قصيدة ولادة بنت المستكفي لابن زيدون

قصيدة ولادة بنت المستكفي لابن زيدون، اشتهر كل من الشاعر ابن زيدون وولادة بنت المستكفي بحبهما الذي نسج كل منهما أجما قصائد الغزل به، نظرًا لخروجها من قلب صادق وحب نقي. فقد نظم كل منهما قصائد غزل وحب وعتب حملت في حروفها أسمى معاني الحب والصدق. وسنستعرض من خلال قصيدة ولادة لابن زيدون.

هي ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن الأموي، شاعرة أندلسية من بيت الخلافة. اشتهرت بمخالطتها للشعراء ومساجلتهم. اشتهرت ولادة بأخبارها مع الوزيرين ابن زيدون وابن عبدوس، اللذان كان يهويانها، إلا أن ود ولادة وحبها كان لابن زيدون. اشتهر شعر ولادة برقته وعذوبته، يذكر أن ولادة بنت المستكفي توفيت في مدينة قرطبة.

تبادل ابن زيدون وولادة بنت المستكفي العديد من قصائد المدح والشوق والعتاب، وفيما يلي قصيدة ولادة لابن زيدون:[1]

هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون شاعر وكاتب، من أبناء قرطبة، ينحدر من عائلة فقهاء بني مخزوم، تولى منصب وزير ابن جَهْوَر صاحب قرطبة، من ثم وزير المعتمد بن عباد الذي اتهِم بالمَيل إليه. أبدع ابن زيدون في الشعر والنّثر، كما اشتهر بحبه لولّادة بنت المستكفي. وكانت يقيم في إشبيلية حتى توفي في أول رجب 463 هـ في عهد المعتمد بن عباد.

ولد أحمد بن عبد الله بن زيدون في قرطبة، لأب فقيه ينحدر من سلالة بني مخزوم القرشيين، كما أن جده لأمه كان وزيرًا، ما يدل على أن ابن زيدون قد نشأ في بيت علمٍ وأدب. كما أن أباه اهتم به اهتمامًا خاصًا، توفي والد ابن زيدون وهو في عمر الثانية عشرة من عمره، حيث كفله جده بعد ذلك. من ثم لمع اسمه في ميدان الشعر، وفي أحد الأيام رأى في أحد مجالس قرطبة فتاةً حسناء تدعى ولادة بنت المستكفي، ابنة خليفة وأمها جارية كانت قد أغوت ذلك الخليفة واستبّت به. وقد أولى والد ولادة الكثير من الاهتمام لابنته، فقد قام بتعليمها وتثقيفها، حتى أصبحت تقول الشعر، وأبدعت في العزف على الآلات الموسيقيّة.

على الرغم من أن ولّادة هي ابنة خليفة أموي، إلا أن نسبها لم يكن سبب شهرتها، إنما اشتهرت بسبب بلاغتها في الشعر، وشخصيتها القوية الجذابة، إضافة إلى جمالها الذي أسر قلوب الشعراء وأصحاب السلطان في زمانها. تجدر الإشارة إلى أن ولّادة هي أول امرأة جعلت من بيتها مركزاً أدبياً يجتمع فيه الشعراء وأصحاب البلاغة والسلطة. فقد كانت تبارزهم بالشعر، وتتناقش معهم بالأدب والسياسة، حيث كانت تفوز عليهم في أغلب الأوقات. كذلك فقد كان بيتها مفتوحاً دائماً للنساء من كافة الطبقات، ممن يرغبن بتعلم القراءة والكتابة والموسيقى. يذكر أن ابن حزم الأندلسي كان من أشهر رواد مجلسها الأدبي.

اشتهرت ولادة بنت المستكفي ببلاغتها وبشعرها الفصيح وفيما يلي أبرز قصائدها:

قصيدة: أنا والله أصلح للمعالي

أنا واللَه أصلحُ للمعالي وأَمشي مشيتِي

وأتيهُ تِيهَا وَأمكِّنُ عاشِقِي مِنْ صَحنِ خَدِّي

وأُعطِي قُبلَتي مَنْ يَشْتَهيها

قصيدة: ودع الصبر محب ودعك

وَدّعَ الصّبرََ مُحبٌّ وَدّعَكْ ذائِعٌ مِن سِرِّهِ

ما اِستودَعكْ يقرعُ السِّنَّ على أَنْ لمْ يكنْ

زادَ في تِلك الخُطى إذْ شَيَّعَكْ يا أَخا البَدْرِ سَناءً

وسَنًى حفظَ اللَه زمانًا أطلَعكْ إن يَطُلْ بَعدَكَ ليلي

فلكمْ بتُّ أشكو قِصَرَ اللَّيلِ مَعكْ

 

