دونالد ترامب: من رجل أعمال إلى رئيس الولايات المتحدة

FILE PHOTO: Republican then-presidential candidate and former U.S. President Donald Trump gestures during a campaign event at Dorton Arena, in Raleigh, North Carolina, U.S. November 4, 2024. REUTERS/Jonathan Drake/File Photo

دونالد ترامب: من رجل أعمال إلى رئيس الولايات المتحدة

يُعتبر دونالد ترامب واحدًا من أبرز الشخصيات السياسية التي أثارت جدلاً كبيرًا على الصعيدين الأمريكي والعالمي. رجل الأعمال الذي أصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، والذي كانت مسيرته السياسية غير تقليدية وصاخبة، ترك بصمة واضحة في تاريخ السياسة الأمريكية المعاصرة.

بداية حياته ومسيرته المهنية

وُلد دونالد جون ترامب في 14 يونيو 1946 في مدينة نيويورك. نشأ في أسرة غنية، حيث كان والده فريد ترامب يعمل في مجال العقارات. بعد تخرجه من جامعة بنسلفانيا في عام 1968، بدأ ترامب مسيرته في مجال العقارات من خلال الانضمام إلى أعمال عائلته. ووسع إمبراطوريته العقارية ليشمل مشاريع ضخمة مثل الأبراج، الفنادق، والمنتجعات. بفضل قدراته في التسويق وعيناه الثاقبة للفرص، استطاع ترامب أن يُبرز نفسه كأحد أبرز رجال الأعمال في الولايات المتحدة، وتحولت علامته التجارية إلى رمز من رموز النجاح في مجال العقارات.

بالإضافة إلى عمله العقاري، اشتهر ترامب بمشاركته في الإعلام، حيث قدم برنامج الواقع الشهير “The Apprentice”، الذي ساهم في تعزيز صورته العامة كرجل أعمال قوي وقائد ناجح.

الدخول إلى عالم السياسة

في عام 2015، أعلن ترامب عن ترشحه للانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو قرار لم يكن متوقعًا في البداية. لم يكن يمتلك خلفية سياسية سابقة، مما أثار شكوك الكثيرين في قدرته على النجاح. لكن حملته الانتخابية أثارت الكثير من الانتباه بفضل مواقفه المثيرة للجدل، مثل دعوته لبناء جدار على الحدود مع المكسيك، وتعهده بتقليص الهجرة غير الشرعية. كما تبنى ترامب سياسة “أمريكا أولًا” في قضايا الاقتصاد والسياسة الخارجية، مؤكدًا على ضرورة أن تعود الولايات المتحدة إلى ريادتها الاقتصادية في العالم.

في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، فاجأ ترامب الجميع بفوزه على هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي، ليحقق انتصارًا غير متوقع، رغم أن استطلاعات الرأي كانت تشير إلى تقدم كلينتون. فوز ترامب في تلك الانتخابات كان بمثابة انعكاس لصعود القومية واليمين المتطرف في السياسة الأمريكية.

فترة الرئاسة: ملامح من الإنجاز والجدل

شغل ترامب منصب رئيس الولايات المتحدة من 20 يناير 2017 إلى 20 يناير 2021. فترة رئاسته تميزت بعدد من السياسات الجريئة والمثيرة للجدل. على الصعيد الاقتصادي، أطلق ترامب أكبر خطة لخفض الضرائب في تاريخ الولايات المتحدة، وهو ما أثر بشكل إيجابي على أسواق المال، ولكنه أثار تساؤلات حول تأثيره على العجز المالي الوطني.

في مجال السياسة الخارجية، اتخذ ترامب مواقف متشددة تجاه بعض الحلفاء والتكتلات الدولية. من أبرز القرارات التي اتخذها كانت انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، واتفاق إيران النووي، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو القرار الذي فجر موجة من الانتقادات في العالم العربي والإسلامي. كما قام بإبرام اتفاقيات جديدة مع كل من المكسيك وكندا (الاتفاقية الأمريكية-المكسيكية-الكندية أو USMCA) لتعزيز العلاقات التجارية.

لكن فترة رئاسته لم تخلُ من الأزمات. في عام 2019، اندلعت فضيحة التحقيقات حول تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، مما دفع إلى محاكمة عزل (Impeachment) له في مجلس النواب، رغم أنه تم تبرئته في مجلس الشيوخ. كما شهدت فترة رئاسته ارتفاعًا في حدة الانقسامات السياسية في البلاد، حيث تفاقمت الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين بشكل غير مسبوق.

الخسارة في انتخابات 2020 وما بعدها

في انتخابات 2020، خسر ترامب أمام جو بايدن، مرشح الحزب الديمقراطي. وعلى الرغم من الجدل الكبير الذي أثاره حول نزاهة الانتخابات، وتمسكه بمزاعم التزوير، إلا أن محاولاته للطعن في نتائج الانتخابات لم تنجح. خسارته في الانتخابات كانت بمثابة نهاية لفترة رئاسته، لكنها لم تكن نهاية تأثيره على الساحة السياسية الأمريكية.

منذ مغادرته البيت الأبيض، لا يزال ترامب يحتفظ بنفوذ كبير في الحزب الجمهوري، وتستمر تكهنات حول إمكانية ترشحه مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة. مع وجود قاعدة دعم واسعة من الناخبين الذين يعتبرونه صوتًا للأمريكيين العاديين ضد النخبة السياسية، يبقى تأثيره على السياسة الأمريكية مستمرًا.

خاتمة

دونالد ترامب هو شخصية مثيرة للجدل، تثير انقسامات حادة بين مؤيديه ومعارضيه. بينما يراه البعض قائدًا قويًا يواجه التحديات العالمية، يعتبره آخرون مصدرًا للانقسام والتوتر السياسي. ما لا شك فيه هو أن ترامب قد ترك بصمة واضحة في السياسة الأمريكية، وأن تأثيره سيظل قائمًا في السنوات القادمة، سواء عبر قيادته للحزب الجمهوري أو عبر منصاته الإعلامية المختلفة.