جدول المحتويات
تعد سورة الفاتحة كنز من الكنوز التي وهبنا إياها المولى عز وجل، وفي هذا المقال سوف نوضح لكم فضل سورة الفاتحة لقضاء الحوائج وشفاء القلوب والأبدان.
سورة الفاتحة لقضاء الحوائج
- أوضح أهل العلم أن استفتاح الدعاء بسورة الفاتحة له فضل كبير في استجابة الدعاء،
وقد استدلوا على ذلك بالآتي: - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “تأملت أنفع الدعاء، فإذا هو سؤال العون على مرضاته،
ثم رأيته في الفاتحة في : (إياك نعبد وإياك نستعين)” - ومن ساعده التوفيق وأُعِين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد،
ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثبات الشرع والقدر والمعاد، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية،
وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله،
والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين، وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحهما
ودفع مفاسدهما، وأن العاقبة المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها موقوفة على التحقق بها؛
أغنته عن كثير من الأدوية والرقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابه ” .
“زاد المعاد” (4/318) . - كما قال الحافظ : ” اخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتهَا ” مَثَانِي ” فَقِيلَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى كُلّ رَكْعَة أَيْ تُعَاد,
وَقِيلَ لِأَنَّهَا يُثْنَى بِهَا عَلَى اللَّه تَعَالَى , وَقِيلَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّة لَمْ تَنْزِل عَلَى مَنْ قَبْلهَا , ” .
أنها جمعت بين التوسل إلى الله تعالى بالحمد والثناء على الله تعالى وتمجيده، والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده،
ثم جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين، فالداعي به حقيق بالإجابة.
فضل سورة الفاتحة في استجابة الدعاء
- روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}،
قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال : {الرحمن الرحيم} قال الله تعالى: أثنى علي عبدي،
وإذا قال: {مالك يوم الدين}، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي،
فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين}، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل،
فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}،
قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل). - كما روى مسلم في “صحيحه” عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:
(بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه،
فقال: هذا باب من السماء فُتح اليوم، ولم يُفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك،
فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، ولم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما،
لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته).
فضل قراءة سورة الفاتحة 7 مرات
- أوضح أهل العلم أن من الجائز تكرار قراءة سورة الفاتحة للرقية أو الدعاء بالشفاء أو الفرج.
- وقد استدلوا على ذلك بهذا الحديث:
- «انْطَلَقَ نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا علَى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ شَيءٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا؛ لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيءٌ، فأتَوْهُمْ، فَقالوا: يا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ؛ فَهلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنكُم مِن شَيءٍ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ: (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)، فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَما به قَلَبَةٌ، قالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقالَ الَّذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الَّذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقالَ: وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟
ثُمَّ قالَ: قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا. فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ».
(الراوي : أبو سعيد الخدري، المحدث: البخاري). - كما قال ابن القيم رحمه الله :
- “فأما اشتمالها على شفاء القلوب: فإنها اشتملت عليه أتم اشتمال،
فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: فساد العلم، وفساد القصد،
ويترتب عليهما داءان قاتلان وهما الضلال والغضب، فالضلال نتيجة فساد العلم،
والغضب نتيجة فساد القصد، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها،
فهداية الصراط المستقيم تتضمن الشفاء من مرض الضلال، ولذلك كان سؤال هذه الهداية
أفرض دعاء على كل عبد وأوجبه عليه كل يوم وليلة في كل صلاة، لشدة ضرورته وفاقته إلى الهداية المطلوبة،
ولا يقوم غير هذا السؤال مقامه.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا اليوم، ويسعدنا مشاركتكم لنا في التعليقات.