرة قريبة، وأكدت الصور الفوتوغرافية التي اطلعت عليها فاينانشال تايمز موقع الخيمة والأعلام.
وفي اليوم نفسه، يقول الهريني إن المستوطنين بدأوا بقطع أغصان أشجار التين وكروم العنب الخاصة بالعائلة، وعندما ذهب الهريني وبعض أصدقائه لمنعهم، يقول إنهم اضطروا إلى التراجع بعد تهديدهم بالسلاح، ويقول الهريني إن المستوطنين لاحقوهم بعد ذلك إلى التواني.
وبدأ المستوطنون الذين كانوا يرتدون زيًا عسكريًا ويقفون بين الدفيئات الزراعية على قمة منحدر صخري، بإطلاق النار على القرية، وكادوا أن يصيبوا الهريني. وشاهد باسل عدرا ما حدث، وهو ناشط ومخرج أفلام وثائقية من التواني أيضًا، ويصف الأمر بأنه كان “مرعبًا”، وأضاف قائلًا: “لقد كانوا محظوظين لأنهم وجدوا جدارًا يختبئون خلفه”، وتبع المستوطنون الرجال إلى منزل عائلة هريني؛ حيث يقول هريني إنهم اعتدوا على عمه.
في اليوم التالي؛ كان الهريني في المنزل يعد الغداء عندما سمع صراخًا في الشارع ورأى الناس يركضون إلى منازلهم والخوف ظاهر عليهم، وعندما ذهب لاستطلاع الأمر، رأى اثنين من المستوطنين يدخلان القرية برفقة جندي، كان زكريا عدرا، ابن عم الهريني وباسل، في مواجهة مستوطن مسلح ببندقية كان ضمن فرقة الأمن في بؤرة حفات ماعون الاستيطانية.
وأظهر مقطع الفيديو الذي تحققت فاينانشال تايمز من صحته مشاجرة قصيرة سرعان ما تصاعدت حدتها.
وقام المستوطن أولًا بدفع زكريا في صدره، وعندما تراجع زكريا، أطلق المستوطن النار عليه في بطنه، فسقط زكريا وهرع رجال فلسطينيون لمساعدته، ومشى المستوطن مبتعدًا بينما راقبه جندي يرتدي الزي العسكري. ويقول زكريا لفاينانشال تايمز: “قال لي: ارجع. ارجع. ثم أطلق النار عليّ مباشرة. أصبح كل شيء أسود تمامًا بعد أن أطلق النار عليّ”.
وتم نقل زكريا إلى وحدة العناية المركزة وقضى 82 يومًا في المستشفى، ويقول إن الأطباء اكتشفوا أنه أصيب برصاصة من نوع “دوم-دوم”، وهي طلقة تتمدد عند الارتطام، مما يزيد من الضرر الناجم عنها، وقد احتاج زكريا إلى أربع جولات جراحية في معدته واضطر إلى استئصال جزء من البنكرياس، وكانت إصاباته شديدة لدرجة أنه اضطر إلى تركيب كيس فغر القولون، ويقول زكريا إنه فقد ما يقرب من 30 كيلوغراماً من وزنه أثناء إقامته في المستشفى.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الشرطة الإسرائيلية فتحت تحقيقات في الحادثين اللذين وقعا في التواني، ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الهجوم المزعوم على ابن عم الهريني، قائلاً إنه لا يمكنه تقديم تفاصيل عن التحقيق الجاري.
وتم سحب رخصة السلاح من المستوطن الذي أطلق النار على زكريا، ولكن لم توجه له أي تهم، وعندما ذهب زكريا إلى مركز الشرطة لتقديم شكوى، قال الهريني إنه اتُهم بإلقاء الحجارة وأُمر بدفع كفالة قدرها 1000 شيكل (حوالي 260 دولارًا).
وقال الجيش الإسرائيلي ردًا على سؤال حول الجندي الذي كان حاضرًا أثناء إطلاق النار على زكريا، إن “الفحص المباشر كشف أن الفيديو المنشور لا يجسد الحادثة بالكامل، وبالتالي لا توجد أسباب لمتابعة الإجراءات ضد الجندي”.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنه تم استجواب زكريا حول “تورطه المحتمل في حادثة شغب ورشق بالحجارة تطورت إلى إطلاق النار”، وأنه “وقّع على تعهد مالي، وليس غرامة، لضمان حضوره لأي استجواب آخر قد يكون مطلوبًا فيه”. ورفضت التعليق على التحقيق في إطلاق النار، بحجة أن التحقيق “نشط ومستمر”.
