جدول المحتويات
من هم السفرة الكرام البررة ؟، الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم بقوله تعالى: (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ)، وهو ما سنجيب عنه في هذا المقال، بتوضيح معنى السفرة الكرام البررة لغة واصطلاحا، والتطرق للحديث عنهم وعن أبرز صفاتهم بالرجوع إلى تفاسير مختلفة هي؛ تفسير الطبري، ابن كثير، القرطبي والجلالين.
من هم السفرة الكرام البررة
السفرة: جمع سفير بمعنى واسطة، وهم الملائكة الذين جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله، وسفرة: جمع سافر بمعنى كاتب، وهم الملائكة الذين ينسخون، ويكتبون الآيات بأمر الله تعالى، وصفة هؤلاء الملائكة أنهم كرام أي مكرمون ومعظمون عند الله تعالى، وأنهم بررة :مفردها بَرّ، وهو من كان كثير الطاعة والخشوع؛ أي أنهم أتقياء مطيعون لله كل الطاعة، وقد جاء ذكرهم فى القرآن الكريم بقوله تعالى: (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ) سورة عبس، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”الماهر فى قراءة القرآن مع السفرة الكرام البررة”.
تفسير الطبري
قوله: ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) يقول: الصحف المكرّمة بأيدي سفرة، جمع سافر، واختلف أهل التأويل فيهم ما هم؟ فقال بعضهم: هم كَتَبة. وقال آخرون: هم القرّاء. وقال آخرون: هم الملائكة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) قال: السَّفَرة: الذين يُحْصون الأعمال، وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هم الملائكة الذين يَسْفِرون بين الله ورسله بالوحي، وسفير القوم: الذي يسعى بينهم بالصلح، يقال: سفرت بين القوم: إذا أصلحت بينهم، ومنه قول الشاعر: ومَــا أدَعُ السِّــفارَةَ بَيـن قَـوْمي *** ومَـــا أمْشِــي بغِشّ إنْ مَشِــيتُ، وإذا وُجِّه التأويل إلى ما قلنا، احتمل الوجه الذي قاله القائلون: هم الكَتَبة، والذي قاله القائلون: هم القرّاء لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب، وتَسْفِر بين الله وبين رسله. وقوله: (كِرَامٍ بَرَرَةٍ) والبَررَة: جمع بارّ، كما الكفرة جمع كافر، والسحرة جمع ساحر، غير أن المعروف من كلام العرب إذا نطقوا بواحدة أن يقولوا: رجل بر، وامرأة برّة، وإذا جمعوا ردّوه إلى جمع فاعل، كما قالوا: رجل سري، ثم قالوا في جمعه: قوم سراة وكان القياس في واحده أن يكون ساريًا، وقد حُكي سماعًا من بعض العرب: قوم خِيَرَة بَرَرَة، وواحد الخيرة: خير، والبَررَة: برّ. [1] [2]
تفسير ابن كثير
قوله تعالى: (بأيدي سفرة) قال ابن عباس ومجاهد: هي الملائكة، وقال وهب بن منبه: هم أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم، وقال قتادة: هم القراء، وقال ابن جرير: والصحيح أن السفرة الملائكة، والسفرة يعني بين اللّه تعالى وبين خلقه، ومنه السفير الذي يسعى بين الناس في الصلح والخير، كما قال الشاعر: وما أدع السفارة بين قومي ** وما أمشي بغش إن مشيت، وقال البخاري: سفرة: الملائكة، سفرتُ أصلحت بينهم، وجُعلت الملائكة إذا نزلت بوحي اللّه تعالى وتأديته كالسفير الذي يصلح بين القوم، وقوله تعالى: (كرام بررة) أي خَلْقهم كريم، وأخلاقهم بارة طاهرة، وفي الصحيح: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران) أخرجه الجماعة عن عائشة رضي اللّه عنها مرفوعًا. [3]
تفسير القرطبي
(بأيدي سفرة) أي الملائكة الذين جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله، فهم بررة لم يتدنسوا بمعصية. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: هي مطهرة تجعل التطهير لمن حملها، (بأيدي سفرة) قال: كتبة، وقاله مجاهد أيضا، وهم الملائكة الكرام الكاتبون لأعمال العباد في الأسفار، التي هي الكتب، وأحدهم: سافر؛ كقولك: كاتب وكتبة، ويقال: سفرت أي كتبت، والكتاب: هو السفر، وجمعه أسفار. قال الزجاج: وإنما قيل للكتاب سفر، بكسر السين، وللكاتب سافر؛ لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه. يقال: أسفر الصبح: إذا أضاء، وسفرت المرأة: إذا كشفت النقاب عن وجهها. قال: ومنه سفرت بين القوم ، أسفر سفارة: أصلحت بينهم. وقال الفراء، والسفير: الرسول والمصلح بين القوم والجمع: سفراء، مثل فقيه وفقهاء. ويقال للوراقين سفراء، بلغة العبرانية. وقال قتادة: السفرة هنا هم القراء، لأنهم يقرؤون الأسفار. (كرام) أي كرام على ربهم؛ قال الكلبي الحسن: كرام عن المعاصي، فهم يرفعون أنفسهم عنها. وروى الضحاك عن ابن عباس في (كرام) قال: يتكرمون أن يكونوا مع ابن آدم إذا خلا بزوجته، أو تبرز لغائطه. وقيل: أي يؤثرون منافع غيرهم على منافع أنفسهم. (بررة) جمع بار، يقال: بر وبار إذا كان أهلا للصدق، ومنه بر فلان في يمينه: أي صدق، وفلان يبر خالقه ويتبرره: أي يطيعه؛ فمعنى (بررة) مطيعون لله، صادقون لله في أعمالهم. [3]
تفسير الجلالين
(بأيدي سفرة): كتبة ينسخونها من اللوح المحفوظ، (كرامٍ بررة): مطيعين لله تعالى وهم الملائكة. [4]
هكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال الذي وضحنا فيه من هم السفرة الكرام البررة ، وأوردنا في ذلك تفاسير مختلفة هي، تفسير الطبري، تفسير ابن كثير، تفسير القرطبي، تفسير الجلالين.