قصتهما محفورة في صخور زاوية سلطان.. أسرار مقبرة هدى شعراوي و



04:01 م


الخميس 21 نوفمبر 2024

المنيا- جمال محمد:

تزخر منطقة مدافن زاوية سلطان، والتي تعد أكبر تجمع لمقابر أهالي محافظة المنيا، بشرق النيل، وعلى بعد 7 كيلومتر تقريبًا عن المدينة، بالعديد من القصص والحكايات، إلا أن طبيعة تصميم المقابر هناك وقبابها المميزة، ووجود بعض المناطق الأثرية فيها تجعلها محط أعين الكثيرين، خاصة المهتمين بالآثار وطلبة كليات الآثار.

وفي قلب المدافن التي تقع أسفل الجبل الشرقي بتلك المنطقة، تجد أحد أشهر مقابر المحافظة، وهي المجموعة الجنائزية لمحمد سلطان باشا والد المناضلة الوطنية هدى شعراوي، إحدى الرائدات والمناضلات المصريات في ثورة 1919، إذ سُجلت تلك المجموعة لدى الآثار منذ أعوام قليلة، نظرًا لجمالها وتميزها دون غيرها من مقابر المحافظة.

تعود تلك المجموعة الجنائزية إلى “محمد باشا سلطان” وتقع في قرية زاوية سلطان والتي سُميت باسمه منذ عقود طويلة، فكان من أثرياء الصعيد، واسمه بالكامل محمد باشا سلطان ابن السلطان أغا بن أحمد، والذي جاءت عائلته من بلاد الحجاز.

عُرف عن محمد باشا الكرم والذكاء، ولُقب بملك الصعيد، فقد شغل منصب حاكم صعيد مصر، وصدر له قرار الخديوي توفيق في يوم 18 ديسمبر 1881 بتنصيبه رئيسًا لمجلس شورى النواب، وأنجب ابنته “هدى” التي تزوجت فيما بعد ابن عمتها “علي الشعراوي”، وسميت على اسمه هدى شعراوي وفقًا للأعراف والتقاليد في هذا الوقت.

مقابر تلك العائلة وما يمزها، وما دفع مسئولي الآثار لتسجيلها، هو كونها ليست مجرد قبور ومدافن مزخرفة فقط، بل ظهرت بها مظاهر العمارة المدنية بقوة، ويوجد بها “حرملك” وهو قسم خاص لجلوس السيدات، و”سرملك” وهو جناح خاص بالرجال، وتضم الحوائط وغرف الدفن من الخارج نقوشًا فنية تجعلها ذات طابع خاص.

كما يوجد بجوار المدافن وداخل أسوار المنطقة المخصصة للعائلة بئر مياه، كان يستخدم في جميع أغراض ري الزرع حول المدافن، والتنظيم والشرب لدى الزائرين، لذا تم تسميت المنطقة مجموعة جنائزية.

وترجع القيمة التاريخية الكبيرة لمدافن عائلة هدى شعراوي ووالدها، إلى أن “محمد باشا سلطان كان حاكما للصعيد وعُرف عنه الكرم والسماحة والعطاء الكثير للأهالي، ودُفن بها هو وابنته، وكذلك “عمر باشا سلطان”، وبعض أفراد العائلة الآخرين.

مصدر بآثار المنيا، أكد أن الزخارف والأرابيسك، وتصميم تلك المجموعة الجنائزية، تجعلها متفردة بشكلة وأصلوبها عن غيرها من مقابر المنيا، ولذلك فإن العديد من الدراسات جرت حولها، ورغم أن المجموعة هامة للغاية، إلا أنها تم تسجيلها منذ عدة سنوات قليلة بالتحديد في عام 2016 .

وأضاف المصدر، أن العديد من طلاب كليات الآثار يزورون منطقة مقابر زاوية سلطان بشكل عام، وأضرحة الصالحين، وبعض المعالم الأثرية القريبة من المنطقة مثل “الكوم الأحمر، ويحرصوا بعدها على زيارة المجموعة الجنائزية لهدى شعراوي ووالدها، والتي تمثل قيمة علمية وتاريخية هامة.

يذكر أن “هدى شعراوي” قد وُلدت عام 1879 وهي ابنة محمد سلطان باشا، وشغل منصب رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق، وتزوجت وهي في سن الثالثة عشر من ابن عمها “علي شعراوي” الذي كان له دورًا سياسيًا ملحوظًا في ثورة 1919 وعلاقته بسعد زغلول، وانعكس هذا الدور عليها، فشاركت بقيادة مظاهرات للنساء عام 1919، وأسست “لجنة الوفد المركزية للسيدات” وقامت بالإشراف عليها، وخرجت على رأس مظاهرة نسائية مكونة من 300 امرأة للمطالبة بالإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، وظلت تدافع عن العديد من القضايا الوطنية، وتُوفيت عام 1947.