ويقول الهريني إن المستوطنين يجلسون الآن في موقع المراقبة المطل على التواني على مدار الساعة، ويصرخون في وجه القرويين ويعزفون موسيقى تحمل كلمات تتحدث عن قتل الفلسطينيين.
الحوادث التي تورط فيها المستوطنون بالقرب من التواني في 12-13 تشرين الأول/أكتوبر:
ويقول باسل عدرا إن مثل هذه الحوادث جعلت من شبه المستحيل على القرويين تأمين لقمة عيشهم، ويوضح: “لم تقم أي عائلة تقريبًا بقطف أشجار الزيتون الخاصة بهم، ولم يحرث أحد أرضه، والآن لم يعد مسموحًا لأي أحد أن يرعى أغنامه”. ويضيف الهريني أن الشباب في التواني نظموا تبرعات لدعمهم “لكنها لم تكن كافية لهم جميعًا”.
وبحسب أوري جيفاتي من منظمة كسر الصمت، وهي منظمة تضم جنودًا إسرائيليين سابقين خدموا في الأراضي المحتلة ويريدون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فإن الهجمات على المحاصيل والماشية غالبًا ما تبلغ ذروتها في أوقات رئيسية في التقويم الزراعي، بهدف جعل الزراعة غير قابلة للاستمرار.
ووفقًا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، فإن 96,000 دونم (9,600 هكتار) من الأراضي المستخدمة لزراعة الزيتون في الضفة الغربية، وهي أراضٍ ضرورية لكثير من المزارعين الفلسطينيين في كسب رزقهم، لم تُحصد في سنة 2023 بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل، وتقدر المفوضية أن هذا أدى إلى خسارة 1,200 طن متري من زيت الزيتون، وتقدر قيمته بـ10 ملايين دولار، وخلال الأسابيع الأولى من شهر تشرين الأول/أكتوبر، وبينما كان المزارعون يستعدون لحصاد الزيتون لهذه السنة، أصيب 44 فلسطينيًا بجروح على يد المستوطنين و10 آخرون على يد القوات الإسرائيلية، بينما تعرضت 600 شجرة للتخريب، حسبما ذكرت الأمم المتحدة.
وحتى قبل هجوم حماس، كانت سنة 2023 سيئة بالنسبة لعنف المستوطنين، فقد سجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية زيادة في الهجمات على الفلسطينيين بعد تولي تحالف بنيامين نتنياهو مع الجماعات اليمينية المتطرفة والدينية المتطرفة السلطة في كانون الأول/ديسمبر 2022، ولكن بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ارتفعت وتيرة العنف بشكل أكبر؛ حيث كانت الحوادث أعلى بنسبة 40 بالمئة في الأسبوع الواحد بعد الهجوم مقارنة بما قبل الهجوم خلال السنة الماضية.
وقد أصبح العنف أكثر تطرفًا أيضًا؛ حيث يوثق تقرير صادر عن منظمة “أكليد”، وهي مجموعة دولية لرصد النزاعات، ارتفاعًا حادًا في الحوادث التي تنطوي على استخدام الأسلحة النارية، كما يسلط التقرير الضوء على تغير ملامح المحرضين، فوفقًا للتقرير، تُنفذ الأعمال العدوانية الآن بشكل متزايد من قبل أشخاص يتمتعون بصفة شبه عسكرية – جنود مستوطنون أو فرق أمن المستوطنات أو أفراد في وجود الجيش.
ويقول السكان المحليون ومنظمات حقوق الإنسان إن رجالاً يرتدون الزي العسكري يقتحمون القرى الفلسطينية بشكل متكرر، ويحطمون ألواح الطاقة الشمسية ويثقبون خزانات المياه ويضرمون النيران في المنازل، وتدعم العديد من مقاطع الفيديو التي استعرضتها فاينانشال تايمز هذه الشهادة، ويقول النشطاء إن الهواتف تُصادر لإتلاف الأدلة. يقول عدرا إن المستوطنين صوّبوا البنادق إلى رجل في إحدى القرى، وقالوا للناس: “إذا لم تغادروا خلال 24 ساعة، سيتم إطلاق النار عليكم”.
