جدول المحتويات
ما هو حكم شرب حليب الحمار، فبعض الناس يزعمون أنّ لحليب أنثى الحمار الأتان مزايا خاصّة، فيشربونه من باب الاستشفاء والتداوي به، فهل يحل لهم ذلك في الشريعة الإسلامية، في هذا المقال يتوقف موقع لبيان حكم شرب حليب أنثى الحمار في الإسلام، وأقوال أهل العلم في ذلك، إضافة للوقوف على بعض الأحكام المتفرقة حول حليب الأتان واستعمالاته.
حكم شرب حليب الحمار
إنّ شرب حليب الأتان أنثى الحمار محرّم لغير ضرورة كما صحّ عن العلماء في المذاهب الأربعة، فعند الحنفية والشافعية هو نجس في أصح الروايات عنهم، وذلك لأنّه محرّم اللحم بالإجماع، وكذا روي عن المالكية أنّ شرب لبن الأتان حرام؛ لأنّ اللبن عندهم يتبع صاحبه في التحريم أو التحليل، وكذا قال الحنابلة، والله أعلم.[1]
شاهد أيضًا: حكم الايمان بالابراج والتعلق بالنجوم
أقوال أهل العلم في شرب لبن الأتان
لقد اتفق العلماء من المذاهب الأربعة على تحريم شرب لبن الأتان لغير ضرورة، وذكر فقهاء هذه المذاهب نصوصًا تحرّم شرب لبن الأتان في بطون كتبهم، وتفصيل ذلك كما يأتي:[1]
- قول الحنفية: قال علماء الحنفية إنّ لبن الأتان نجسٌ نجاسة غليظة لأنّه حرام بالإجماع، قال كمال بن الهمام في فتح القدير: “وعن عين الأئمة الصحيح أنه نجس نجاسة غليظة لأنه حرام بالإجماع، وفي فتاوى قاضي خان: وفي طهارة لبن الأتان روايتان”.
- قول الشافعية: ذكر الشافعية في لبن الأتان ثلاث روايات، أصحّها هي النجاسة، يقول الإمام النووي: “وحكى الدارمي في آخر كتاب السلم في لبن الأتان ونحوها ثلاثة أوجه، الصحيح أنه نجس”.
- قول المالكية: قال المالكية إنّ اللبن يتبع لصاحبه، فإن كان محرّمًا فلبنه محرّم كذلك، قال الشيخ خليل وهو من فقهاء المالكية: “ولبن آدمي إلا الميت، ولبن غيره تابع، يعني أنّ لبن غير الآدمي تابع للحمه، فإن كان محرم الأكل كالأتان كان لبنه نجسًا”.
- قول الحنابلة: قال الحنابلة إنّ لبن الأتان نجس كذلك، قال صاحب كتاب الإقناع: “ولبن غير مأكول وبيضه ومنيه من غير آدمي نجس”، والله أعلم.
شاهد أيضًا: حكم الإنتحار شرعا وحكم الصلاة على المنتحر والدعاء له
حكم التداوي بلبن الحمير
اختلف العلماء في حكم التداوي بلن الأُتُن، وخلافهم ذاك مبني على مسألة حكم التداوي بالنجس في الإسلام، وقد أفرد فقهاء كل مذهب حديثًا في كتبهم عن هذه المسألة، وتفصيل تلك الأقوال كما يأتي:[2]
- قول الحنابلة: منع الحنابلة شرب لبن الأتان، ولو كان لضرورة كالتداوي ونحوه، قال ابن مفلح: “وقال في رواية حنبل في ألبان الأتن: لا تشرب ولا لضرورة”.
- قول المالكية: قال المالكية إنّه لا بأس بشرب لبن الأتان إن كان على سبيل التداوي، نُقل في كتب المالكية قولهم: “إنه لا بأس بالتداوي بلبن الأتان مراعاة للخلاف في جواز أكلها حكى ذلك ابن حبيب عن مالك وسعيد بن المسيب والقاسم وعطاء، وروى إباحة التداوي بها عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلى إجازة ذلك ذهب ابن المواز”.
