إن مسألة الطلاق من الأمور الشائكة التي يتعرض إليها العديد من الأشخاص، لأن في بعض الحاالات، بل في أكثر حالات الطلاق يكون السبب من الأهل، وفي هذا المقال نوضح لكم حكم الطلاق بسبب الأهل ومن الأولى بالطاعة الأهل أم الزوج أو الزوجة؟ نجيب على هذا في التالي.. فتابعونا.
حكم الطلاق بسبب الأهل
إن الطلاق في اللغة هو اسم من المصدر تطليق، ويعني رفع القيد أو الحل، ويرادفه الإطلاق، وشرعًا الطلاق هو رفع قيد النكاح في الحال، وعلى الرغم من أن الطلاق حلال، إلا أن أهل العلم قد اختلفوا حوله، رغم أن الأصل فيه الإباحة، وعلى أي حال فالشرع لا يرى في الطلاق خير في نفسه إلا إن اقترن بأسباب مقبولة حيث ورد في السنة النبوية:
-
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صل الله عليه
وآله وسلم: «مَا أَحَلَّ اللهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ»، وقال هذا حديث
صحيح الإسناد ولم يـخرجاه. -
وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ
إِلَى اللهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ» رواه أبو داود. -
وفي “صحيح مسلم” عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ،
فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا،
فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى
فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ».
ورغم هذا كله فالإسلام قد أباح الطلاق، ولم يحرمه؛ تخفيفًا على العباد في حالة استحالة العشرة، وتقول دار الإفتاء المصرية أن هناك من يأمر الزوجين بالصبر، ولكن هناك حالات كثيرة لا يحتمل فيها الصبر، ومن ثم ينتج عن هذا الزواج مشاكل أكبر من الطلاق.
حكم طلاق الزوجة لإرضاء الأم
نعود إلى مسألة طلاق الزوجة لإرضاء أحد الوالدين أو الأهل، إن بر الوالدين اقترن بالإحسان واللين في المعاملة، وتجنب غليظ القول أو الفعل، فيقول رسول الله -صل الله عليه وسلم-: «رضَا الرَّب في رِضَا الوَالِدين، وسَخطُهُ في سَخطِهَمَا»، ولكن هل رضا الأهل يكون في الطلاق؟ نجيب على ذلك في التالي من آراء أهل العلم:
- المذهب الحنفي قال أن هناك إشكالية في هذا الأمر
فقال الإمام الطحاوي: إن رجلًا منَّا أمرته أمه أن يتزوج، فلمَّا تزوج أمرته أن
يفارقها، فارتـحل إلى أبي الدرداء فسأله عن ذلك، فقال: ما أنا بالذي آمرك
أن تطلق، وما أنا بالذي آمرك أن تـمسك، سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: «الوالدةُ أوسطُ بابِ الجنةِ فاحفظ ذلك الباب أو ضيع»
أو كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم. - فيما ذهب المذهب الشافعي إلى كراهة طاعة الوالدين في الطلاق في حالة التعنت.
- أما المذهب الحنبلي فصرح بعدم الطاعة إلا أن يكون الأب الآمر من الصالحين الأتقياء.
- فيما ذهب ابن تيمية إلى حرمة طاعة الوالدين في الطلاق،
فيقول [مسألة: في رجل متزوج وله أولاد، ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها، هل يجوز له طلاقها؟ الجواب: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه، بل عليه أن يبرَّ أمه، وليس تطليق امرأته من برها والله أعلم]
- وكذلك ابن المفلح فيقول في “الفروع” (5/ 363، ط. عالم الكتب) ما نصه:
[فإن أمَرَتهُ أمُّهُ فَنصُّهُ: لا يُعْجِبُنِي طَلاقُهُ، وَمَنَعَهُ شَيْخُنَا مِنْهُ، وَنَصَّ فِي بَيْعِ السَّرِيَّةِ: إنْ خِفْت عَلَى نَفْسِك فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَكَذَا نَصَّ فِيمَا إذَا مَنَعَاهُ مِنْ التَّزْوِيجِ]
هل يجوز للاب أن يطلق زوجة ابنه
-فيديو مناسب للباقة-
ومن هنا نكون قد تعرفنا إلى حكم طلاق الزوجة إرضاءًا للأب أو الأم، وفي ختام هذا المقال نذكركم أن الله -سبحانه وتعالى- أمرنا بالتيسير، وجعل في الطلاق أبغض الحلال، ولكن إن استحالت العشرة فلا إثم يقع على أحد، كما أن طاعة الوالدين لا تعني ألا يكون للإنسان يد في قراراته، وإلا سيحاسب الله والديه بدلاً منه!