قصيدة: لحاظكم تجرحنا في الحشا

لحاظُكُم تَجرَحُنا في الحَشَا وَلَحظُنا يجرحُكم

في الخدودِ جرح بجرحٍ فاِجعلوا ذا بِذا فما

الّذي أوجبَ جرحَ الصُّدودِ

 

قصيدة: إن ابن زيدون على فضله

إنّ اِبن زيدون على فضلهِ

يغتابني ظلمًا ولا ذنْبَ لِي

يلحظُني شزرًا إذا جئْتُهُ

كأنّني جئْتُ لأخصِي علي

 

قصيدة: أناجي اشتياقي والجوى يعلن النجوى

أناجي اشتياقِي والجَوَى يُعلِن النَّجوى وأضرَعُ

مِن وجْدي لمولاي بالشَّكوى وأهفُو بقلبٍ

رائعُ الشَّوقِ رَاعَه لفَرْطِ الّذي ألقاهُ من شدّةِ الأَهْوَا

وإن كان ما بي لا يُحِلُّ محرَّم عَرَاه ولا يسطُو على مُحكمِ

ِ التَّقْوَى فهل مَن أُرجِّي طعمَ منٍّ بقربهِ يعينُ على وصلي

ولا يُضمِر السَّلْوى فأَنْعِشْنَ بالمغنى فؤادِي الّذي

غدا بما راحَ يروي من حديث الهوى يَرْوَى

 

قصيدة: أسامر في ليلي سنا طلعة البدر

أُسامِرُ في ليلي سَنا طلعةِ البدرِ لبُعدِكَ

عن عيني وإنْ كنْتَ في صدري هواكَ له شغل

بقلبيَ شاغلٌ بهِ ضِقْتُ ذَرْعًا وهْوَ إن حقَّقوا

عُذْري ولا أستطيبُ الشَّهدَ مِن بعدِ ما قضَى

عليَّ بما مرَّ البعادُ منَ الصَّبرِ وما خامرَتْنِي

الرَّاحُ من كفِّ شادِنٍ يُديرُ بعينَيهِ كؤوسًا مِن الخمرِ

ولكنَّني نَشْوى بذكراكَ والهَوَى أُعانِي به سُكْرًا طويلًا

على سُكْرِ فيا مَن غرامي لا يزالُ غريمَه ويهفو به كفُّ

الصّبابةِ مِن ذِكري ترقَّبْ إذا جَنَّ الظلامُ زيارتي فإنّي

رأيتُ الليلَ أكتَمَ للسِّرِّ وَبي منكَ ما لو كانَ بالشّمسِ لمْ تلُحْ

وبالبدرِ لمْ يَطلعْ وَبالنَّجمِ لمْ يَسْرِ وزُرْني ولا تخشَ الأَسِنَّة شُرَّعًا

فمن رام بيضًا لا يخافُ من السُّمْرِ

 

قصيدة: طال ليلي وغرامي لا يطاق

طالَ ليلي وغرامِي لا يُطاقُ وفؤادي من أُوَاري باحتِراق

وشجوني سجعَتْ وُرْقَ اللِّوى من معانيها بما العشاقُ شاق

قصيدة: قد جرح القلب غزال جنى

قد جرح القلبَ غزالٌ جَنَى طرْفِي بخدَّيْه جنيُّ الوُرود

وما اكتفى بالحدِّ من جفنه حتى بصدِّي جازَ تلك الحدود

 

قصيدة: حان ابن زيدون حين فيه تولينا

حانَ ابنَ زيدون حينٌ فيه تُولِينا وصلًا فيُدنِي تلاقِينا

أمانينا يا مَن عنِ البدرِ تُغنِي العينَ طلعتُه ولفظُهُ

عن كؤوسِ الراحِ يُغنِينا هزَّتْنا للأُنسِ أرواحُ السرور

كما في روضِ أفراحِنا هزَّتْ أفانينا فشَنِّفونا بألحانِ العراقِ

على مَيْل السماع بما يُصبي ويُشجِينا فعنْ قريبٍ

على رُغْم الرّقيبِ نَرى أبا الوليد يُحَيِّينا فيُحْيِينا

 

