اللَّعنُ هو

اللَّعنُ هو ، معلومٌ أنَّ هذا المصطلح قد جاءَ في عددٍ من الآياتِ القرآنيةِ، وعددًا من نصوص الأحاديث النبوية، فما معناهُ في اللغةِ؟ وما المرادُ فيه بحسبِ الاصطلاحِ الشرعي؟ وما حكمُ لعنِ المسلمِ لأخيهِ المسلمِ الفاسقِ؟ وما حكمُ لعنُ المسلمِ للكافرِ المعيَّنِ؟ كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال بشيءٍ من التفصيلِ.

اللَّعنُ هو

إنَّ اللعنَ في اللغةِ يأتي بمعنى الطردِ والإبعادِ ويكونُ هذا الطردُ على سبيلِ السخطِ والغضبِ، أمَّا في الاصطلاحِ الشرعي فهو عبارة عن الطردِ عن رحمة الله عزَّ وجلَّ وثوابهِ، إلى نارهِ وعقابهِ، وبالرغمِ من ذلك إلَّا أنَّ اللعنَ يتغيَّر معناه بحسبِ عمَّن صدر، وفيما يأتي بيان ذلك:[1]

  • إنَّ اللعنةَ من الله عزَّ وجلَّ في الآخرةِ تعني العقوبةَ والعذابَ.
  • إنَّ اللعنةَ من الله عزَّ وجلَّ في الدنيا تعني انقطاعٌ من قبولِ رحمتهِ وتوفيقِه.
  • إنَّ اللعنةَ إن كانت صادرة من الإنسانِ لغيرهِ، فتكونُ بمعنى الدعاءِ على الغيرِ.

شاهد أيضًا: ما هي الشجرة الملعونة

حكم لعن المسلم الفاسق

تباينت آراءُ أهلِ العلمِ في حكمِ لعنِ الظالمِ المعيَّن، وهو من تمَّ تحديد اسمه ووصفهِ، إلى قولينِ اثنين، وفيما يأتي بيان هذه الأقوال:[2]

القول الأول

ذهب الأئمة الأربعة إلى عدمِ جوازِ الفاسقِ المعيَّن، مستدلينَ بالحديثِ الذي رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنه حيث قال: “أنَّ رَجُلًا علَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وكانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وكانَ يُضْحِكُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ جَلَدَهُ في الشَّرَابِ، فَأُتِيَ به يَوْمًا فأمَرَ به فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العنْه، ما أكْثَرَ ما يُؤْتَى بهِ؟ فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ إنَّه يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ”.[3]

القول الثاني

ذهب بعض فقهاء الشافعية والحنابلةِ، إلى جوازِ لعنِ الفاسقِ المعيَّن، ودليلهم على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فأبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ”،[4] ووجهُ الدلالةِ من هذا الحديثِ أنَّ الملائكة قد لعنت امرأةً بعينها، وإنَّ الملائكةَ معصومون عن الخطأ، ومعلومٌ أنَّ تقليدَ المعصومِ عن الخطأ مشروعٌ.

شاهد أيضًا: حكم لعن اسرائيل

حكم لعن الكافر

كذلك تباينت آراءُ أهلِ العلمِ في حكمِ لعنِ الكافرِ على قولينِ، وفيما يأتي ذكر أقوالِ أهل العلمِ في ذلك:[5]

القول الأول

يجوزُ للمسلمِ أن يقومَ بلعنِ الكافرِ؛ إذ أنَّ الكافرَ عرضهُ غيرُ مصانٍ في الشرعِ الحنيفِ، ولأنَّ معنى اللعنِ متحققٌ في الكافرِ أصلًا، وقد استدلَّ أصحاب هذا القولُ بفعلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أنَّ لعنَ أقوامًا من كفار قريشَ بعينهم.

القول الثاني

لا يجوزُ للمسلمِ أن يقومَ بلعنِ كافرٍ بعينِه، ووجهة نظرِ أصحاب هذا القول أنَّ الله عزَّ وجلَّ أنزل قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}، عندما لعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أقوامًا بعينهم، ومما يدلُّ على عدمِ جوازِ لعنِ الكافرِ المعيَّن أنَّ النبيَّ لم يكن يلعنْ أحدًا بعينه.

شاهد أيضًا: هل يجوز لعن الشيطان

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختامِ هذا المقال، والذي يحمل عنوان اللَّعنُ هو ، وفيه تمَّ بيانُ أنَّ اللعنَ عبارة عن الطردِ من رحمةِ الله عزَّ وجلَّ كما تمَّ بيان أقوال أهلِ العلمِ في حكمِ لعنِ المسلمِ للمسلمِ الفاسقِ، وفي حكمِ لعنِ المسلمِ للكافرِ المعيَّنِ.

المراجع

  1. ^
    أرشيف ملتقى أهل الحديث، ص116 , https://almaktaba.org/book/31621/31118#p1 , 22/1/2022
  2. ^
    أرشيف ملتقى أهل الحديث، ص118119 , https://almaktaba.org/book/31621/31120#p1 , 22/1/2022
  3. ^
    أخرجه البخاري
  4. ^
    أخرجه البخاري
  5. ^
    إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل، صالح آل الشيخ، ص213 , https://almaktaba.org/book/934/285#p1 , 22/1/2022