| بعد كشف ديارهم بالأردن: قصة فاحشة قوم لوط.. لم يسبقهم أحد في ارتكابها

رغم مرور أكثر من 3500 سنة على العقاب الإلهي الذي نزل بقوم لوط، إلا أن كشفًا فريدًا في الأردن وثق الأهوال التي لا تزال محفوظة وراء الجدران.

خبراء أردنيون اكتشفوا ديار النبي لوط المذكورة في القرآن الكريم بشكل كامل في منطقة الأغوار الجنوبية في جنوب المملكة، واسمها مدينة «سدوم»، لكنها معروفة إسلاميًا بمدينة «قوم لوط»، النبي الذي سكن فيها قبل أكثر من 3500 عام.

وتزامنا مع اكتشاف مدينة قوم لوط بجنوب الأردن، تعود إلى الأذهان تفاصيل قصتهم التي وردت في القرآن الكريم وفسرها وذكرها الشيخ محمد متولي الشعراوي، في كتابه «قصص الأنبياء».

من هو نبي الله لوط وقصة قومه؟

النبي الله لوط عليه السلام، هو لوط هو ابن أخي إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام، وقد آمن مع عمه إبراهيم وهاجر معه إلى أرض الشام، فبعثه الله إلى أهل سدوم، الذين أهلكهم الله ودمرها عليهم وجعل مكانها بحيرة نتنة خبيثة، وهي مشهورة ببلاد الغور، متاخمة لجبال بيت المقدس بالشام.

وقال ابن كثير، هو لوط بن هاران بن تارح -وهو آزر- ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل، فإبراهيم وهاران وناحورة إخو، ونزل «لوط» مدينة سدوم من أرض غور زغر، وكان لتلك المحلة أرض وقرى مضافة إليها وبها أهل أفجر الناس وأكفرهم وأسوءهم طوية، وأردئهم سريرة وسيرة، يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكر فعلوه. 

فاحشة قوم لوط

ابتدع قوم لوط فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكران من العالمين، وترك ما خلق الله من النساء لعباده الصالحين، ويقول الحق سبحانه وتعالى: «ولوطًا إذ قال لقومه أتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين». 

قول الحق سبحانه وتعالى: «ولوطًا» أي أن الله كما أرسل نوحًا إلى قومه، وأرسل إلى عاد أخاهم صالحًا، أرسل لوطًا إلى قومه، ولذلك جاءت منصوبة، وجاء القول لقومه بأسوب استفهام واستنكار لما يحدث، أي أن العقل الفطري يستنكر هذه العملية وهذا الشئ لم يسبقهم إليه أحد وفعلوه للشهوة، وكلمة فاحشة تزيد في القبح.

وقال لوطًا عليه السلام لقومه مستنكرا فعلهم: «أتاتون الفاحشة وأنتم تبصرون»، أي وأنتم تعلمون بها وتجاهرون مما يدل على أن الكل مُجمع على هذه الفاحشة، وأنه لم يعد هناك حياء أو كيف تفعلون ذلك وأنتم تبصرون ما حل بأصحاب الفساد من عذاب وهلاك.

وحين قال لوط ما سبق، كان جواب قومه أن يخرجوا لوط وقومه من القرية، يقول الحق تبارك وتعالى: «وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون». 

لماذا لم تنج امرأة لوط معه؟

وقال الحق سبحانه وتعالى: «إلا امرأته كانت من الغابرين»، وهذا دليل على أن الحق سبحانه وتعالى قد نجا أهل بيت لوط وأتباعه الذين هم أهل كل رسول، أصحاب الأعمال الصالحة الذين يتبعون منهجه، إذن فزوجة لوط لم تكن معهم لأنها كانت من الغابرين لأنها كانت مخالفة لمنهجه وغبر مؤمنة به. 

وحول جدال نبي الله إبراهيم مع الملائكة حول عذاب قوم لوط، في قوله تعالى: «فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط»، وذلك بعد أن قال الملائكة: «قالوا إنا أرسنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين». 

وتوقف الحديث بين الملائكة وإبراهيم، في قوله تعالى «وقال إن فيها لوطًا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين».

ويذهب الملائكة الذين أرسلهم الله إلى لوط لتنفيذ مهمتهم، ويقول الحق تبارك وتعالى: «ولما جاءت رسلنا لوطًا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب»، أي شعر في نفسه بالسوء لأن الملائكة جاءت إليه على هيئة بشر وهو يعلم ما يفعله قومه. 

وعندما رأت إمرأة لوط هؤلاء الرجال قادمين، صعدت إلى سطح البيت وأوقدت نارًا؛ لتحدث دخانًا كثيفًا إشارة إلى القوم أن هناك ضيوفًا قد وصلوا وأن مظهرهم حسن، ويستحقون أن يفعل بهم آل لوط ما يفعلونه بالرجال. 

وعرف أهل القرية أن لوطا عنده رجالا مظهرهم حسن، فلم يضيعوا وقتا كما يروي لنا القرآن الكريم «وجاءه قومه يهرعون إليه»، أي أقبل قومه على بيته بسرعة واندفاع في أعداد كبيرة، وهو يعلم نيتهم ويريد أن يصرفهم عن ضيوفه.

ووفقا لقوله: «قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد»، أي أن زواجكم من البنات أطهر لكم مما ترتكبونه من فاحشة مع الرجال، فالزواج شريعة الله والفاحشة مع الرجال إثم عظيم.

وقوم لوط أرادوا أن يحاجوه بالباطل، حيث قال تعالى: «قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد»، وهذا يعني أنت تعلم أنه ليس لنا حق في بناتك وأنت تعلم أننا لا نريد البنات، ولكننا نريد ضيوفك هؤلاء.

وبعد ذلك أحس لوط بالضيق الشديد والخزي وبالعجز، فقال كما يقص القرآن الكريم: «قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد»، وعندما بلغ الضيق بلوط منتهاه تكلمت الملائكة: «قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل». 

والملائكة أعلموا لوطًا ألا يخاف من هؤلاء المتجمعين، فهم لن يصلوا إليهم بل لن يصلوا إلى لوط نفسه، وأبلغوه أوامر الله بأن يسير بأهله ليلًا، مضيفين «ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك» أي أن امرأتك وحدها هي التي ستلتفت لأنها عصت فحق عليها العذاب، ولذلك التفتت امرأة لوط فرأت العذاب يصب على قومها فقالت: واقوماه وفي اللحظة التي قالتها ذاقت نصيبها من العذاب، ولذلك قال الحق: إنه مصيبها ما أصابهم».

ثم أبلغ الحق سبحانه وتعالى لوطا عن موعد العذاب فقال: «إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب». 

ماذا حدث لقوم لوط؟

يقول الحق سبحانه وتعالى: «وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين».. والمطر عادة هو يأتي بالخير ولكن هذا المطر كان حجارة من النار انهالت عليهم من السماء، لأن الحق سبحانه وتعالى يقول في سورة هود: «فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد».