جدول المحتويات
اين يقع جامع الزيتونة هذا المسجد العريق في قدمه وطرازه العمراني، والذي يُعرف بعدّة تسميات منها مسجد الزيتونة، وجامع الزيتونة المعمور، والجامع الأعظم، ويشغل مساحةً تقدّر بحوالي 5000 متراً مربّعاً، ويُعد معلماً تراثيّاً دينيّاً بارزاً في الوطن العربي.
تسمية مسجد الزيتونة
تعود تسمية مسجد الزيتونة إلى المكان الذي بُني فيه، إذ كان يحتوي على شجرة زيتون واحدة، وكذلك فإنّ أساساته تقوم على أنقاض كاتدرائيّة مسيحيّة يعود بناؤها لعام 138 ميلادي، فيها قبر القدّيسة أوليفيا باليرمو المعروفة بـ(قدّيسة الزيتون). [1]
اين يقع جامع الزيتونة
يقع مسجد الزيتونة في قلب العاصمة التونسية القديمة، مدينة تونس، في شارع يُعرف باسمه، ويشرف على وادي قريانة، وهو أكبر وأقدم مساجدها بعد مسجد عُقبة بن نافع، ووضعت أساساته في عام 698 ميلادي الموافق لعام 79 هجري، بأمرٍ من حسّان بن النعمان، الذي أعاد توسيعه عام 704 ميلادي، وأكمل بناؤه والي إفريقيا الأمويّ عبيد الله بن الحبحاب في عام 732 ميلادي. أُعيد بناء المسجد من جديد عام 864 ميلادي بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المستعين بالله، في عهد الأمير الأغلبي أبو إبراهيم بن الأغلب. [1]
أهمية جامع الزيتونة
يتكوّن جامع الزيتونة حاليّاً، من فناءٍ كبير، وجامعة هي الأُولى في العالم الإسلاميّ، وقاعة خاصّة للمعارض، وقد كان لجامع الزيتونة دوراً كبيراً في نشر الثقافة العربيّة الإسلاميّة في دول المغرب العربيّ، لدوره التنويريّ في نشر العلم والمعرفة، ففيه تأسّست أوّل مدرسة في إفريقيا، ومن أبرز الأسماء التي برزت فيها أسد بن فرات، وعلي بن زياد، وصاحب المدوّنة التي رتّبت المذهب المالكيّ وهو الإمام سحنون، ومن هذه المدرسة انطلقت جامعة الزيتونة التي كانت منارةً لنشر الفكر والتعليم، والتي تخرّج منها رجالات عظماء من النخبة، وقد أشار المفكّر شكيب أرسلان إلى دور جامع الزيتونة حين جمع بينه وباقي المساجد التنويريّة الكُبرى في العالم الإسلاميّ، كالجامع الأزهر في مصر، والجامع الأمويّ في سوريا، وجامع القرويّين في المغرب، في تشكيل أكبر حصنٍ للُّغة العربيّة والشريعة الإسلاميّة أمام التحديّات التي واجهتها في القرون الأخيرة. وهذا بالضبط ما عناه القائم مقام الفرنسيّ حين قال عن طلاب جامعة الزيتونة، بعد محاولات فرْنَسَة تونس أيّام الاحتلال الفرنسيّ: “عندما قدمت إلى تونس وجدت أكثر من عشرين ألف مدافع عن العربية”. [1]
عظماء تخرجوا من جامعة الزيتونة
لقد تخرّج من جامعة الزيتونة العديد من الشخصيّات الذين كان لهم أثراً كبيراً وبصمة في المجتمع العربي، نذكر منهم: [1]
- ابن خلدون مؤسّس علم الاجتماع.
- الفقيه ابن عرفة.
- أبو الحسن الشاذلي.
- التيجاني.
- عبد الحميد ابن باديس.
- عبد العزيز الثعالبي.
- الشاعر أبو القاسم الشابي.
- وشيخ جامع الأزهر محمد الخضر حسين.
- الرئيس هواري بو مدين رئيس الجزائر السّابق.
مميزات مسجد الزيتونة
تتعلّق بمسجد الزيتونة عدّة مميّزات، نورد بعضها وهي:
- لمسجد الزيتونة تسعة أبواب، وقاعة داخليّة واسعة تحوي على 184 عموداً أثريّاً، مصنوعة من الرخام والجرانيت أو البورفير تمّ استحضارها من بقايا آثار مدينة قرطاج، ويبلغ ارتفاع مئذنته المربّعة الشّكل حوالي ثلاثة وأربعين متراً. [2]
- يُعتبر مسجد الزيتونة ثاني جامع يُبنى في القارّة الإفريقيّة بعد مسجد سادات قريش في مصر. [2]
- لوجهته على البحر الأبيض المتوسّط، كان المسجد بمثابة قلعة دفاع في صدّ هجمات الغُزاة.
- الهيئة التي تُشرف على إدارة المسجد تُسمّى مشيخة الجامع الأعظم، وإمام جامع الزيتونة يُسمّى الإمام الأكبر. [1]
- قام الأمير المنصور بن بلكين بن زيري، بوضع قبّة البهو فوق مدخل قاعة الصلاة المفتوحة على فناء المسجد عام 990 وهي من أجمل القباب في تونس. وتصميمها مشابه لقبة مسجد الأنوار في القاهرة.
- زوّد السّلطان الحفصيّ أبو عبد الله محمد المستنصر المسجد بخزّانات مائيّة عام 1250.
- أمر بزخرفة غرف المسجد وأبوابه السّلطان أبو يحي أبو بكر المتوكّل عام 1316. [2]
- أُلحقت بالمسجد مكتبة ضخمة تركيّة الطراز، بتمويلٍ من السّلطان العثمانيّ مراد الثّاني عام 1450، جُمعت فيها عشرات آلاف من نفائس الكتب، بالإضافة إلى العديد من المخطوطات القيّمة.
- في أيّام المرابطين والموحّدين، أُنشئ الرواق الشرقيّ الذي يحتوي على أقواس تشبه حدوة الحصان الذي يميز العمارة المغاربيّة، إلى جانب أعمدة من الطراز البيزنطيّ التي يُعتقد أنّها جُلبت من المعابد القديمة. [2]
- المنارة وبُنيت بإشراف المعماريّين البارزين طاهر بن صابر وسليمان النيقرو عام 1637.
- أُلحقت منارة بالمسجد مكان سابقتها في عهد الباي حمودة باشا المرادي عام 1894، بكلفةٍ ماليّة بلغت 110000 فرنكاً تونسيّاً. [2]
- قام الرئيسان بورقيبة وبن علي بأعمال ترميم وإعادة تأهيل كبيرة في المسجد، خاصة خلال الستينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
- شُيدت العديد من المساجد حول العالم وحملت اسم جامع الزيتونة، تأثراً بجامع الزيتونة في تونس، كما في برلين في ألمانيا، وفي معضميّة الشام في دمشق سوريا، وفي مكناس في المغرب، وفي مدينة القيروان في تونس.
وبالإجابة على اين يقع جامع الزيتونة نجد أنّه بالإضافة إلى كونه صرحاً دينيّا،ً فهو من التّحف المعماريّة والتراثيّة التي لا يفوّت السائح في تونس فرصة زيارته، ليشهد على أصالة ماضيه، والتمتّع في رحابه بجوٍّ فريد من التأمّل والسكينة، بعيداً عن ضوضاء وصخب المدن.