- قول الشافعية: أجاز الشافعي التداوي بلبن الأتان لأنّهم يجيزون التداوي بالنجس، قال الإمام النووي عن التداوي بالنجس: “وإن كان ينتفع به في التداوي حل التداوي به”.
- قول الحنفية: اختلف الحنفية في حكم التداوي بلبن الأتان، فمنعه بعضهم وأجازه بعضهم، قال شهاب الدين الحموي: “وَفِي اللَّآلِئِ التَّدَاوِي بِلَبَنِ الْأَتَانِ إذَا أَشَارَ إلَيْهِ وَلَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ صَدْرُ الشَّهِيدِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا حَرَامٌ، وَالِاسْتِشْفَاءُ بِالْحَرَامِ حَرَامٌ (انْتَهَى). قُلْت: هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ فِي التَّدَاوِي بِالدَّمِ وَالْبَوْلِ (انْتَهَى)”، والله أعلم.
شاهد أيضًا: ما حكم طاعة ولاة الامر في الإسلام
حكم استخدام حليب الحمار في تصنيع مادة الصابون
إنّ لبن أنثى الحمار نجس كما نصّ على ذلك جمهور أهل العلم، وذلك بسبب تحريم لحوم الحمر الأهلية، ففي الحديث الصحيح الذي يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: “صَبَّحَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيْبَرَ وقدْ خَرَجُوا بالمَسَاحِي علَى أعْنَاقِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قالوا: هذا مُحَمَّدٌ والخَمِيسُ، مُحَمَّدٌ والخَمِيسُ، فَلَجَؤُوا إلى الحِصْنِ، فَرَفَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُ أكْبَرُ! خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذَا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ. وأَصَبْنَا حُمُرًا، فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللهَ ورَسولَه يَنْهَيَانِكُمْ عن لُحُومِ الحُمُرِ، فَأُكْفِئَتِ القُدُورُ بما فِيهَا”.[3]
ولكن للعلماء في التداوي بلبن الأتان أقوال، وقد أجاز ذلك كثير من العلماء شرط عدم وجود البديل الطاهر للعلاج، قال بعض العلماء: “تنبيه: محلّ الخلاف في التداوي بها بِصرفِها، أما الترياق المعجون بها ونحوه مما تستهلك فيه، فيجوز التداوي به عند فقد ما يقوم مقامه ممّا يحصل به التداوي من الطاهرات، كالتداوي بنجس كلحم حية وبول، ولو كان التداوي بذلك لتعجيل شفاء بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك أو معرفته للتداوي به”.[4]
وقد دخل لبن الأتان في صناعة الصابون الذي يُجعل لعلاج بعض الأمراض الجلدية في الجسم مثل الأكزيما وتصبغات الجلد ونحو ذلك، وكذلك فإنّ لبن الأتان في هذه الحالة تُضاف له بعض المواد الكيماوية، فتُغيّر من طبيعة اللبن، وهذا يجعل استعماله جائزًا شرعًا، والله أعلم.[4]
شاهد أيضًا: حكم سب الصحابة رضي الله عنهم
وإلى هنا يكون قد تم مقال حكم شرب حليب الحمار بعد الوقوف على الحكم الشرعي الوارد في الشريعة الإسلامية، وبعد الوقوف على تفصيل أقوال العلماء في حكم شرب هذا الحليب لضرورة وغير ضرورة، وحكم التداوي بهذا الحليب وغير ذلك.
المراجع
- ^
islamweb.net , أقوال أهل العلم في شرب لبن الأتان , 08/06/2022 - ^
islamweb.net , التداوي بلبن الحمير , 08/06/2022 - ^
صحيح البخاري , البخاري، انس بن مالك، رقم الحديث: 2991، حديث صحيح. - ^
aliftaa.jo , حكم استخدام حليب الحمار في تصنيع مادة الصابون , 08/06/2022