ووفقًا للأمم المتحدة، فقد هُجِّر 1,628 شخصًا، من بينهم 794 طفلًا، بسبب عنف المستوطنين والقيود المفروضة على الحركة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. ووفقًا لمنظمة بتسيلم الحقوقية، فقد تم تهجير 19 تجمعًا رعويًا فلسطينيًا.
ويضيف عدرا: “نعتقد أن الاعتداءات الجسدية والعنف الجسدي إستراتيجية تتبناها الدولة. إن أجندة الدولة هي التطهير العرقي، وجعلنا نعيش في خوف”.
المستوطنة الإسرائيلية
ويقدم سكان مستوطنة ماعون القريبة وبؤرتها الاستيطانية حفات ماعون أنفسهم كمجتمع زراعي متماسك؛ حيث يسكن في ماعون حوالي 80 عائلة، ويعمل العديد من السكان في الزراعة. بينما يعمل آخرون كمعلمين وأخصائيين اجتماعيين وممرضين. ويوجد ميدان للرماية واستوديو للفنانين ومبيت وإفطار حيث يمكن للزوار الإقامة في أكواخ بسيطة. ويصف الموقع الإلكتروني للمستوطنة “المنظر المفتوح والجيران الرائعين”.
لكن بالنسبة للكثير من الإسرائيليين، لطالما كانت بؤرة حفات ماعون الاستيطانية مثيرة للجدل. وتقول درور سادوت في حديثها لـ”فاينانشيال تايمز” قبل أن تنتقل من دورها كمتحدثة باسم منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان إنها “معروفة بأنها إحدى المستوطنات العنيفة”.
وتعتبر معظم البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية غير قانونية؛ حيث تحظر اتفاقيات جنيف نقل المدنيين التابعين لدولة الاحتلال إلى الأراضي التي تحتلها. وفي تموز/ يوليو الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة في الأمم المتحدة، حكمًا بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
والبؤر الاستيطانية هي مستوطنات يتم بناؤها دون تصريح رسمي من السلطات وهي غير قانونية حتى بموجب القانون المحلي الإسرائيلي. وقد تم إنشاء العديد منها ببضعة كرفانات أو مبانٍ مؤقتة، قبل أن يتم تطويرها تدريجيًا. وقد ذكرت الأمم المتحدة السنة الماضية أنه من بين 279 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، هناك ما لا يقل عن 147 بؤرة استيطانية.
وفي سنة 2002؛ أدين عدد من المستوطنين بزرع قنبلة في مدرسة عربية في القدس. واحتجز مستوطن من حفات ماعون في البداية، ولكن أُطلق سراحه بعد ذلك. ورد يهوشافات تور، أحد مؤسسي حفات ماعون، على الحادثة بعد سنة من وقوعها، حيث قال لصحيفة نيويورك تايمز: “التوراة تقول إن علينا قتل جميع العرب”. وفي سنة 2006، حدد وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتز حفات ماعون كبؤرة استيطانية إشكالية بسبب اعتداءات المستوطنين المتكررة على الأطفال الفلسطينيين المحليين.
وفي أواخر سنة 2022؛ كان تور يقوم بتمويل جماعي لسداد ديونه. ويشكو في مقطع فيديو من “القتال الذي لا يتوقف والمظاهرات في أيام السبت والأعياد. ويقول إن أغنامًا بقيمة 500,000 شيكل (حوالي 130,000 دولار) قد سُرقت.
وقبل عدة سنوات؛ هدمت الحكومة الإسرائيلية مباني المزرعة والمنزل الذي بناه هو وزوجته في حفات ماعون، وهي حالة نادرة نسبيًا من حالات إنفاذ أوامر الهدم في البؤر الاستيطانية غير القانونية.
وقامت “فاينانشال تايمز” بمحاولات متكررة للاتصال بسكان ماعون وحفات ماعون، بما في ذلك تور، من أجل زيارة المستوطنة والحصول على تعليق، ولكن دون جدوى. ولم ترد الحكومة الإسرائيلية عندما طُرحت عليها نتائج هذا التحقيق.
