لطالما كان قياس النجاح معتمدا على تحقيق أعلى الأرقام في أي مجال ومنشط، على كافة الأصعدة والمستويات، ويتحقق الإنجاز تلو الإنجاز بكسر الرقم الأعلى برقم آخر أعلى منه، وعلى النقيض، فإن تدني الأرقام في الغالب ينبئ عن فشل أو تقصير أو تراخٍ في أي أمر، وهذا ليس بالأمر الجديد.
الأمر اللافت والمميز، هو تحقيق التناقض المحمود، وانعكاس الأرقام المتدنية إلى معايير ومؤشرات للنجاح، وهذا ما عملت عليه السعودية في كافة الجوانب المتعلقة في مواسم الحج، بخبراتها التراكمية على مدى العقود الماضية، وتطبيق أفضل الممارسات المهنية التي تكفل موسما ناجحا لضيوف الرحمن، أمناً وأماناً وصحةً وطمأنينةً، إذ جعلت «الصفر» هدفا متحققا لأعلى النتائج وأفضلها، وبات الصفر علامة فارقة ورقما عالياً في مؤشرات قياس مستويات السلامة والأمان.
وأعلنت كل من وزارة الصحة، ووزارة الحج والعمرة، ووزارة الداخلية، إضافة إلى الجهات المساندة والمشاركة في تنظيم حج 1442، نجاح موسم الحج الاستثنائي، وخلوه من كل ما يهدد صحة وسلامة وأمن الحجاج، إذ تم تسجيل «صفر إصابات بكورونا»، و«صفر حالات حج غير نظامي»، و«صفر أوبئة» و«صفر حوادث»، و«صفر وفيات»، وذلك بناء على عدد من مؤشرات القياس الأساسية التي تهدف إلى حج ينعم فيه ضيوف الرحمن بالأمن والأمان ويضمن سلامة الإنسان، ما شكّل أيقونة مميزة في مسيرة الخطط والمشاريع.
إن نجاح الحج في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم جراء جائحة كورونا، مع تطبيق الاحترازات الصحية لمنع انتشار العدوى وعدم تسجل أية حالة، يأتي بفضل الله ثم باهتمام ومتابعة خادم الحرمين الشريفين وتوفير جميع الخدمات وتنفيذ الخطط الخدمية والأمنية، وهذا النجاح يضاف لما تحقق منذ عهد المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه إلى هذا العهد الزاهر الميمون.
ولم يكن هذا «النجاح المعتاد» وليد الصدفة، فقد وفرت المملكة جميع الإمكانات المادية والبشرية، وسخرت منظومة متكاملة من الخدمات والتقنيات التي طُبقت في حج هذا العام؛ للحفاظ على أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام لأداء نسكهم بأمن وطمأنينة، بتكامل من كافة الجهود الحكومية خلال موسم الحج، وكفاءة التنظيم والاحترافية العالية التي أظهرتها قطاعات الدولة العاملة على خدمة ضيوف الرحمن.