قصيدة: طاب وقتي طاب وانمحى

غيني طابَ وقتي طاب وانمحى غَيْني وجلا

الأكوابَ أكْحَلُ العينِ بدرُ حُسنٍ لاحَ وجهُهُ الوضاحُ فيه

لا بالرَّاحِ غبْتَ عن أَيْني قَدُّه الفتَّانْ، فاقَ غصنَ البان طرْفُه الوسنانُ

سلَّ سيْفَيْن ماسَ كالغُصْنِ في رُبَى الحُسن آهِ لو يُدني

طلعةَ العينِ بالحشا قد صال لحظُه الفصالُ وبدا يختالُ

تحت بُردَيْن يا أخا الحبِّ، لا تُطِلْ عتْبِي قدْ غَدا قلبِي،

بين سُكْرَيْن خمرُ أشواقي، عينُ ترياقي فاملَ يا ساقي،

منه كأسَيْن قصيدة: تهديك شمس الضحى أزكى السلام

تُهديكَ شمسُ الضُّحى أزكى السَّلام وقد وافَتْ لتحظَى بمَجْلَى

طلعةِ القمرِ فاستجلِ ما طابَ من آدابها وأدِرْ ما فاقَ طيبًا

معاني نَسْمَةِ السّحرِ

 

قصيدة: أثرت وجدي وكان كامن

أثرْتَ وجدي وكانَ كامن ورُعْتَ لُبِّي من غير مَيْن

فأيُّ شيءٍ له السّواكن تحرَّكتْ بعد طول بَيْن

 

قصيدة: آه يا روح فؤادي

آهِ يا رُوحَ فؤادي وحياتي والمُرادِ لا تخَفْ

إنَّ وِدَادي ثابتٌ بعدَ البعادِ

 

قصيدة: إن حلو الشهد مر في فمي

إنّ حُلْوَ الشهْد مرٌّ في فمي بعد ما جرَّعني

الصابَ المُصاب فإذن؛ كيف أرى الصبرَّ

على ما أُعاني من وُلوعٍ واكتئاب

 

قصيدة: إلام ألقة بأحكام النوى ترحًا

إلامَ ألقى بأحكامِ النَّوى تَرَحًا ولا أرى بدلًا

يومًا له فرحا وأشتكي والصَّدى مما أحاوله

أرى جوابًا إذا ناديْتُ مَن سَنَحا يا غائبًا

حضرَتْ من بعده مِحَنٌ نفَتْ من الأُنسِ

في نادي المُنى منحا خلَّفتَ ولادة ثكلى

الفؤاد لها وَجْد أقامَ ودمعٌ بالجوى ترحا ووردُ

وجنتها الزاكي استحالَ بما بها ألمَّ بهارًا للجوى

فضحا وثغرها مرٌّ فيه الشهد بعدكَ من صبر

على حسن أيامٍ مضَتْ قبحَا فدُمْ على الوُدِّ واحفظِ عهدَ

مَن حفظتْ لك العهودَ وإنْ ضاعتْ بما نضحا لعلَّ دهرًا

علينا بالفراق قضى يلقى القضا بتلاقينا إذا سمَحَا

 

قصيدة: متى بأنس اللقا تدنو لنا الدار

متى بأُنس اللِّقا تدنو لنَا الدَّارُ وتنجلي في سماء البِشْر أقمارُ

والبدرُ بالشَّمسِ يحظى في حما أسدٍ ولمْ يفزْ بالأماني عندَها الفارُ

ومنيةُ النَّفسِ تُقضى بالعيونِ إذا وفَتْ بوحيٍ عن الأفكارِ أسرارُ

إنّي أشمُّ لطيبِ الوصل رائحةً جادَتْ لها نَفَسٌ للأُنسِ مِعْطارُ

على الوزيرِ وفيُ وعْدِ النَّديمِ بأنْ يزورَ مَن حُبُّها ما فيه أوزارُ

هنالكَ الوصلُ يغدو كاملًا ولنا تُقضَى بنادي الصَّفا للنَّفْسِ

أوطارُ فنُبْنَ عنّي بإنشادٍ يكونُ بهِ للصَّدرِ شرحٌ إذا ناجتْه أفكار

إلى هنا نصل لختام مقالنا الذي تعرفنا فيه على قصيدة ولادة بنت المستكفي لابن زيدون، كما ذكرنا من هي ولادة بنت المستكفي، كذلك استعرضنا من هو ابن زيدون، وما هي أشهر قصائد ولادة بنت المستكفي.