اول من فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية

جدول المحتويات

التعرف على اول من فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية من الأمور التي ينشغل بها الباحثين القانونيين والسياسيين والتاريخيين للتعرف على التطور التاريخي الذي شهدته دول العالم على مر العصور، فقد انتقلت الدول من حكم الفرد الواحد، أو الحكم الديكتاتوري إلى حكم الأغلبية أو ما يعرف باسم الديمقراطية، وهو الأمر الذي ساهم في المحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم.

ما هي السلطات الثلاث

مرت الدولة بتطورات تاريخية مختلفة، اتخذت أشكالًا متنوعة على مر العصور، حتى وصلت إلى الشكل الحالي الذي تتخذه معظم دول العالم، وهو ما يُطلق عليه اسم “الدولة الحديثة” والتي تم تأسيسها على قواعد دستورية وقانونية تنظم طريقة الحكم فيها، وحقوق الأفراد وواجباتهم تجاه الدولة، وتختلف أشكال الدول الحديثة سواء كانت ملكية أو جمهورية أو اتحادية أو امبراطورية، ولكن كل تلك الأشكال للحكم تضم السلطات الثلاثة للدولة، وهي:

  • السلطة التشريعية: وهي السلطة المسؤولة عن سن القوانين والتشريعات التي يلتزم بها جميع الأفراد والمؤسسات في الدولة، كما أنها السلطة التي تقوم بمراقبة أعمال الحكومة، لضمان تنفيذ القوانين والتشريعات الصادرة عن السلطة التنفيذية، كما أنها تعمل على تقنين العلاقات الدولية للدولة من خلال الموافقة والتصديق على المعاهدات والاتفاقات الدولية، وكذلك وضع الخطة المالية للدولة فيما يسمى بالموازنة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها، ومراقبة إيرادات ومصروفات الحكومة.
  • السلطة التنفيذية: هي السلطة التي تعمل على تنفيذ التشريعات الصادرة عن السلطة التشريعية، ويرأس السلطة التنفيذية الحاكم في الدولة سواء كان الأمير أو السلطان أو الرئيس أو الملك وهو أعلى جزء في السلطة التنفيذية، وهو من يقوم باختيار أعضاء السلطة التنفيذية، كما أنها تقوم بإصدار اللوائح التنفيذية والقرارات الإدارية من أجل تنفيذ التشريعات الموضوعة من قبل السلطة التنفيذية.
  • السلطة القضائية: وهي الجهة الحكومية المسئولة بشكل أساسي عن حماية حقوق الأفراد في المجتمع والفصل في النزاعات التي تنشأ بينهم، أو بينهم وبين السلطة التنفيذية، كما أنها الجهة التي تعمل على مراقبة أعمال السلطة التشريعية وضمان دستورية القوانين الصادرة عنه، فلو خالفت الدستور أصبحت هي والعدم سواء، ولو وافقته فهي تعمل على ضمان تطبيقه بالشكل المناسب.

اول من فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية

بدأت فكرة الفصل بين السلطات في الدولة على شكل نظريات علمية وضعها المفكرون والفلاسفة، في القرون القديمة التي شهدت استئثار الحاكم بالتشريع والتنفيذ والقضاء؛ وهو الأمر الذي أدى إلى الجور على الحقوق والحريات، وقد بدأ التفكير في هذا المبدأ منذ عصر أفلاطون وأرسطو اللذين كانا يعتقدان بأنه يجب أن توجد في الدولة هيئات مختلفة تتوزع بينها المهام التي تقوم بها، حتى لا تقوم سلطة واحدة بالانفراد بجميع الوظائف مما يمس سلبًا حقوق الأفراد والحريات، وكذلك تقوم تلك الهيئات بمراقبة بعضها البعض حتى لا تنحرف أي منها.

