فاجأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المسؤولين في مصر، بموقف متشدد إزاء المبادرة المقدّمة من القاهرة لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة، ضمن المساعي الرامية للتوصل إلى إنهاء الحرب في القطاع. وعلم “العربي الجديد” أنه رغم إعلان حركة حماس موافقتها الرسمية على المبادرة المصرية بكامل تفاصيلها رغم الملاحظات السابقة عليها، إلا أن عباس أبدى رفضاً قاطعاً لتشكيل اللجنة، وذلك على الرغم أيضاً من إبداء وفد حركة فتح موافقته المبدئية خلال جولة المفاوضات الأخيرة التي احتضنتها القاهرة، بحضور المسؤولين بجهاز المخابرات العامة المصرية.
ووفقاً لما علمه “العربي الجديد”، فإن عباس أرجع رفضه التصديق على الاتفاق، والدعوة إلى انعقاد اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة للتوافق حول تشكيل اللجنة، إلى اعتراضه على وجود أي دور لحركة حماس في الإشراف على إدارة القطاع، مؤكداً أن دورها من المفترض أن ينتهي بعد ما حدث من تدمير للقطاع، وفقاً لما تقول مصادر مصرية إن عباس نقله إلى مسؤولين في القاهرة.
في المقابل، رجح مصدر مطلع على المفاوضات من الجانب المصري، أن رفض عباس المصادقة على الاتفاق، يرجع إلى كونه يعتبر أنه يأتي ضمن خطة معدة لتقليص صلاحياته ونقلها إلى رئيس الوزراء محمد مصطفى، ضمن ما يسمى بالسلطة الفلسطينية المعدلة، أو المتجددة. وأوضح المصدر أن عباس يتعامل بحساسية شديدة مع تحركات تشكيل اللجنة، رغم أن المبادرة المصرية جاءت في الأساس لحلحلة الأزمة، لافتاً إلى أن الرئيس الفلسطيني يرى أن تبعية اللجنة لرئيس الحكومة هو انتقاص من أدواره وصلاحيته، لصالح تعظيم صلاحيات وأدوار رئيس الوزراء، خاصة بعد ما اضطر أخيراً، لإعلان اسم روحي فتوح رئيس المجلس الوطني، رئيساً للسلطة الفلسطينية في حال غيابه من المشهد.
وأكد المصدر أن القاهرة وأطرافاً فلسطينية أخرى ترى أن الصيغة التي يرغب فيها عباس من شأنها إمعان الانقسام، وتقسيم الأراضي الفلسطينية، حيث ستكون اللجنة بمثابة حكومة منفصلة لقطاع غزة بدلاً من كونها لجنة تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية. وأوضح المصدر أن القاهرة لا تزال منخرطة في اتصالات مع حركة فتح وقيادة السلطة الفلسطينية من أجل حل الأزمة، وانتزاع موافقة الرئيس محمود عباس، لتبدأ اللجنة مهامها فور إبرام اتفاق وقف إطلاق النار مباشرة.
غزة
تفاصيل اجتماع وفد “الجهاد الإسلامي” في مصر
في غضون ذلك، علم “العربي الجديد” أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري بحثوا مع وفد حركة الجهاد الإسلامي الذي زار القاهرة، مجموعة من الترتيبات الأمنية المقترحة في قطاع غزة، ضمن التصور المقترح لوقف إطلاق النار، باعتبار الحركة الشريك الرئيسي لـ”حماس” في القطاع. وجرت مناقشات حول مجموعة من الترتيبات الأمنية التي حملها وفد إسرائيلي، الأربعاء الماضي خلال زيارته للقاهرة، حيث سعى الجانب المصري للحصول على موافقة واضحة من الحركة بشأن تلك الترتيبات المقترحة.
وجرى خلال لقاء وفد الحركة مع رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء حسن رشاد، استعراض ما تم التوصل إليه خلال مناقشات مع وفد حركة حماس من جهة، وحكومة الاحتلال من جهة أخرى، حيث تم بحث مصير عدد من أسماء المحتجزين الإسرائيليين الذين من المقرر أن تشملهم صفقة التبادل، ويوجدون في حوزة الحركة. وأكد وفد حركة الجهاد التزامه بما توافق عليه وفد حركة حماس المفوض من فصائل المقاومة بالتفاوض، خلال اجتماعات القاهرة الأخيرة، سواء تلك المتعلقة باللجنة أو بوقف إطلاق النار.
من جهته قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد محمد الهندي، إن هناك تفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى صفقة تبادل مع الاحتلال. وأضاف الهندي في تصريحات صحافية على هامش وجوده في القاهرة، أن هناك رغبة أميركية وإسرائيلية، فضلاً عن أسبابٍ أخرى، تتيح إمكانية التوصل إلى الصفقة. في الوقت ذاته، أكد الهندي أنه حتى الآن لم تتم بلورة أي موقف محدد يُعرض على المقاومة.
وأوضح الهندي أن المفاوضات منذ البداية تناولت عدة مراحل، فيما كان اتفاق شهر يوليو/ تموز الذي وافقت عليه المقاومة قد تناول 3 مراحل تُختتم بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ووقف العدوان. وذكر الهندي أن المقاومة أبدت مرونة واستعداداً للحديث عن تفاصيل كل المراحل، مشدداً على وجود وفد من حركة الجهاد الإسلامي في القاهرة، فيما تنتظر الفصائل موافقة السلطة الفلسطينية على مقترح لجنة إسناد غزة.