تتجسد الواقعية للوضع السياسي في إيران أن منطق الثورة يغلب على منطق الدولة، وأن خيوط اللعبة ومفاتيح الملفات الشائكة والحساسة كلها لا تزال في يد المرشد الأعلى الإرهابي خامنئي. وفي ضوء التحديات الداخلية خصوصا الوضع الاقتصادي المنهار تحت وطأة العقوبات الأمريكية، والاحتجاجات الأحوازية والمجتمعية الإيرانية ضد نظام الملالي فإن انهيار النظام أصبح أقرب لخامنئي من حبل الوريد وستظل إيران الثورة وتصديرها، إيران تسمين الوكلاء ودعم المليشيات والمرتزقة، إيران راعية الإرهاب وممولته؛ تتغلب على «إيران الدولة».
لم يأتِ انتخاب رئيسي رئيسا لإيران بأي جديد للراسخين في علم كهنوتية ولاية الفقيه إلا أن الجديد هو أن الأسوأ ينتظر المنطقة في ظل «تمدد» النفوذ الإيراني تحت حكم الثنائي؛ خامنئي رئيسي، وسعي المرجعية الإيرانية إلى تعزيز تحالفات إيران مع روسيا والصين.
وتوجيه بوصلة المنطقة نحو مشهد جيوعسكري وإستراتيجي صعب ربما يشعلها ويقود إلى دخولها في أتون مزيد من الأزمات وحدوث جملة متغيرات على مستوى النزاع الدائر بين طهران وواشنطن، وانعكاسه على ضبط أذرعها العسكرية التي تمتد عبر أكثر من دولة ونوع التكتيك الذي ستتبعه في المستقبل القريب خصوصا أحد العوامل التي دفعت خامنئي للدفع برئيسي نحو كرسي الرئاسة بغية إعادة تموضع الكثير من الملفات وخصوصا الأذرع العسكرية الإرهابية خارج إيران وهو ما سيسعى إلى العمل عليه خلال عامه الأول من الحكم.
وعندما يقول وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إن المملكة ستبني حكمها على حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بناء على الوقائع على الأرض، فإنه يطالب بمعنى آخر الحكم الإيراني، بتغيير سلوكه الإرهابي، واستبدال العباءة الطائفية، بالشادور المدني وإنهاء الدولة الثورة والانخراط في الدولة المدنية.. وكما قال وزير الخارجية إن خامنئي هو صاحب القول الفصل في السياسة الخارجية وإن السياسة الخارجية في إيران، يديرها خامنئي. لقد رسخ الخميني منذ عام 1979، أسس الدولة الإيرانية الثورية، وباتت ليست متشبثة بها فحسب بل بثت سمومها الطائفية في عدد من الدول العربية وأصبحت اليوم بثنائية خامنئي رئيسي بمزيد من التماثل والانسجام بين المؤسسات الحاكمة: مكتب الولي الفقيه المزعوم، مجلس الشورى، مجلس صيانة الدستور، مجلس تشخيص مصلحة النظام، المجلس الأعلى للأمن القومي، الحرس الثوري، وانخراط رئاسة الجمهورية ضمن هذه المؤسسات القمعية الإرهابية.