جدول المحتويات
ما هو حد الغيلة في الاسلام وكيف ينفذ بالطريقة الشرعية الإسلامية، إذ نصّ الله الحكيم على مجموعة القوانين التي يجب أن يتعايش من خلالها النّاس بين بعضهم البعض، إذ الأصل للمسلم أن يلتزم بتلك القوانين ويعمل جاهدًا على عدم مخالفتها، لذلك فإنّ موقع سيقف مع الحكم الشرعي لحد الغيلة وسيُضاء على بعض الفروق الخاصة بين حدّ الغيلة والقصاص والحرابة ونحوها.
معنى الغيلة في الشرع
الغيلة في الإسلام هو القتل على وجه الخداع والحيلة، مثل أن يدعو القاتل ضحيته إلى مكان ما ثم يقضي عليه وذلك بغية مأرب ما، وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الإسراء: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا}.[1] [2]
ما هو حد الغيلة في الاسلام وكيف ينفذ
إنّ القتل هو واحد من الأمور التي جعل الله تبارك وتعالى لها حدًّا رادعًا حتى يرتدع غيره بما كان للقاتل فيكون عبرة، وما يأتي تفصيل في حد الغيلة وطريقة تنفيذه في الإسلام:
ما هو حد الغيلة في الاسلام
اختلف العلماء في مسألة تحديد حد الغيلة إلى قولين، وتفصيلهما:[2]
- القول الأول: ذهب أصحاب هذا القول من الشافعية والظاهرية والحنابلة والحنفيين إلى أنّ حدّ الغيلة هو القتل قصاصًا مثله مثل باقي أنواع القتل كالعمد والعدوان، وعلى ذلك فإنّ الحق في قتل الجاني يكون لأولياء الدم أي لأصحابه أو ورثته أو حتى أهل القتيل، ويسقط حدّ الغيلة بعفو أصحاب الدم أو حتى عفو بعضهم.
- القول الثاني: ذهب أصحاب هذا القول وهم المالكية إلى وجوب قتل الجاني حدًّا لا قودًا، أي إنّ السلطان هو مَن يتولى قتلته أو نائبه أو مَن يقوم مقامه، ولا يسقط القتل عنه بعفو السلطان أو أصحاب الدم أو غيرهم.
كيف ينفذ حد الغيلة
لم يأت العلماء على التفصيل في طريقة قتله حد الغيلة وإنّما فصلوا في القتل حدّ الغيلة عينه، أي ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ أولياء الدم هم مَن يقتلون الجاني ويسقط القتل عنه إن عفا عنه بعضهم أو كلهم، أمّا الإمام مالك فقد تفرد بقوله أنّ السلطان هو مَن يقتل في حد الغيلة وذكر ابن عثيمين رحمه الله: “وعلى هذا فيكون الحق في قتل الغيلة للإمام لا لأولياء المقتول ويجب على الإمام أن يقتله لما في ذلك من حفظ الأمن، وهذا مذهب مالك، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حفاظًا على الحق – الحق العام – لئلا تحصل الفوضى”.[3]
شاهد أيضًا: الفرق بين القصاص والتعزير
ما هو حكم القتل حد الغيلة
انقسم العلماء في مسألة القتل حد الغيل إلى رأيين، وهما كما وردا في كتاب الفقه الميسر:[2]
- ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية إلى وجوب القتل قصاصًا كسائر أنواع القتل عمدًا وعدوانًا، وعليه يكون الحق في قتل الجاني لأولياء الدم، من ورثة القتيل أو عصبته فيجب تنفيذه إن اتفقوا على ذلك ويسقط بعفوهم، أو عفو بعضهم.
- ذهب المالكية إلى أنه يوجب قتل الجاني حدًا لا قودًا فيتولى تنفيذه السلطان أو نائبه ولا يسقط بعفو أحد لا السلطان ولا غيره.
شاهد أيضًا: كم الحد الأقصى للدية في السعودية
الفرق بين حد الغيلة والقصاص
إنّ الفرق بين حدّ الغِيلة والقصاص هو أنّ حدّ الغِيلة مختلف فيه بين العلماء، فجمهور أهل العلم جعلوا الحق بالقتل فيه ولياء الدم أي إنّهم مَن يقتلوا الجاني، وأمّا الإمام مالك فجعل حق القتل للسلطان أو مَن يقوم مقامه وهو ما اختاره ابن تيمية، أمّ القصاص فإنّ القتلة فيه تعود لولي الأمر، ولا يُباشر القتل حتى يستأذن من أهل القتيل فإن أذن لهم باشر القتل وإلا فلا حقّ له بالقتل دون إذنهم لأنّهم أصحاب الدم.[4]
شاهد أيضًا: ما هو القتل تعزيرا في الاسلام ولماذا سمي بهذا الاسم؟
الفرق بين القصاص والغيلة والحرابة
بُين في الفقرة السابقة الفرق بين القصاص والغِيلة وهو في طريقة تنفيذ القتلة ومَن يقوم بها، أمّا الحرابة فلا يرجع السلطان إلى أصحاب الأمر ليأخذ الإذن منهم في القتلة؛ لأنّ الحق في ذلك يكون لله وحده، والأمر فيه صيانة للأنفس والأموال والأعراض من العابثين.[4]
متى يجوز العفو عن القاتل غيلة؟
ذكر جمهور أهل العم أنّ أهل القتيل غيلة يُمكنهم العفو عن القاتل وخالفهم الإمام مالك في الرأي بعدم أحقية العفو لأي أحد لأنّ الحق لله، وذكر أبو زيد المالكي في الرسالة: “وقتل الغِيلة لا عفو فيه: يعني لا للمقتول ولا للأولياء ولا للإمام لأن الحق فيه لله تعالى. ولو كان المقتول كافرا والقاتل حرا مسلما وظاهره، ولو جاء تائباً وهو كذلك”، وأضاف ابن القيم رحمه الله: “وقطعا لأذى المخادعين وكفا لشرهم رأى الإمام مالك ومن وافقه أن القاتل غيلة يقتل مطلقا دفعا لشره، ولا يجوز للإمام العفو عنه، وقد استدل مالك على ذلك بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم للحارث بن سويد الذي قتل المجذر بن زياد غيلة بعد ما اعتذر وتاب”.[5]
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال ما هو حد الغيلة في الاسلام وكيف ينفذ وذكرنا رأي علماء أهل السنة والجماعة في تلك المسألة، وأضأنا على رأي الإمام مالك في حدّ الغيلة وما حجته في مخالفة جمهور أهل العلم في تلك المسألة.