جدول المحتويات
من اين تفجر انهار الجنة ؟ الجنة هي دار الخلود التي أعدها الله سبحانه وتعالى لعباده الصالحين، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على بال البشر، فيها القصور المشيدة، والأنهار التي تجري من تحتها، أعدت جزاء للمتقين، ومن أجلها فليتنافس المتنافسون.[1]
من اين تفجر انهار الجنة
إن انهار الجنة تفجر من تحت عرش الرحمن جل في علاه، كما ورد في الحديث الشريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ).
وقد بيَّن الله عز وجل هذه أنهار الجنة بقوله: ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَخَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ).
فهذه الأنواع الأربعة ذكرها الله سبحانه وتعالى، ونفى عنها سبحانه الآفات التي تتعرض لها هذه الأنواع في الدنيا، فآفة الماء إذا طال ركوده أنه يأسن، واللبن آفته أن طعمه يتغير فيصبح حامضًا، لاذع المذاق، كما أن آفة الخمر تكمن في مذاقه الكريه، وآفة العسل تكون في عدم تصفيته من الشوائب، ومن آياته سبحانه وتعالى أنه ينفي عن أنهار الجنة الآفات والعيوب التي تمنع اللذة بها بشكل كامل.[2]
اقرأ أيضًا: من هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب
الجنة تعريفاتها وأنهارها
تعريف الجنة لغة واصطلاحًا
لغة: العرب تطلق تسمية الجنة على النخيل، والجنة السترة وجمعها الجنان، والجنة هي البستان، وتعرف الجنة بأنها الحديقة ذات النخل والعنب والشجر الكثيف، أما اصطلاحًا: فقيل في الجنة أنها دار الأجر والثواب لمن أطاع الله سبحانه وتعالى، ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، ومكانها عند سدرة المنتهى، وهي دار الحق والكرامة التي أعدها الله سبحانه وتعالى لعباده الصالحين يوم الحساب، وفيها غرف خالية، وأشجار، وحور عين جميلات، وكل ما تشتهي النفس من خيرات وأنعام، وما لا عين رأت، ولا خطر على بال بشر، وفيها ما لا أذن سمعت.
أنهار الجنة
وصف الله عز وجل انهار الجنة بأجمل الاوصاف، أوصاف ترغب العباد في طاعة الله سبحانه والتقرب منه عز وجل لنيل المنزلة الرفيعة ودخول الجنة، والتمتع بثمارها وخيراتها وانهارها التي تعد جزء لا يتجزأ منها، ويستعرض أنهار الجنة كالآتي:
- الأول: نهر الكوثر، قال الله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر: هو الخير الذي أعطاه الله إياه؛ قال أبو بشير: قلت لسعيد بن جبير: فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
- الثاني: نهر بارق، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهداء على بارقٍ نهر بباب الجنة، في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرةً وعشيًّا)، وانهار الجنة تشبة انهار الدنيا في الاسم فقط، وجريان الانهار في الجنة يكون من تحت قصور وحجرات الجنة، ما يطفي عليها بهجة وجمالًا، وهي متحققة لعباد الرحمن المخلصين، لأن الله تعالى وعدهم فيها.
- الثالث: نهر البيذخ أو البيدح، جاءتِ امرأةٌ فقالت: يا رسول الله، رأيتُ كأني دخلتُ الجنة، فسمعتُ بها وَجْبَةً ارتجَّت لها الجنةُ، فنظرت فإذا قد جيء بفلانِ بن فلان، وفلان بن فلان، حتى عدَّت اثنَي عشر رجلاً، وقد بعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سريةً قبل ذلك، قالت: فجيء بهم عليهم ثيابٌ طُلْسٌ، تشخَبُ أوداجُهم، قالت: فقيل: اذهَبوا بهم إلى نهر البَيْذَخ – أو قال إلى نهر البَيْدَح – قال: فغُمِسوا فيه، فخرجوا منه وجوههم كالقمر ليلة البدر، قالت: ثم أُتُوا بكراسي من ذهب، فقعدوا عليها، وأُتِي بصحفةٍ – أو كلمة نحوها – فيها بُسْر فأكلوا منها، فما يَقلِبُونها لشقٍّ إلا أكلوا من فاكهةٍ ما أرادوا.
- الرابع: النهران الظاهران والنهران الباطنان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رُفِعتُ إلى السدرة، فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان، فأما الظاهران، فالنيل والفرات، وأما الباطنان، فنهران في الجنة، فأُتِيتُ بثلاثة أقداحٍ: قدح فيه لبن، وقدح فيه عسل، وقدح فيه خمر، فأخذتُ الذي فيه اللبن فشرِبت، فقيل لي: أصبت الفطرة، أنت وأمَّتك).[3]
اقرأ أيضًا: اعظم سبب لدخول عباد الرحمن الجنة بعد رحمة الله
الانهار التي رآها النبي عليه السلام في المعراج
لقد رأى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أربعة انهار من أنهار الجنة أثناء رحلة الإسراء والمعراج، نهران باطنان لم يرد ذكرهما على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونهران ظاهران هما الفرات والنيل، وقد روى الشيخان عن مالك بن صعصعة واللفظ لمسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران ظاهران، ونهران باطنان، فقلت: يا جبريل ما هذه الأنهار. قال: أما النهران الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات، قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: يخرج من أصلها، والمراد: أصل سدرة المنتهى، كما جاء مبينً، قال مقاتل: الباطنان هما: السلسبيل والكوثر.[4]
من اين تفجر انهار الجنة، تفجر انهار الجنة من تحت عرش الرحمن، وتمر من تحت القصور والغرف الموجودة في الجنة، وكانت تلك الانهار بمثابة عظيم الأجر والثواب للمؤمنين المتقين، وهي حاصلة ومحققة كما وعد الله عز وجل الصالحين من عباده.