ولكن في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز هذه السنة، نفت دانييلا فايس، وهي قيادية مخضرمة في صفوف المستوطنين المتشددين، بشكل قاطع أن يكون المستوطنون قد حرضوا على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وقالت: “أنا على استعداد لأن أقسم على ذلك في أي محكمة عليا… لا يوجد يهودي يبدأ صراعًا مع العرب. وكل ما يتطور حول هذا الموضوع هو شيء واحد: خطة لمحاولة إقامة دولة أخرى داخل بلاد اليهود”.
كيف استولى المستوطنون على الأراضي المحيطة بالتواني؟
ويتم دعم كل من ماعون وحفات ماعون من قبل صندوق “إسرائيل واحدة”، وهي مؤسسة خيرية أمريكية، والتي توفر المعدات الأمنية والمساعدات المالية للمستوطنات. وفي أوائل سنة 2020؛ قامت مديرة السياحة في الصندوق، إيف هارو، التي تعيش في مستوطنة قريبة، بزيارة حفات ماعون لتصوير فيلم قصير.
وفي مقطع الفيديو، تناقش هارو موضوع الأمن مع الحاخام جوناثان غباي، أحد سكان حفات ماعون الذي نشأ في تكساس. وتقول هارو: “هناك عرب يحاولون السرقة باستمرار”، بينما يوافقها غباي الرأي. وتتابع هارو: “أنت هنا في منطقة يمكن أن يجتاحها العرب”.
وفي حديثها إلى صحيفة “فاينانشال تايمز”، قالت هارو إن وجود ماعون والمستوطنات اليهودية الأخرى في المنطقة “يمنع إنشاء كيان جهادي أهدافه المعلنة هي تكرار مذابح 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ولكن على نطاق أوسع”.
وقال صندوق “إسرائيل واحدة” إنه يقوم بفحص دقيق للمشاريع، وأن عمله يشمل توفير “معدات وقائية وأمنية مدنية لمستوطنتي ماعون وحفات ماعون اللتين تعرضتا لهجمات عنيفة متكررة من جيرانهما المحيطين بهما”.
دور الدولة
وتحتل إسرائيل الضفة الغربية – التي يسعى الفلسطينيون إلى أن تكون قلب الدولة المستقبلية – منذ الاستيلاء عليها من الأردن في حرب 1967.
وكانت دفعة من الدبلوماسية في تسعينيات القرن الماضي، والتي كانت تهدف إلى تمهيد الطريق لحل الدولتين، قد قسمت الأراضي إلى ما كان من المفترض أن يكون خليطًا مؤقتًا من المناطق، والمعروفة باسم المناطق (أ) و(ب) و(ج). ولكن بعد سنوات من محادثات السلام الفاشلة، تحجرت هذه الهيكلية، وأصبحت المنطقة (ج) – الخاضعة للسيطرة العسكرية والإدارية الإسرائيلية – محور جهود المستوطنين للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
ولدى العديد من المستوطنين دوافع اقتصادية للعيش في الضفة الغربية. لكن مستوطنين آخرين، أكثر أيديولوجية، يعتقدون أن لديهم حقا دينيا في العيش هناك.
وفي مقابلة مع مجلة “نيويوركر” السنة الماضية، ادعت فايس أن “حدود وطن اليهود هي الفرات في الشرق والنيل في الجنوب الغربي” – وهي منطقة لا تشمل الضفة الغربية فحسب، بل تشمل أيضًا العديد من دول الشرق الأوسط الأخرى، مضيفة: “الأمة الأولى التي حصلت على كلمة الله والوعد من الله – الأمة الأولى هي صاحبة الحق في ذلك. إن المستوطنات عملت أيضًا على منع قيام دولة فلسطينية”.
وتقول سادوت، التي كانت تعمل سابقًا في منظمة بتسيلم: “تسعى الدولة والمستوطنون بشكل أساسي إلى نفس الهدف، وهو الاستيلاء على الأرض. وتقوم إسرائيل بذلك بوسائل رسمية… وتفرض قيودًا صارمة على بناء الفلسطينيين وبنيتهم التحتية. والمستوطنون يفعلون الشيء نفسه بطريقة غير رسمية”.
