ما وراء الشاشات.. أسرار تربية الأطفال في العصر الرقمي

في عالمنا المعاصر، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وخاصة حياة الأطفال، ومع تزايد الاعتماد على الأجهزة الذكية والإنترنت، ظهرت تحديات جديدة تواجه الأهل في تربية أبنائهم.

وفي خطوة رائدة لحماية الأطفال في العصر الرقمي، أصدرت شركة كاسبرسكي بالتعاون مع مجلس الأمن السيبراني في دولة الإمارات العربية المتحدة تقريرًا شاملًا بعنوان (نشأة الأطفال في ظل الإنترنت)، يستكشف التغيرات الدقيقة في سلوك الأطفال نتيجة استخدامهم المتزايد للإنترنت، ويقدم إرشادات عملية للأهل للتعامل مع تحديات تربية الأطفال في العصر الرقمي.

يتناول التقرير عدة عوامل مهمة، بما يشمل: الوقت الذي يقضيه الأطفال عبر الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، والتأثير النفسي الذي يُحدثه استخدام الأجهزة، بالإضافة إلى المخاوف المهمة المتعلقة بالتهديدات عبر الإنترنت، بما يشمل قضايا الخصوصية والتنمر الإلكتروني.

نتائج التقرير:

أظهر التقرير أن نسبة تبلغ  93% من الأسر الإماراتية توفر للأطفال أجهزة إلكترونية لأغراض تعليمية، ولكن الوقت الذي يقضيه الأطفال في استخدام هذه الأجهزة يمثل تحديًا كبيرًا. فوفقًا للتقرير، يواجه نسبة تبلغ 30% من الأهالي في دولة الإمارات خلافات مع أطفالهم بسبب استخدامهم للإنترنت.

ويرجع السبب الرئيسي لهذه الخلافات إلى المدة الطويلة التي يقضيها الأبناء أمام الشاشات، إذ يمثل الوقت الذي يقضيه الأبناء عبر الإنترنت سببًا رئيسيًا للخلاف لدى نسبة تبلغ 64% من الأهالي.

وعلاوة على ذلك؛ أظهر التقرير أن زيادة عمر الأطفال يتناسب طرديًا مع الوقت الذي يقضونه عبر الإنترنت واحتمالية إدمانهم للأدوات الإلكترونية، مما اضطر نسبة تبلغ 92% من الأهالي إلى تحديد وقت محدد لاستخدام أطفالهم للأجهزة.

الأطفال والإدمان الرقمي:

كشف التقرير أيضًا عن ارتباط وثيق بين الإدمان الرقمي والصحة النفسية للأطفال في دولة الإمارات، خاصةً وأن نسبة تبلغ 80% من الأطفال في الإمارات يقولون إنهم لا يستطيعون الحياة دون الأجهزة الإلكترونية، مما يعكس مدى الاعتمادية الشديدة عليها.

وتؤكد هذه النسبة ارتفاع معدلات المشاعر السلبية لدى الأطفال، إذ يُظهر التقرير أن نسبة تبلغ 45% من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع يشعرون بحزن شديد عند نفاد بطارية الهاتف، في حين يشعر نسبة تبلغ 28% منهم بالغضب الشديد، ويشعر نسبة تبلغ 12% منهم بالخوف الشديد. ومن غير المستغرب أن تؤدي هذه المشاعر المتزايدة إلى حدوث صراعات بين الأهل والأطفال، مما يؤثر في الصحة النفسية للطفل.

وقد حذر الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، من مخاطر الإدمان الرقمي على الأطفال، مؤكدًا أن الأنشطة الرقمية قد تشتت انتباه الأطفال بشكل كبير وتبعدهم عن العالم الحقيقي.

وقال الدكتور الكويتي: “قد يجذب المحتوى الجذاب المتوفر عبر الإنترنت الأطفال لساعات طويلة، مما يقلل من وقتهم المخصص للأنشطة الحقيقية والتفاعل الاجتماعي. لكن يجب علينا تذكر أن العالم الحقيقي يمكن أن يكون أكثر جاذبية، وخاصة إذا كان الأهل مستعدين لاستثمار وقتهم عبر قضائه مع أطفالهم والقيام بأنشطة مشتركة. ويُعدّ هذا الوقت أكثر أهمية وقيمةً للعائلات والأصدقاء للتواصل، وبناء روابط خاصة، ومشاركة الذكريات”.

الأطفال والتنمر عبر الإنترنت:

يُعدّ التواصل عبر الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال في العصر الرقمي، ولكنه يحمل في طياته العديد من المخاطر، أبرزها التعرض للتنمر الإلكتروني، ومع أن العديد من الآباء قد يقللون من شأن هذا النوع من التنمر، ولكنه يمكن أن يترك آثارًا نفسية وجسدية عميقة في الأطفال.

