فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز

جدول المحتويات

ليلة النصف من شعبان ابن باز هي إحدى الليالي التي تسبق شهر رمضان المبارك، وقد ورد في ليلة النصف من شعبان بعض الأحاديث منها الصحيح والكثير منه مبتدَع، فليلة النصف من شعبان ورد منها الكثير من الأحكام على لسان العلماء والفقهاء المسلمين منهم ابن باز، وفي مقالنا التالي سوف نتعرّف على حكم ليلة النصف من شعبان، والأحاديث التي وردت في ليلة النصف من شعبان صحيحها وموضوعها.

ليلة النصف من شعبان ابن باز

ليلة النصف من شعبان ابن باز  هي من البدع التي أحدثها بعض الناس، والاحتفال بهذه الليلة، وتخصيص يومها بالصيام والدعاء والصلاة، لا يوجد عليه دليل يمكن الاحتجاج، وقد ورد في فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث كثيرة ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها، وجميع الأحاديث الواردة في فضل هذه الليلة موضوعة وضعيفة ولا أصل لها، وما ورد في فضل الصلاة في ليلة النصف من شعبان فكلّه أحاديث موضوعة، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فليس له أصل صحيح حتى يتم الاستئناس به.[1]

شاهد أيضًا: فضل شعبان والاستعداد لرمضان

رأي الحافظ ابن رجب في ليلة النصف من شعبان

قال الحافظ ابن رجب في هذه المسألة: “وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام، مصل خالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر، يعظّمونها، ويجتهدون فيها بالعبادة، وعنهم أخذ الناس فضل هذه الليلة وتعظيمها، وقد اشتهر ذلك عنهم في البلدان، وقد اختلف الناس في ذلك فمنهم من قبله، ووافقهم على تعظيمها، ومن هؤلاء طائفة من أهل البصرة، ولكن أكثر  علماء الحجاز ومنهم: عطاء، وابن أبي مليكة، أنكروا الاحتفال بهذه الليلة، وقالوا ذلك كله بدعة، واختلف علماء الشام في صفة إحيائها، فمنهم من استحب احيائها في المساجد، ومنهم من كره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والذكر والدعاء“، وخلاصة قول الحافظ ابن رجب عن ليلة النصف من شعبان: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه شيء في ليلة النصف من شعبان، وكل ما لم يثبت بالأدلة الشرعيّة كونه مشروعًا، لم يجز للمسلم أن يُحدثه في الدين.[2]

شاهد أيضًا: خطبة الجمعة عن ليلة النصف من شعبان

رأي الإمام النووي بليلة النصف من شعبان

قال الإمام النووي في كتابه المجموع: الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان هما بدعتان منكرتان، ولا يُغترّ بذكرهما في كتاب: “قوت القلوب”، وكتاب” إحياء علوم الدّين”، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن ذلك كله باطل، ولا يؤخذ بشيء منه، ومن كتب في استحباب صيام أو قيام ليلة النصف من شعبان فإنه غالط في ذلك.[3]

شاهد أيضًا: اعمال شهر شعبان

سبب تسمية شهر شعبان بهذا الاسم

سنّي شعبان بهذا الاسم لأن العرب كانوا يتشعبون فيه بالأرض، أي يتفرقون لطلب المياه، وقيل: كانوا يتشعبون في الغارات بعد انتهاء شهر رجب، وقد تناقل الناس أحاديث منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تصح عن شعر شعبان ومنها ما روي عن أنس خادم النبي أنه قال: (إنما سُمِّي شعبان؛ لأنه يتشعب فيه خير كثير للصائم فيه حتى يدخل الجنة)، وهو حديث موضوع، وروي بلفظٍ آخر أخرجه الرافعي عن أنس قال: (تدرون لِمَ سُمِّي شعبان؟ لأنه يشعب فيه خير كثير، وإنما سمِّي رمضان؛ لأنه يرمض الذنوب – أي: يدنيها من الحر).[4]

شاهد أيضًا: لماذا ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال التى تقرب إلى الجنة بالتوحيد

ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من صيام شهر هر شعبان، لأنه شعر تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ لم أرَك تصومُ من شهرٍ من الشُّهورِ ما تصومُ شعبانَ قال ذاك شهرٌ يغفَلُ النَّاسُ عنه بين رجبَ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ)[5]، بل لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان كما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ)[6].[7]