وكان أول من وضع نظرية الفصل بين السلطات هو القاضي والمفكر الأمريكي شارل لوي دي سيكوندا المعروف باسم “مونتيسكو” في كتابه “روح القوانين” حيث قام بتعريف السلطات الثلاثة في الدولة وتحديد اختصاص كل منها، وكذلك التفريق بين الديمقراطية والديكتاتورية، وقد نشر كتابه في عام 1748م وكان هذا الكتاب مُلهمًا للآباء المؤسسين في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قامت على مبدأ الفصل بين السلطات بشكل نموذجي.

وبالتالي فإن الإجابة على سؤال: اول من فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية هي: الولايات المتحدة الأمريكية .. بناء على نظرية الفصل بين السلطات التي قدمها مونتيسكو.

مبدأ الفصل بين السلطات

يعد مبدأ الفصل بين السلطات هو أحد المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية الحديثة، وقد بدأت في الدول الغربية يقوم على أساس أن السيادة للشعب والأمة، وقد بدأ التفكير في هذا المبدأ من قبل المفكرين في القرن الثامن عشر، حينما كانت الدول تعيش أغلبها بنظام الملكية المطلقة، والذي كان الملك فيه يُمسك بزمام السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، فكانت السيادة له وحده، فهو من يقوم باتخاذ القرارات الكبرى، وهو الأمر الذي أدى إلى انتشار الظلم الاجتماعي بشكل كبير، إضافة إلى الاستبداد بالقرارات الحكومية، والعدوان على الحقوق المكفولة للأفراد، مما أدى إلى التفكير في نظام بديل يحفظ للأفراد حقوقهم وكرامتهم، ويكفل للجهات الحكومية التعرف على حقوقها وواجباتها تجاه السلطات الأخرى، وكذلك أفراد المجتمع، وهو الأمر الذي يحد من سلطة وبطش الحاكم الفرد.

ولا يُفهم من هذا المبدأ أن الفصل بين السلطات الثلاثة في الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية يعني تمام الفصل بين السلطات، ولكنه يعني أن هذه السلطات تتمتع كل منها بمهام محددة لا ينبغي أن تقوم أي منها بأداء سلطة أخرى، كما أنه يعني أنه يوجد تكامل وتنسيق بين تلك الدول، وتتعاون كل السلطات مع بعضها بما يحقق المصالح العليا للبلاد والمحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم، وضمان عدم احتكار أي سلطة من السلطات للحكم والسلطة في أي مجال من المجالات لضمان عدم استبداد تلك السلطة، سواء كانت التشريعية أو التنفيذية أو القضائية. [1]

مزايا مبدأ الفصل بين السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية

مبدأ الفصل بين السلطات من المبادئ التي قامت عليها الدول الحديثة بشكل عام، حيث نصت الجهات القانونية العليا في البلاد (الدساتير) على الاختصاصات المحددة لكل منها، بما يضمن الأداء الأفضل لتلك الواجبات والحقوق، كما أكد على الأمور المشتركة التي تتعاون فيها تلك الجهات مع بعضها البعض، لتحقيق أسس الديمقراطية وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم، ولمبدأ الفصل بين السلطات عدة فوائد من أهمها:

  • القضاء على الديكتاتورية والاستبداد الناتجين عن تركيز السلطات الثلاثة للدولة في يد شخص واحد؛ وهو ما كان حادثًا في الدول القديمة.
  • ضمان حقوق الأفراد، وتأطير العقوبات التي يجب تطبيقها على الجهات التي تعتدي على تلك الحقوق.
  • تحقيق التعاون والتكامل بين السلطات الثلاثة في الدولة، وخاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية.
  • ضمان عدم طغيان سلطة على أخرى وسلبها اختصاصاتها.
  • يحقق مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ سيادة القانون.

وإلى هنا، نكون قد وصلنا إلى ختام المقال؛ وقد تعرفنا من خلاله على إجابة سؤال اول من فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية كما تعرفنا كذلك على سلطات الدولة، ومبدأ الفصل بين السلطات، وأهمية هذا المبدأ في تحقيق الديمقراطية الحديثة التي تسعى لها الدول.