هغاري ينتقد “قانون فيلدشتاين” ويُشعل غضب الحكومة

انتقد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، في مؤتمر صحافي عقده مساء الأربعاء، “قانون فيلدشتاين” الذي يسمح للجنود وموظفي الدولة بتسليم معلومات سرية لرئيس الحكومة أو وزير الأمن دون الحاجة للحصول على إذن مسبق، محذرًا من خطورته على “أمن إسرائيل”، وهو ما قوبل بردود فعل غاضبة من قبل مسؤولين في ائتلاف بنيامين نتنياهو ووزراء في الحكومة، الذين اتهموه بتجاوز صلاحياته.

وخلال المؤتمر الصحافي، قال هغاري تعليقا على مشروع القانون الذي يهدف إلى حماية متحدث باسم رئيس الحكومة، إيلي فيلدشتاين ومقربين من نتنياهو ومسؤولين في مكتبه متورطين بـ”تسريبات أمنية خطيرة”، إن “الجيش لا يخفي معلومات عن المستوى السياسي، بل يعمل تحت إشرافه من أجل أمن إسرائيل”.

وأضاف أن “الوثيقة التي يجري الحديث عنها كانت متاحة للأطراف المخوّلة في مكتب رئيس الحكومة، لكنها سُرقت ونُقلت إلى صحيفة في ألمانيا (في إشارة إلى صحيفة بيلد) في مسار تجاوز الرقابة. لقد كشف ذلك للعدو وأضرّ بأمن الدولة. هذا القانون خطير للغاية لأنه سيخلق وضعًا يمكن فيه لأي عنصر صغير في الجيش سرقة معلومات استخباراتية بمفرده”.

إجراء تأديبي وتوبيخ

وأشعلت تصريحات هغاري غضب الحكومة، بما في ذلك، وزير الأمن، يسرائيل كاتس، الذي قال إن “انتقاد الناطق باسم الجيش للمستوى السياسي ولعملية تشريعية في الكنيست يُعد ظاهرة خطيرة وتجاوزًا صارخًا لصلاحياته ولما هو متوقع من شخص يرتدي الزي العسكري في نظام ديمقراطي”.

وتابع كاتس الذي عينه نتنياهو مؤخرا وزيرا للأمن على حساب يوآف غالانت: “سأعمل على إجراء عملية تأديبية بحقه قريبًا لاستخلاص العبر اللازمة”، كما أصدر الجيش الإسرائيلي بيانا قال فيه إن رئيس الأركان، هرتسي هليفي، “قام بتوبيخ الناطق باسم الجيش بسبب إجابته على سؤال يتجاوز صلاحياته”.

وجاء في بيان الجيش أن “رئيس الأركان وبّخ الناطق باسم الجيش بسبب إجابته على سؤال خلال إحاطة صحافية يتعلق بقانون نقل المعلومات السرية إلى رئيس الحكومة والوزراء، حيث تجاوز بذلك صلاحياته”، وأضاف “الجيش الإسرائيلي لا ينتقد السلطة التشريعية، بل يعرض موقفه أمام المستوى السياسي من خلال الآليات المتبعة لهذا الغرض”.

وقال نتنياهو، في بيان مقتضب صدر عن مكتبه، إنه من الجيد أنه “تم وضع حد للناطق باسم الجيش الإسرائيلي لضمان عدم تكرار مثل هذه التصريحات”. وأضاف: “في دولة ديمقراطية، لا ينبغي للجيش التدخل في القضايا السياسية، وبالتأكيد ليس انتقاد التشريعات”.

بدوره، قال رئيس الكنيست، أمير أوحانا (الليكود)، إنه “في دولة ديمقراطية، الجيش لا ينتقد العمليات التشريعية في البرلمان خلال مؤتمر صحافي، بل يطبقها كذراع للسلطة التنفيذية، إذا أصبحت جزءًا من القانون”.

وأضاف “الجيش يمكنه التعبير عن موقفه في الكنيست خلال اللجنة التي تعد القانون، وكما تفعل جميع الهيئات الحكومية الخاضعة للكنيست أو المتأثرة بالتشريعات. ما قاله الناطق باسم الجيش هو تجاوز خطير للخطوط الحمراء وغير مقبول تمامًا، ويجب ألا يتكرر”.