وقد كشف التقرير أن نسبة تبلغ 35% من الآباء يدركون احتمال تعرض أطفالهم للتنمر عبر الإنترنت، سواء كانوا ضحايا أو شهودًا على هذه الممارسات، ومن جانب آخر، أظهر التقرير أن نسبة تبلغ 18% من الأطفال أكدوا تعرضهم شخصيًا للتنمر الإلكتروني، وأقر نسبة تبلغ 35% منهم بمعرفتهم بحالات تنمر طالت أصدقاءهم أو معارفهم.

وتؤكد هذه الأرقام خطورة هذه الظاهرة وتدعو إلى ضرورة توعية الآباء والأبناء بمخاطر التنمر الإلكتروني وكيفية التعامل معه. فالتنمر الإلكتروني لا يقتصر على الإساءات اللفظية، بل يمكن أن يشمل نشر الشائعات، والتشهير، والتهديد، وانتحال الشخصية، مما قد يؤدي إلى آثار نفسية سلبية مثل الاكتئاب، والقلق، وانخفاض الثقة بالنفس.

ولتجنب مخاطر التنمر الإلكتروني يجب على الآباء تشجيع أطفالهم على مشاركة تجاربهم عبر الإنترنت معهم دون خوف، وتعليمهم كيفية تجاهل المتنمرين، وحظرهم، وإبلاغ شخص بالغ موثوق به، كما يمكنهم التحدث مع المدرسة حول سياسات مكافحة التنمر الإلكتروني فيها.

ومن جهته قال سيف الله جديدي، رئيس قسم قنوات المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في كاسبرسكي: “من المهم أن يكون الأهل حذرين حيال تأثير الوقت الذي قد قضاه أطفالهم عبر الإنترنت خلال العطلة الصيفية. وبالنظر إلى توجه التعليم المتزايد نحو الرقمنة في عالم اليوم المتطور باستمرار، فمن الضروري السعي إلى التوازن الصحي. إذ غالبًا ما يعتاد الأطفال على الحياة عبر الإنترنت بشكلٍ مفرط، لأنه يستخدمون الأجهزة الإلكترونية لأغراض الترفيه بشكل كبير. وكما هو الحال مع البالغين، يُعدّ الأطفال عرضةً لمخاطر الإنترنت مثل التنمر السيبراني أو مشاركة المعلومات الخاصة عبر الإنترنت. وليتمكن الأهل من تقليل خطر الإدمان الرقمي، لا بد من استخدام التكنولوجيا في إدارة المحتوى المستهلك والوقت الذي يقضيه الأطفال عبر الإنترنت، فضلًا عن تشجيع السلوكيات والعادات الرقمية الإيجابية”.

نصائح للوالدين:

مع اقتراب بداية الفصل الدراسي الثاني في دولة الإمارات، تدعو شركة كاسبرسكي ومجلس الأمن السيبراني الوالدين إلى اتخاذ إجراءات استباقية لحماية أطفالهم في العالم الرقمي، وتنصح بتطبيق الإجراءات التالية:

  • تحدث مع طفلك عن أهمية الحفاظ على الصداقات الشخصية والتفاعلات الاجتماعية في الحياة الواقعية، وكذلك عبر الإنترنت.
  • يمكنك التحكم في الوقت الذي يقضيه طفلك عبر الإنترنت بسهولة عبر تثبيت حل (Kaspersky Safe Kids)، إذ يساعد هذا الحل في مراقبة نشاط الأطفال عبر الإنترنت وتقييد الوقت المفرط الذي يقضونه أمام الشاشة.
  • لتقليل آثار الإدمان الرقمي على طفلك وتعزيز تركيزه، من الضروري أن تكون قدوة له في استخدام التكنولوجيا، لذلك حدد قواعد واضحة لاستخدام الأجهزة الإلكترونية في المنزل والتزم بها، فعندما يشاهد طفلك أنك تستخدم هاتفك الذكي بشكل مقتضب وهادف، فإنه سيتعلم منك كيفية استخدام التكنولوجيا بشكل صحي ومتوازن.
  • يتطور عالم الإنترنت باستمرار، ومن ثم تتغير التهديدات الرقمية. لذلك، من الضروري أن تبقى على اطلاع دائم بأحدث التوجهات في مجال أمن الأطفال عبر الإنترنت، وتعرف أحدث التطبيقات والبرامج التي تساعد في حماية أطفالك، وتعلم كيفية تطبيق أفضل الممارسات الأمنية لحماية أجهزتهم وبياناتهم الشخصية.