وتضيف سادوت أنه على الرغم من أن البؤر الاستيطانية غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي، إلا أن إسرائيل تسمح لهم بالبقاء ولا تتم محاسبة المستوطنين العنيفين على أفعالهم، وقالت: “وهذا ليس عن طريق الخطأ”.
ويقدر درور إتكس، من منظمة كِرم نابوت الإسرائيلية لحقوق الإنسان، أن المستوطنين “منعوا الوصول” إلى 37,000 فدان إضافي من الأراضي الفلسطينية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ولا توجد طريقة للفلسطينيين لاستعادتها، كما تقول ديانا بطو، المحامية والمحللة والمستشارة السابقة للرئيس الفلسطيني محمود عباس. ”بمجرد أن ترحل، سترحل. إنهم يستولون على الأرض ولا مجال للعودة إلى الوراء”، مضيفةً أن الحفاظ على هذه المستوطنات “يتطلب العنف والقوة للاستيلاء على الأرض… لإبقاء جيش هناك. . . كل ذلك يتطلب العنف“.
ويمثل المستوطنون حوالي 9 بالمائة من اليهود الإسرائيليين. ولكن بعد أن كانوا مجموعة هامشية في أعقاب حرب سنة 1967، أصبح لهم نفوذ يتجاوز أعدادهم بكثير. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن دعم حركة المستوطنين مرتبط بشكل كبير بالانتماء السياسي. فالإسرائيليون اليساريون يميلون إلى انتقاد المستوطنات، بينما يدعمها الإسرائيليون اليمينيون. ومع تحول السياسة الإسرائيلية إلى اليمين على مدى العقدين الماضيين، ازداد الدعم للمستوطنات.
ويقول نيمرود نير من مختبرات أجام، وهو معهد بحثي في جامعة هارفارد: “على مر الوقت، تمكن المستوطنون من تحويل المستوطنات إلى جزء مما يُعتبر اليوم التيار الرئيسي الإسرائيلي. وقد ساهمت الحرب، بطريقة ما، في تسريع انخفاض العداء تجاه المستوطنات”.
وعندما عاد نتنياهو إلى السلطة في سنة 2022، كان ائتلافه يعتمد على حزبين يمينيين متطرفين بقيادة مستوطنين قوميين متطرفين: إيتمار بن غفير، الذي أصبح وزيرًا للأمن القومي، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يتولى أيضًا حقيبة في وزارة الدفاع تمنحه صلاحيات في الشؤون المدنية في الضفة الغربية.
كلاهما لهما تاريخ طويل من العداء لفكرة الدولة الفلسطينية؛ حيث تم إدانة بن غفير في سنة 2007 بالتحريض على العنصرية ضد العرب ودعم منظمة إرهابية.
ودفع سموتريتش بسلسلة من القرارات التي تهدف إلى ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، إذ قال في حزيران/ يونيو إنه في الوقت الذي يستطيع فيه المجتمع الدولي “أن يعلن ليل نهار أنه يعترف بالدولة الفلسطينية، فإننا سنثبت الحقائق على الأرض ونضمن عدم قيام دولة فلسطينية”.
وردًا على تصاعد عنف المستوطنين، بدأ المجتمع الدولي بالتحرك؛ حيث فرضت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا عقوبات على 19 مستوطنًا و17 كيانًا تعمل على مضايقة الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، فرضت فرنسا حظر سفر على 28 مستوطنًا. وقال وزير خارجية المملكة المتحدة آنذاك اللورد ديفيد كاميرون بعد أن فرضت المملكة المتحدة عقوبات في شباط/ فبراير: “المستوطنون الإسرائيليون المتطرفون يهددون الفلسطينيين، وغالبًا تحت تهديد السلاح، ويجبرونهم على ترك الأراضي التي هي حق لهم”.
ومع تصاعد عنف المستوطنين، أعرب حتى بعض المسؤولين في الجيش الإسرائيلي عن قلقهم.