شاهد أيضًا: موعد ليلة النصف من شعبان 2022

ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان

ورد في ليلة النصف من شعبان أحاديث كثيرة أغلبها غير صالحة للاحتجاج بها، وما هو صالح للاحتجاج هو حديثين فقط وهما حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال:(إذا كان ليلةُ النصفِ من شعبانَ اطَّلَعَ اللهُ إلى خلْقِه ، فيغفرُ للمؤمنينَ ، و يُملي للكافرينَ ، و يدعُ أهلَ الحِقْدِ بحقدِهم حتى يدَعوه)[8]، وحديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللهَ تعالى لَيطَّلِعُ في ليلةِ النصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلْقِه ، إلا لمشركٍ أو مشاحنٍ)[9].[10]

صيام ليلة النصف من شعبان

 لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته بتخصيص ليلة النصف من شعبان بصيام أو دعاء معين مختص بهذه الليلة، وأول ظهور لصيام ليلة النصف من شعبان ظهر عند بعض التابعين من أهل الشام، وقد أنكر غالبية علماء أهل الشام عليهم ذلك، لعدم ورود حديث نبوي صحيح يحث على صيام ليلة النصف من شعبان، ويمكن صيام ليلة النصف من شعبان على أنه أحد الأيام البيض وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، لا على أنه يوم النصف من شعبان، وحديث الصيام في النصف من شعبان لا يصلح للاحتجاج به، بل هو حديث موضوع، ونص الحديث: (إذا كان ليلةُ النِّصْفِ من شعبانَ فقُومُوا ليلتَها ، وصُومُوا يومَها ، فإنَّ اللهَ ينزلُ فيها لغروبِ الشمسِ إلى سماءِ الدنيا فيقولُ : أَلَا مُسْتَغْفِرٌ فأَغْفِرَ له ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فأَرْزُقَه ؟ أَلَا مُبْتَلًى فأُعافِيَه ؟ أَلَا سائلٌ فأُعْطِيَه ؟ أَلَا كذا أَلَا كذا ؟ حتى يَطْلُعَ الفجرُ)[11]، فهذا حديث موضوع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يُحتجّ به أبدًا.[12]

شاهد أيضًا: دعاء في الجمعة الثانية من شعبان

البِدع المنتشرة في شهر شعبان

من أبرز البدع المنتشرة في شهر شعبان والتي يتداولها الناس فيما بينهم نذكر:[13]
  • صلاة البراءة: وهي تخصيص قيام ليلة النصف من شعبان وهي مائة ركعة.
  • صلاة ست ركعات: بنيّة دفع البلاء، وطول العمر، والاستغناء عن الناس.
  • قراءة سورة (يس)، والدعاء في هذه الليلة بدعاء مخصوص وهو: (اللهم يا ذا المن ، ولا يمن عليه ، يا ذا الجلال والإكرام……..).
  • اعتقادهم أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر: قال الشقيري: “وهذا باطل باتفاق جميع العلماء المحدثين”، وليلة القدر في رمضان فقط وليست في شعبان.
  • عشيات الوالدين: وهي قيام بعض الناس بتوزيع الطعام على الفقراء والمحتاجين ويسمّون ذلك عشيّات الوالدين، وهذا لا أصل له.

مخاطر ظهور البدع في ليلة النصف من شعبان

من ابتدع في دين الله تعالى ما ليس منه، فقد وقع بعدّة مخاطر ومحاذير منها:[14]

  • من ابتدع في ليلة النصف من شعبان فهذا نوع من التكذيب لله تعالى، لأن الذي أحدثه واعتقده دينًا لم يكن موجودًا، فيكون الدّين غير موجودًا بحسب بدعته.
  • الابتداع في هذه الليلة يتضمّن التقدّم بين يدي الله تعالى ورسوله، حيث أدخل في دين الله ما ليس فيه، وقد حذّر الله تعالى من تعدّي حدوده.
  • أنن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكًا مع الله تعالى في الحكم على عباده.
  • ابتداعه يستلزم أمرين: إما أن يكون جاهلاً بهذا العمل، وإما أن يكون عالمًا بهذا الأمر، ففي الأول يكون قد رمى النبي بالجهل بأحكام الشريعة، وفي الثاني: فيكون قد رماه بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالى.
  • الابتداع يؤدي إلى تطاول الناس على شريعة الله تعالى، وإدخالهم فيها ما ليس منها في العقيدة والقول والفعل، وهذا من أعظم العدوان الذي نهى الله عنه.
  • الابتداع يؤدي إلى تفريق الأمة وتشتيتها، واتخاذ كل واحد منها منهجًا وطريقًا خاصًا به يسلكه ويتهم غيره بالقصور إذا لم يسير على نهجه، فتقع الأمة فيما نهى الله تعالى عنه وحذّر منه وهو الفرقة والتشتت.
  • الابتداع يؤدي إلى اشتغال المبتدع ببدعته عما هو مشروع، فإنه ما ابتدع قوم بدعة إلا هدموا من الشرع ما يقابلها.