من جانبه، قال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير (عوتسما يهوديت)، إن “روح المستشارة القضائية تتغلغل إلى الناطق باسم الجيش. عندما يرى هغاري أن المستشارة القضائية لا تبالي بالحكومة، فهو أيضًا لا يبالي بوزير الأمن. دولة عميقة بامتياز، ولكن هذه المرة بشكل علني”.

بدوره، قال وزير الداخلية، موشيه أربيل (شاس)، إن “تصريحات الناطق باسم الجيش وموقفه تجاه عمليات تشريعية تُعد تجاوزًا خطيرًا للغاية للخطوط الحمراء. لا يملك من يرتدي الزي العسكري أي حق في التعبير عن رأي سياسي بشكل علني حول قضايا سياسية، خاصة إذا كان ذلك مخالفًا لموقف الوزير المسؤول”.

وفي إطار الهجوم على الناطق باسم الجيش وعلى نهج بن غفير، استغل وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهر (الليكود)، تصريحات هغاري للهجوم على الجهاز القضائي، وقال إن “موقف المستوى العسكري من المستوى السياسي لا يأتي من فراغ، بل ينبع بالأساس من موقف المستوى القضائي تجاه الحكومة المنتخبة”.

هغاري: تجاوزت حدود صلاحياتي… رئيس الأركان وبخني

وأقر هغاري، في بيان صدر باسمه، أنه “تجاوز حدود صلاحياته خلال رده على أحد الأسئلة”، مشيرًا إلى أنه “تلقى توبيخًا من رئيس الأركان”. وقال هغاري: “إسرائيل دولة ديمقراطية، والجيش يخضع للمستوى السياسي”.

وأضاف “منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وخلال مئات التصريحات والمؤتمرات الصحافية والأسئلة التي أجبت عنها، التزمت بالطابع الرسمي”. وتابع: “الجيش يعرض موقفه على الجهات ذات الصلة في قضايا التشريع عبر القنوات المعتمدة فقط، وليس بطرق أخرى”.

القانون يمر بقراءة تمهيدية

وفي وقت سابق الأربعاء، صادق الكنيست بالقراءة التمهيدية على “قانون فيلدشتاين” الذي قدمه عضوا الكنيست، حانوخ ميلفيديسكي وعاميت هاليفي من حزب الليكود؛ وأيد مشروع القانون 59 عضوًا من أصل 120، مقابل معارضة 52 عضو كنيست.

ويأتي هذا التشريع عقب قضية “التسريبات الأمنية” التي أثيرت قبل أشهر، حيث يواجه إيلي فيلدشتاين، متحدث باسم مكتب نتنياهو للشؤون الأمنية، والمستشار بمكتبه، يوناتان أوريخ، اتهامات بتسريب وثائق سرية للإعلام مصدرها شعبة الاستخبارات العسكرية، بعد حصولهما عليها من ضابط بالجيش.

وبحسب الاتهامات، حاول فيلدشتاين تسريب المادة السرية لصحافي من القناة 12 الخاصة لكن الرقابة العسكرية منعت نشرها، ليأمر أوريخ بتسليمها إلى أحد كبار مستشاري نتنياهو في الحملات الانتخابية الأخيرة، الذي سربها بدوره إلى صحيفة ألمانية قامت بنشرها.

ووفقا للتقارير، فإن الهدف من تسريب الوثائق كان إيهام الرأي العام بأن زعيم حركة “حماس” يحيى السنوار، كان يعارض التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، بينما كانت الاتهامات تُوجه لنتنياهو بإفشال مساعي التوصل إلى صفقة.

ويهدف مشروع القانون إلى حماية فيلدشتاين والمتهمين الآخرين في القضية من الإدانة بالتهم الموجهة إليهم، التي تشمل “حيازة معلومات سرية” و”عرقلة سير العدالة”، وهي جرائم قد تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة. وبحسب نص القانون المقترح، فإن أحكام قانون القضاء العسكري المتعلقة بتقديم المعلومات السرية لن تنطبق على المعلومات المسلمة دون إذن لرئيس الحكومة أو وزير الأمن.

ومن المقرر أن يُحال مشروع القانون لمراجعة إضافية من قبل لجنة برلمانية مختصة، تمهيدا لإعادته إلى الهيئة العامة للكنيست للتصويت عليه بالقراءة الأولى. وبعد ذلك، سيعود المشروع إلى اللجنة البرلمانية لصياغته النهائية استعدادًا للتصويت عليه في الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة، ليصبح قانونًا نافذًا حال إقراره.