وقال يهودا فوكس، اللواء الإسرائيلي الذي أشرف على العمليات في الضفة الغربية حتى استقالته في تموز/ يوليو، في مراسم تسليم السلطة: “لقد ارتفعت أنشطة الإجرام القومي المتطرف تحت غطاء الحرب والرغبة في الانتقام. حتى وإن كان الجناة أقلية، فإن من يسكتون ويفشلون في استبعادهم يجلبون النقد على [جميع المستوطنين]. وبالنسبة لي، هذا ليس يهودية”.
جنود المستوطنين
وتلعب القوات العسكرية دورًا محوريًّا في حياة العديد من الإسرائيليين، حيث تُعتبر الخدمة الوطنية الإلزامية خطوة أساسية لبقية المجتمع. بينما نادرًا ما يخدم العرب الإسرائيليون واليهود الأرثوذكس المتشددون في الجيش، يضم الجيش النظامي نحو 170,000 جندي، مدعوماً بـ 465,000 جندي احتياطي، وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. تمثل هذه الأعداد نسبة كبيرة من سكان البلاد البالغ عددهم 9.9 مليون نسمة.
النشطاء يبرزون العلاقة الوثيقة بين الجيش ومستوطني الضفة الغربية، حيث يقول الجندي السابق غيفاتي: “العلاقة متداخلة تمامًا. كان المستوطنون يزورون قاعدتنا لتناول العشاء، بينما كان الجنود يذهبون إلى منازل المستوطنين.” ويضيف غيفاتي أن فرق أمن المستوطنات والجيش يتدربون معاً، مشيراً إلى أن “الجنود هم أيضاً مستوطنون بأنفسهم”.
قبل هجوم حماس؛ كان الجنود في الضفة الغربية يتعاملون بعنف مع الفلسطينيين بشكل متكرر. ويشير غيفاتي إلى أن الجيش استخدم الدوريات ونقاط التفتيش لتأكيد وجوده، مستذكرًا آخر جولة له في عام 2016، حيث قال: “أول شيء قاله لنا قائدنا هو أن مهمتنا هي جعل جميع الفلسطينيين في منطقتنا يشعرون بأنهم لا يستطيعون رفع رؤوسهم”.
في أعقاب الهجوم القاتل، تم استدعاء المستوطنين من مختلف أنحاء الضفة الغربية، مما أسفر عن تلاشي الحدود الفاصلة بين الجيش والمستوطنين. وفي هذا السياق، يشير باحث أمريكي يعمل ميدانيًّا في الأراضي الفلسطينية، وفضل عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، إلى أن “تلك الأرقام نفسها لم تعد قابلة للتفريق بينها”.
ومن بين الذين تم استدعاؤهم كان بتسلئيل تاليا، وهو مستوطن واحتياطي في منطقة ماعون، الذي أصبح معروفاً بالفعل بين الفلسطينيين بعد سلسلة من المواجهات المبلغ عنها مع السكان المحليين.
في صباح السابع من تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي، استيقظ بتسلئيل تاليا في مزرعته على أصوات الانفجارات. بعد فترة قصيرة، تلقى مكالمة من شقيقته تخبره أن والدته وزوج أختهم وأبناؤه في كيبوتس قريب من حدود غزة يتعرضون لهجوم. على الفور، قام بتسلئيل وشقيقه بتحميل الأسلحة في سيارتهما وانطلقا نحو المدينة.
وعند اقترابهما من منزل والدتهما، اكتشفا جثة. فقد غادرت والدتهما منزلها لتطمئن على أحفادها، لكنها تعرضت لإطلاق نار وقتلت في الشارع.
كتب تاليا في تلك الليلة على فيسبوك: “والدتي، البطلة والشجاعة مارسيلا تاليا، رحمها الله”، وأضاف: “ستفعل حكومة إسرائيل كل ما في وسعها حتى لا تذهب جريمة قتلها سدى”.
يعمل تاليا الآن قائداً لشركة في كتيبة الدفاع الإقليمي 7771، التي تضم جنودا احتياطيين مستوطنين من ماعون ومجتمعات قريبة أخرى، وتتحمل الكتيبة مسؤولية أمن 24 مستوطنة وسلسلة من المواقع القريبة، بما في ذلك ماعون وهافات ماعون.