شاهد أيضًا: متى ترفع الاعمال الى الله في شهر شعبان

أحاديث لا تصح عن ليلة النصف من شعبان

من أهم الأحاديث الغير صحيحة عن ليلة النصف من شعبان نذكر أكثرها انتشارًا وهي الآتي:[15]

  • حديث: (صلاة ليلة النصف من شعبان ودعاؤها، الصلاة الألفية، وكذا الدعاء ليلة النصف من شعبان: اللهم يا ذا المنِّ ولا يُمن عليه… أو الدعاء ليلة النصف من شعبان: إلهي بالتجلِّي الأعظم في ليلة النصف من شهر شعبان المكرَّم))، الدرجة: موضوع.

  • حديث: (خمس ليالٍ لا تُردُّ فيهن الدعوة: أوَّل ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعة، وليلة الفِطر، وليلة النحر)، وحديث: ((أتاني جبريل عليه السلام، فقال لي: هذه ليلة النِّصف من شعبان، ولله فيها عُتقاءُ من النار بعدد شَعر غنم كلب)، وحديث: ((مَن قرأ ليلة النصف من شعبان ألف مرة قل هو الله أحد، بعث الله إليه مئة ألف ملك يبشِّرونه)، وحديث: ((مَن أحيا ليلتَي العيد، وليلةَ النصف من شعبان، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)، وحديث: ((من أحيا الليالي الخمس، وجبت له الجنة: ليلة التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، وليلة الفِطر، وليلة النصف من شعبان)، كلها أحاديث لا تصح، وهي ما بين باطل، وموضوع، وضعيف.

  • حديث: ((قيل: يا رسول الله, أيُّ الصوم أفضل بعد رمضان؟ فقال: صوم شعبان؛ لتعظيم رمضان)). الدرجة: منكر
  • حديث: (يا عليُّ، مَن صلَّى مِئةَ ركعةٍ ليلةَ النِّصفِ مِن شعبانَ، يقرأُ في كلِّ ركعةٍ فاتحةَ الكتابِ، و{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} عشرَ مرَّاتٍ؛ إلَّا قضَى اللهُ لهُ كلَّ حاجةٍ … الحديثَ. الدرجة: موضوع

في نهاية مقالنا تعرفنا على فضل ليلة النصف من شعبان ابن باز هي من البدع التي أحدثها بعض الناس، والاحتفال بهذه الليلة، وتخصيص يومها بالصيام والدعاء والصلاة، لا يوجد عليه دليل يمكن الاحتجاج، وقد ورد في فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث كثيرة ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها.

المراجع

  1. ^binbaz.org.sa , حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان , 12/03/2022
  2. ^binbaz.org.sa , حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان , 12/03/2022
  3. ^binbaz.org.sa , حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان , 12/03/2022
  4. ^ar.islamway.net , شهر شعبان , 12/03/2022
  5. ^الترغيب والترهيب ,  أسامة بن زيد ، المنذري ،الترغيب والترهيب ، 2/130 ،[إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
  6. ^صحيح البخاري ,  عائشة أم المؤمنين ،البخاري ،صحيح البخاري ، 1970، [صحيح] 
  7. ^saaid.net , شعبان بين السنة والبدعة , 14/03/2022
  8. ^صحيح الجامع , أبو ثعلبة الخشني ، الألباني، صحيح الجامع ، 771 ،حسن
  9. ^صحيح الجامع , أبو موسى الأشعري ،الألباني ،صحيح الجامع ،1819،حسن
  10. ^islamweb.net , https://www.islamweb.net/ar/fatwa/6088/%D9%85%D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%AF%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D9%81%D9%85%D9%86%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%80%D8%A5%D9%86%D8%B5%D8%AD%D9%80%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%82%D8%AA%D8%B6%D9%8A%D8%AA%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%B5%D9%87%D8%A7%D8%A3%D9%88%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%A9%D8%A3%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85 , 14/03/2022
  11. ^ضعيف الجامع , علي بن أبي طالب ، الألباني ،ضعيف الجامع ،652 ، موضوع
  12. ^islamweb.net , ماورد في ليلة النصف من شعبان ـ إن صح ـ لايقتضي تخصيصها أو يومها بعبادة أو صيام , 14/03/2022
  13. ^saaid.net , شعبان بين السنة والبدعة , 14/03/2022
  14. ^ar.islamway.net , توجيهات تتعلق بشهر شعبان , 14/03/2022
  15. ^dorar.net , أحاديث منتشرة لا تصح , 14/03/2022