«المستعملة».. جمعيات تبيعها وشركات تصدرها !

كشفت دراسة أعدتها جمعية البيئة السعودية، عن تعامل خاطئ وغير علمي مع الملابس المستعملة التي خصصت لها صناديق في بعض الأحياء، إذ يتم تصديرها للخارج دون الاستفادة منها داخلياً وتسليمها إلى الفئات الأكثر حاجة، وترى الجمعية أن التصدير للخارج مخالف للتعليمات التي أكدت على جمع الملابس المستخدمة و«الاستفادة منها للأسر المتعففة».

وخلصت الدراسة العلمية التي أعدتها الجمعية واستمرت لنحو نصف عام إلى 17 آلية واستراتيجية مستدامة للتعامل مع الملابس المستعملة بشكل علمي سليم ومعرفة الآليات المعمول بها حالياً وتحديد السلبيات والإيجابيات للخروج باستراتيجية وعمل حرفي يحقق التنمية المستدامة.

وكشفت الدراسة قيام جمعيات مخولة بجمع التبرعات من الملابس المستعملة ببيعها مباشرة لشركات أو مؤسسات مقابل مبلغ شهري أو سنوي متواضع، ما يعد مخالفة للتعليمات، إذ تتولى بعض الجهات في القطاع الخاص تخزينها في مستودعات لفترات طويلة ما يصيب المخزون بالتلف والميكروبات الناقلة للأمراض، فضلا أن التصدير مخالف للأنظمة. وأشارت الدراسة إلى أن بعض الجهات في القطاع الخاص تعمل عبر جمعيات على وضع حاويات مختلفة الأشكال والأحجام في الشوارع والطرقات والأحياء والحدائق بشكل غير مدروس وغير علمي تحت مسمى (الجمعيات) وتعمل هذه الجهات الخاصة بالتشغيل الكامل لهذا النشاط في مفارقة للهدف الأساسي وهو دعم الأسر المتعففة لا أن يذهب الدعم للقطاع الخاص.

وأشارت الدراسة التي أعدتها جمعية البيئة إلى أن عدداً من الأمانات درجت على طرح مشروع جمع الملابس للقطاع الخاص، رغم أن جمع الملابس مخولة للجمعيات الخيرية، فضلاً أن انتشار الحاويات المختلفة بشكل كبير وبعشوائية في الشوارع أدى إلى حدوث تلوث بصري لا يليق بتطوير المدن وصحتها، كما أن معظم الجمعيات الخيرية التي خولت بجمع الملابس والأثاث المستعمل هي الجمعيات التي تقدم التبرعات المالية والعينية للأسر ويقتصر آلية عملها في المشروع على الجمع فقط، والذي يحدث أنه يتم بيعها للقطاع الخاص الذي يقوم بتصديرها للخارج أو بيعها في الأسواق العشوائية المحلية، وبالتالي عدم تحقيق الهدف الوارد في التعليمات بإعادة التأهيل ومساعدة الأسر المتعففة.

وترى الدراسة أن مشروع جمع وإعادة تأهيل الملابس يحتاج إلى جمعيات متخصصه لديها استراتيجية علمية في إعادة التأهيل والتدوير والإنتاج لأن التعامل مع الملابس المستعملة يحتاج إلى آلية علمية للمحافظة على الصحة العامة، وما يحدث حالياً جمع للملابس من خلال توقيع عقد بيع مع القطاع الخاص مقابل مبلغ سنوي، ما خلق سوقاً كبيرةً للملابس المستعملة دولياً ومحلياً يديرها وافدون لا يراعون شروط السلامة والتخزين ومعايير الصحة العامة، ما يشكل خطراً يتمثل في نقل وانتشار الميكروبات بين المستهلكين، ودعت الدراسة الأمانات والبلديات إلى تشكيل فرق لإزالة الحاويات المخالفة للتعليمات.

تعامل خاطئ وخطير

قدمت الجمعية مبادرة «دورها واكسب أجرها» وهي مبادرة استراتيجية تكافلية اجتماعية استثمارية لجمع وتأهيل الملابس المستعملة في المملكة من خلال مشروع وطني «أنا أحب السعودية» والتي قدمتها الدكتورة ماجدة أبوراس، وتهدف إلى توطين صناعة جديدة، وخلق فرص وظيفية للشباب والمرأة والأسر المتعففة وتمكين المجتمع، وحل مشكلة متأصلة منذ زمن بعيد وهي التعامل الخاطئ غير العلمي مع جمع الملابس المستعملة التي يتم تصديرها لخارج المملكة ولا يتم الاستفادة منها وطنيا كما هو مخطط له، إضافة إلى مخالفة التعليمات المحلية والدولية في هذا الشأن نتيجة لنشر الأمراض داخلياً وخارجياً وإهدار للموارد الطبيعية من خلال قيام القطاع الخاص بتصديرها والاستفادة منها وحرمان المجتمع والأسر المتعففة منها. وترى الجمعية ضرورة تفعيل دورها في مشاركة الجهد الحكومي للمحافظة على تنمية بيئة سكان المدن والمحافظات والمساهمة في الوصول إلى مدن صحية مستدامة والعمل على نشر ثقافة التكافل الاجتماعي بكرامة وبشكل لائق ونشر الوعي بصحة البيئة وتمكين الشباب.

دوّرها وأكسب أجرها

وضعت الجمعية استراتيجية علمية لجمع وإعادة تأهيل الملابس المستعملة وأطلقت مشروعها الاستراتيجي «أنا أحب السعودية» تحت شعار «دورها واكسب أجرها» الذي يهدف إلى جمع الملابس ثم إعادة تأهيلها وتدويرها بطرق علمية وبيئية من خلال خطة وإدارة متكاملة للوصول إلى تحقيق هدف التوجيهات والتعليمات بإفادة الأسر منها، وينتج من المشروع فوائد كثيرة منها: توطين الصناعة، وإنتاج صناعات جديدة، وخلق فرص وظيفية لسوق العمل، وتمكين الشباب والمرأة والأسر المتعففة وتحولها من رعوية إلى ريادية، وتوزيع تبرعات عينية للأسر والشباب أثناء تأهيلهم وتدريبهم للعمل بالمشروع. وفي الجمعية مصنع مجهز بهذا الشأن تقوم بتشغيله والإشراف على أعماله ويتم فيه العمل على جزءين؛ الأول تأهيل الملابس الجيدة بأجهزة متخصصة وجديدة من نوعها في المملكة لإعادة توزيعها بطريقة كريمة ولائقة للأسر المتعففة، والثاني تحويل الجزء غير القابل للتأهيل والتوزيع إلى مواد خام ومنتجات يتم بيعها والاستفادة من دخلها في برامج التأهيل والتمكين ودعم الدخل المستدام.