وفي فيديو لجمع التبرعات الخاص بالكتيبة، يوضح رقيب أول أن هذه المستوطنات محاطة بقرى معادية، مع تقديم توضيح على خريطة تُظهر قرى التواني وغيرها من القرى الفلسطينية مظللة باللون الأحمر.
ويقول باسل عدرا، من التواني: “تقريباً جميع الجنود في منطقتنا هم مستوطنون من المواقع والمزارع”.
وتشير العشرات من الصور ومقاطع الفيديو التي راجعتها صحيفة فاينانشال تايمز إلى أن العديد من الجنود المشاركين في الحوادث حول التواني منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي، بما في ذلك حادثة إطلاق النار على القرية في 12 تشرين الأول/أكتوبر وإنشاء نقطة المراقبة الخيمية، ينتمون إلى وحدة الدفاع في ماعون.
وتشير الأدلة المستندة إلى تحليل عدة صور ومقاطع فيديو قدمها ناشطون إلى تورط وحدة الدفاع في ماعون في حوادث متعددة منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر.
ويواجه نشطاء وفلسطينيون محليون صعوبة في التمييز بين الرجال المسلحين الذين يرتدون الملابس الكاكي بالقرب من التواني، إذ يُحتمل أن يكونوا جنوداً أو مستوطنين. ويوضح الباحث الأمريكي: “عندما ترى جندياً، يصبح من غير الواضح ما إذا كان في الخدمة الفعلية، أو في الاحتياط، أو حارس أمن لمستوطنة، أو مجرد مستوطن عادي ارتدى زياً عسكرياً اشتراه”.
ويضيف أن المستوطنين الذين تم استدعاؤهم حديثاً غالباً ما يكونون أقل احترافية من الجنود الذين كانوا في الخدمة سابقاً، مشيراً إلى أنهم “يدخلون بحالة من العدوانية الشديدة، مما يؤدي إلى تصعيد الموقف على الفور”.
ويلفت الباحث أيضًا إلى أن العديد من هؤلاء الرجال يحملون رموزًا مرتبطة باليمين المتطرف على زيهم. ويقول: “العديد منهم يرتدون شارة حركة الهيكل الثالث”، في حين يرتدي آخرون شارة ترمز إلى مجيء المسيح. ويُعتبر جبل الهيكل، أو الحرم القدسي الشريف، في القدس أقدس موقع في اليهودية وثالث أقدس موقع في الإسلام. وفي السنوات الأخيرة، سعى سياسيون وناشطون من اليمين المتطرف اليهودي لتعزيز سيطرتهم على هذا الموقع، بينما يسعى بعض المتطرفين في النهاية إلى استبدال المسجد الأقصى بهيكل ثالث.
وتظهر الصور التي راجعتها صحيفة فاينانشال تايمز أن بعض الجنود المستوطنين يرتدون شارات تمزج بين العلم الإسرائيلي ورمز جمجمة العقاب، بما في ذلك بتسلئيل تاليا. وقد أصبح هذا الرمز معتمداً من قبل اليمين المتطرف في الولايات المتحدة.
وتواصلت صحيفة فاينانشال تايمز مع عدد من الفلسطينيين المحليين والناشطين الدوليين الذين تفاعلوا مع تاليا خلال دوره كقائد عسكري. وأفاد أحدهم بأنه شهد حوادث قام فيها تاليا بتفتيش هواتف الأشخاص بحثاً عن مواد تتعلق بغزة، وكان يقوم بضربهم إذا عثر على أي شيء.
وتقول سونيا إيبستين، ناشطة من الولايات المتحدة، إن تاليا “يُعتبر من أكثر الجنود المستوطنين عدوانية في المنطقة، وقد استمر في مضايقة الفلسطينيين وتسبب في الكثير من الأذى لهم”.
وفي نيسان/ أبريل، بدأت مجموعة من الناشطين في الضفة الغربية بتوثيق سلوك الجيش والمستوطنين من خلال تصوير تاليا ورجاله، حيث أفاد عدد من الناشطين الفلسطينيين والدوليين الذين كانوا حاضرين بأنه قام باعتقالهم بتهمة تصوير عملية عسكرية.
