الذكاء الاصطناعي والتعليم
لم يعد الذكاء الاصطناعي مقتصرا على تقديم خدماته للبشرية في مجالات محددة، لكنه أصبح متداخلا في كل نواحي الحياة، وهو ما دعا المشاركين في قمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، إلى المطالبة بتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية والتعليم بشكل أكثر، ودمج برامج الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية لتعليم الأجيال الجديدة التقنيات الحديثة، فضلا عن تنفيذ مبادرات ومشروعات لإثقال مهارات الشباب في العالم بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
كيف ساهم الذكاء الاصطناعي في تطور التعليم؟
وخلال انعقاد القمة طالب المشاركون بضرورة تعليم الشباب والطلاب تقنيات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد الرقمي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وكيفية الاستعانة بأدواته وتقنياته المختلفة، فضلا عن تناول دور مصر في تحقيق رؤية 2030 الرقمية، بحسب الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية والخبير التكنولوجي، مؤكدا أن الذكاء الاصطناعي (AI)، أحدث طفرة هائلة في مختلف المجالات.
قطاع التعليم من أكثر القطاعات استفادة من تطبيقات هذه التقنية الحديثة، وخاصة مع التوسع الكبير في استخدام الذكاء الاصطناعي حول العالم، يتزايد اهتمام الدول بتوظيف هذه التكنولوجيا لتعزيز جودة التعليم، وتحقيق تطور رقمي شامل، وفي هذا السياق، يأتي دور مصر بشكل متزايد في تحقيق رؤية مصر الرقمية 2030، حيث تمثل التعليم الرقمي والذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من هذه الرؤية الطموحة التي تهدف إلى إحداث ثورة في البنية التحتية التعليمية والإدارية على مستوى الدولة، بحسب الخبير التكنولوجي.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم
وبحسب الخبير التكنولوجي، فإن الذكاء الاصطناعي يقدم حلولاً مبتكرة لتحسين وتطوير التعليم، كالتالي:
– التعليم الشخصي
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز التعليم الشخصي من خلال استخدام الخوارزميات لتحليل بيانات الطلاب وتقديم محتوى تعليمي مخصص حسب مستوى كل طالب واحتياجاته، كاستخدام التطبيقات التعليمية الذكية مثل «Knewton» و«DreamBox» تتيح للطلاب تجربة تعليمية متكيفة، حيث تساعد الخوارزميات الذكية على تحديد النقاط التي يواجه الطلاب صعوبة فيها، وتقديم الدعم بشكل فوري.
– المساعدين الرقميين
ساهمت تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير المساعدين الرقميين (chatbots) التي تسهم في تحسين تجربة التعلم، حيث يمكن استخدام هذه المساعدات للإجابة على استفسارات الطلاب بشكل فوري وتقديم الدعم التعليمي طوال الوقت، حيث يمكن للمساعد الرقمي أن يساعد الطلاب في حل مشكلات رياضية أو استفسارات عن مواضيع دراسية أخرى، ما يسهم في توفير الوقت والجهد للمعلمين.
– تحليل البيانات لتحسين الأداء الأكاديمي
تتيح أنظمة الذكاء الاصطناعي جمع وتحليل بيانات الأداء الأكاديمي للطلاب، ما يساعد المعلمين على فهم اتجاهات التعلم الخاصة بكل طالب باستخدام التعلم الآلي (Machine Learning)، يمكن للنظام تحديد الأنماط التي تؤدي إلى تحسين أداء الطلاب وتقديم توصيات عملية لدعم هؤلاء الطلاب في المجالات التي يحتاجون إليها.
– واقع افتراضي وواقع معزز
من خلال تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن للطلاب الانغماس في بيئات تعليمية تفاعلية. على سبيل المثال، يمكن استخدام الواقع الافتراضي لزيارة المتاحف أو التجارب العلمية التي لا يمكن تحقيقها في الفصول الدراسية التقليدية، ما يزيد من قدرة الطلاب على الاستيعاب والتفاعل مع المحتوى بشكل أفضل.
– دور مصر في تحقيق رؤية 2030 الرقمية
في إطار رؤية مصر الرقمية 2030، تسعى مصر إلى تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين وتطوير العملية التعليمية، وفي السنوات الأخيرة، بدأ القطاع التعليمي في مصر في تبني هذه التقنيات بشكل أكبر، ما يعكس التزام الدولة بتحقيق أهداف رؤية 2030، من خلال التالي:
– التعليم عن بُعد
ساهمت جائحة كورونا في تسريع التحول الرقمي في النظام التعليمي المصري، حيث بدأت وزارة التربية والتعليم في استخدام منصات التعليم عن بُعد المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل منصة «إدمودو» ومنصة «الصفوف الإلكترونية»، وهذه المنصات توفر للطلاب فرصة التعلم من المنزل وتقدم محتوى تعليمي تفاعلي يتكيف مع مستوى فهمهم.
– برنامج مستقبلنا رقمي
أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر عن إطلاق برنامج «مستقبلنا رقمي» بهدف تدريب الشباب على استخدام التقنيات الحديثة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، حيث البرنامج يهدف إلى تجهيز الشباب للعمل في وظائف المستقبل التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات.
– شراكات مع مؤسسات عالمية
قامت مصر بتعزيز التعاون مع دول ومؤسسات عالمية، مثل شركة IBM التي بدأت في تقديم برامج تدريبية للطلاب والمعلمين على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، كما تتعاون مع مايكروسوفت لتطوير منصات تعليمية تتضمن أدوات الذكاء الاصطناعي التي تساهم في تعزيز مهارات الطلاب.
– الجامعات الذكية
في إطار تطوير التعليم العالي، بدأت بعض الجامعات المصرية مثل جامعة الملك سلمان وجامعة الجلالة وجامعة مصر المعلوماتية في إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن برامجها التعليمية، بهدف تأهيل الطلاب للعمل في مجالات التكنولوجيا الحديثة، حيث أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، حول مستقبل خريجي كليات الحاسبات والمعلومات، وتقديم دورات متخصصة لهم في الكليات العسكرية، من شانه يعزز دور الخرجين ويثقل مهاراتهم بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
– التحديات والفرص
على الرغم من هذه الجهود، تواجه مصر بعض التحديات في تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم، منها نقص الوعي بتقنيات الذكاء الاصطناعي بين المعلمين، وصعوبة الوصول إلى الأجهزة الرقمية في بعض المناطق، ومع ذلك، توفر رؤية مصر الرقمية 2030 فرصة كبيرة لتطوير البنية التحتية الرقمية والتعليمية، ما يتيح للدولة التوسع في تطبيق الذكاء الاصطناعي وتقديم التعليم الإلكتروني بجودة عالية لجميع الطلاب في مختلف أنحاء البلاد.