فصل متوسط الحجم يكتظ بطلاب من الصف الثالث الابتدائي، نال تعب اليوم الدراسي من وجوههم جميعا، ووصل في النهاية إلى الحصة الأخيرة، التي كانت مخصصة للخط العربي والإملاء، الطلاب يحاولون الكتابة بشكل جيد في محاولات لتحسين خطهم وبداخلهم يمنون النفس بسماع جرس انتهاء اليوم الدراسي، باستثناء «يوسف»، الذي لا يرتفع وجهه من على كراسته، يدون الجمل بخطه رائع، يتنوع بين الخطوط، مرة بالركعة وأخرى بالنسخ، يجرب كتابة الحروف بأشكال جديدة، ويبهر من هم في عمره بنضوج خطه رغم صغر سنه، ليتضح له من ذلك الحين، أن لديه موهبة كبيرة لابد من الاهتمام بها ورعايتها.
يوسف سيد الشهير بـ «يوسف الشيخ»، رسام جرافيتي وبورتريه، جالت رسوماته الشوارع المختلفة، وعرفت الجدران براعة ريشته، يرسم بالوالفحم والرصاص، لا يهمه ما سيرسم به، فقط يتخيل ما يريد أن ينتج، ثم يطلق العنان خياله، ويجعل ريشته تضع كل ما في مخيلته على الحائط، فينتهي الأمر برسمة تبهر العيون وتخطف أنظار المارة.
رسومات طالب كلية التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر، لم تكن فقط كديكورات لأشكال كرتونية أو عبث بريشة على الجدران، بل تبنت ريشته قضايا مهمة، لعل أبرزها كان القضية الفلسطينية، والتي رسم لها أكثر من جرافيتي وعبر عما بداخله وآماله على الجدران، من بينها جرافيتي شهير بعنوان «غزة انتصرت»، والذي تظهر فيه المقاومة الفلسطينية بشابها ونسائها بعلامات النصر، وبجوارهم أعلام فلسطنين ترفرف حرة وجملة «المقاومة شرف».
يوسف الشيخ.. موهبة رسم ظهرت منذ الطفولة وريشة تبنت قضايا مهمة
بدأت موهبة يوسف منذ سن صغيرة وتحديدا وقت دراسته في الصف الثالث الابتدائي، حينما برزت قدراته على الكتابة بخط جيد عن سائر أقرانه، عمل عليها الشاب ونماها، وحينما وصل المرحلة الإعدادية اشترك في المجلة الفنية بالمدرسة حتى أصبح رسام جرافيتي، ولم يكتف بذلك القدر فقط، بل اقتحم أيضًا مجال الديكور، وحقق به نجاحات كبيرة.
تطور الأمر سريعًا مع «يوسف»، وحينما وصل المرحلة الثانوية اشترك في مسابقة الخط العربي على مستوى المدارس بالقاهرة، ليحصل فيها على المركز الأول ويحصد الجائزة لمدرسته للمرة الأولى في تاريخها، ومن هنا توالت الجوائز، «اتطورت وبقيت معروف جدَا، وعملت جرافيتي لجدران كتير ومشهورة، لحد ما ده بقى شغلي، واتعرفت بين الناس بفني وموهبتي».
مجال الديكور شهد عدة خطوات ناجحة لصاحب الـ21 عاما، بعد أن وضع بصمته به في تصميم ديكور لكافيهات ومكاتب وشقق سكنية، وعمل أيضًا في شركة إنتاج في قطاع الديكور، «كنت من ضمن مصممين ديكور برنامج قهوة أشرف، للفنان أشرف عبدالباقي، وكمان إعلان لشركة بابجي، ورسومات سوق السمك في مدينة الإنتاج بتطلع في أغلبية المسلسلات والأفلام».
منذ أيام أهدى ابن القاهرة، بورتريه لوزير التعليم العالي، والتقط معه صورا تذكارية، ويتمنى أن تأخذ مواهب رسامي الجرافيتي مساحتها في مصر، «من ضمن أهدافي أعمل شركة جرافيتي لتعليم المواهب، وتبقي مهنة مهمة في البلد والجرافيتي الموهوب يقدر يقول رأيه برسمه».