بتسلئيل تاليا، الذي يُعتبر شخصية مثيرة للجدل بين الفلسطينيين والناشطين، عرف بتفاعلاته العدوانية مع السكان المحليين. في حادثة مُسجلة عام 2022، شوهد وهو يهدد مجموعة من المزارعين الفلسطينيين الذين كانوا يستعدون لزراعة المحاصيل على أراضيهم.
ووفقاً لباحث أمريكي فضّل عدم الكشف عن هويته، فإن العديد من المستوطنين الذين استُدعوا مؤخراً للانضمام إلى الجيش يتصرفون بتوتر ملحوظ أثناء تفاعلهم مع القرويين الفلسطينيين، فيما يُعرف عن تاليا أنه “يبادر بالصراخ تلقائياً، ويشير ببندقيته، ويرفع صوته بشكل عدواني”.
وأشار الباحث إلى حادثة وقعت مع مجموعة من الرعاة وقطيعهم الذي يضم نحو 1000 رأس من الأغنام في وادٍ بالقرب من مستوطنة كرميئيل، شمال شرق ماعون. وقال: “فجأة، نزلت مجموعة من الجنود المستوطنين من الجبل وقامت باحتجازنا”.
وأضاف أن الجنود صرخوا على الرعاة ليجلسوا على الأرض، وفي تلك الأثناء أعلن تاليا فرض منطقة عسكرية مغلقة لمدة 30 يوماً على الأرض الفلسطينية التي يعتمد عليها هؤلاء الرعاة لرعي مواشيهم يومياً. وأوضح الباحث أن المناطق العسكرية المغلقة تُفرض عادة لمدة 24 ساعة أو أسبوع، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يحرم الرعاة من أراضيهم في فترة حيوية من الموسم الزراعي.
ورداً على الانتقادات التي وُجّهت إليه عبر الإنترنت من قبل مجموعة ناشطين مؤيدين لفلسطين في منطقة تلال الخليل الجنوبية، والتي وصفته بـ”المستوطن الإرهابي”، كتب تاليا على فيسبوك أن هؤلاء الناشطين “يكرهون إسرائيل” ويهدفون إلى إقصائه من الجيش الإسرائيلي.
وفي منشور آخر، كتب: “إما أن نكون نحن الصيادون أو نكون نحن الفريسة”. وكان تاليا يظهر في صور نشرها على حسابه في إنستغرام برفقة مصور محترف. وبعد تواصل صحيفة فاينانشال تايمز معه للتعليق، اختفى حسابه على تيك توك، وعزا ذلك إلى سياسة المنصة، حيث كتب: “أغلق تيك توك حسابي لأنني صهيوني فخور. إنها شبكة اجتماعية معادية للسامية”.
وتظهر مقالة حديثة في صحيفة خاصة بالمستوطنين تاليا بصورة إيجابية، حيث يُقدَّم كمدرب لياقة بدنية تحول إلى جندي و”بطل” في أحداث 7 تشرين الأول / أكتوبر. ويتحدث في المقال عن أسلوب حياته البسيط في نقطة استيطانية مع عائلته، قائلاً إنه يدير المزرعة مع إخوته ويرعى الأغنام.
وعندما تواصلت صحيفة فاينانشال تايمز عبر الهاتف مع الرقم المدرج على موقع تاليا، أجاب رجل يُعرّف نفسه بأنه شقيقه يديعيا قائلاً: “هذه الصحيفة ليست صديقة لإسرائيل.” ولم يردّ تاليا على الأسئلة التفصيلية التي وُجهت إليه عبر البريد الإلكتروني.
وعند استفسار الصحيفة من الجيش الإسرائيلي عن الادعاءات المتعلقة بتاليا، صرح الجيش بأنه “ليس على علم بالمزاعم المذكورة”، مضيفاً: “في حال ورود شكاوى، ستتم معالجتها وفقاً للبروتوكول من قبل الجهات المختصة”.
لكن بالنسبة للعديد من الفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن استدعاء المستوطنين، مثل تاليا، للخدمة العسكرية خلال العام الماضي زاد من مخاوفهم حيال المستقبل. ويقول الهوريني، القروي من التواني الذي شهد إطلاق مستوطن النار على صديقه زكريا: “اليوم يبدأ مع أرضي، لكن من يدري، ربما غذاً سيطال منزلي”.