من هو الامام الذهبي

من هو الامام الذهبي، رحمه الله، أحد علماء الدين في العصر الحديث، والذي له العديد من الكتب والمؤلفات الحديثة في مجال العلوم الدينية، وقد كانت كتبه ومؤلفاته خير دليل على شخصيته التي تمتع بها، ورجاحة عقله وسعة علمه وأفقه، فقد أصبحت كتبه ملهمًا يستنير به العلماء الذين أتوا من بعده، فكانت أقواله وكتاباته تترجم للغات الأخرى، وفي موقع محتويات، سيتم التعرف إلى من هو الامام الذهبي، ونشأته حياته.

من هو الامام الذهبي

من هو الامام الذهبي إمام من أئمة المحدثين في الفقه الإسلامي، ومؤرخ من مؤرخي التاريخ الإسلامي، وهو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي، الفارقي الدمشقي الشافعي، كانت ولادته في العاصمة السورية دمشق في ربيع الآخر عام 643 للهجرة الموافق أكتوبر 1274 ميلادي، تنحدر أصول أسرته إلى التركمان، الذين كانوا من موالي بتي تيم، التي عاشت في مدينة ميافارقين أحد المدن الشهيرة جدًا في ديار بكر، وقد قضى أجداده حياتهم في تلك البلاد، وقال قال عنه الإمام الذهبي: “قايماز ابن الشيخ عبد الله التركماني الفارقي جد أبي”، قد عاش كامل حياته في مدينته حتى وافته المنية بعد أن تجاوز المئة من عمره، وأما والد الإمام الذهبي فهو شهاب الدين أحمد وهو رجل كان يعمل في صناعته للذهب وطرقه وصقله، وكان من الرجال المشهورين في تلك البلاد في صنعته ومهارته، ولد أبوه في المدينة نفسها في عام 641 للهجرة.[1]

أصل تسمية الإمام الذهبي

سمي الإمام الذهبي كبير المؤرخين في الإسلام بذلك الاسم نسبته إلى مهنته والده، الذي كان يعمل صائغًا، وكان يدعى حينها ابن الذهبي، كما جاء في بدايات معاجم أول الشيوخ عنه: “أما بعد، فهذا معجم العبد المسكين محمد بن أحمد. بن الذهبي”، وقيل أن تلك المهنة ورثها الإمام الذهبي عن والده، وعمل فيها قبل أن يبرع في البحث في علوم الفقه الديني، والأحاديث، ولذلك فقد سماه كل من عاصره بالإمام الذهبي مثل الصلاح الصفدي، وتاج الدين السبكي، والحسيني، وعماد الدين ابن كثير وغيرهم ممن عاصروه، ولذلك قيل إن الذهبي مشتقة من عمله في الذهب، لأن كان يزيل منها كل شائبة ويبقي السليم الأصل، وقد انطبقت تلك التسمية عليه، فقد كان رجلًا من رجال الدين الذهبين في ذلك العصر، حيث أكد ذلك روايات كل من عاصره وروايات كل من قرأ له فيما بعد.[1]

شاهد أيضًا: لماذا لقب علي بن ابي طالب بابي تراب

رحلاته العلمية وطلبه العلم

كان الإمام الذهبي طالبًا للعلوم الدينية منذ صغر سنه، ورحل باحثًا عنها في كل أرجاء العالم ليشبع رغبته الجامحة في أن ينهل من تلك العلوم بدون توقف، فكان تركيزه الأكبر مصبوبًا على أمرين هامين هما: القراءات والحديث الشريف، وقد بدأ يبحث في الحديث النبوي منذ عام 690 للهجرة، وكان حينها لم يتجاوز الثامن عشرة من عمره، وبذل كل حياته وأفناها في البحث في علوم الحديث والتاريخ الإسلامي، كما اهتم بالقراءات، ونهل الكثير من علوم الشيوخ في بلاده وفي غير بلاده، فقد كانت له العديد من الأسفار خارج بيئته الشامية وداخلها، فذهب إلى عدة مدن منها حلب، وبيت المقدس والرملة ونابلس، وبعلبك، وطرابلس، وحمص وحماه ونابلس والرملة، كما هاجر إلى مصر، خلال العشرينات من عمره، وكانت إحدى رحلاته الأولى، فجاب المدن المصرية فتعلم من كبار الشيوخ فيها، وتعلم منهم الكثير من العلوم الدينية، وكان يشغل وقته في قراءة كتبهم والتعمق فيها ومن هؤلاء الشيوخ كان: ابن دقيق العيد والعلامة شرف الدين الدمياطي، وصدر الدين سحنون ختمة لورش وحفص، كما رحل للحج وتعلم من شيوخ مكة الكثير من العلوم ودون بعضًا منها، والتي أصبحت فيما بعد دليل لمن بعده، وقد قال عنه تاج الدين السبكي (ت 771هـ): “وسمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذه الفن إلى أن رسخت فيه قدمه، وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه الأمثال، وسار اسمه مسير الشمس، إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر، ولا يدبر إذا أقبلت الليال. وأقام بدمشق يُرحل إليه من سائر البلاد، وتناديه السؤالات من كل ناد وهو بين أكنافها كنف لأهليها وشرف تفتخر، وتزهى به الدنيا وما فيها، طوراً تراها ضاحكة عن تبسم أزهارها، وقهقهة غدرانها، وتارة تلبس ثوب الوقار والفخار بما اشتملت عليه من أمامها المعدود في سكانها”.[1]

شاهد أيضًا: في اي عام ولد الامام الحسن

أهم كتبه ومؤلفاته

كان للإمام الذهبي مجموعة من الكتب والمؤلفات الدينية التي تجاوز عددها 200 كتاب، كانت هذه الكتب تبحث في العديد من مجالات الديانة الإسلامية، فبحث في الدين والفقه وأصول الدين، كما كانت له العديد من الكتب في الحديث الشريف، لكن معظم كتب الذهبي كانت في التاريخ الإسلامي، ومن تلك الكتب:[1]

  • تاريخ الإسلام: وهو من أفضل الكتب وأكثرها ضخامة، ولم يكن له كتبا مماثلًا في تنوعه وقوته، كان في تاريخ الإسلام وعلماء الحديث الشريف، قال ابن تغري بردي “وهو أجل كتاب نقلت عنه…”. وهو يتحدث عن تاريخ الإسلام، وعلماء الحديث
  • سير أعلام النبلاء: وهو الكتاب الثاني له بعد كتابه تاريخ الإسلام.
  • مجموعة متنوعة من الكتب منها: العبر في خبر من غبر، اختصار المستدرك للحاكم، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تذكرة الحفاظ (طبقات الحفاظ للذهبي)، اختصار تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، اختصار تاريخ دمشق لابن عساكر، المغني في الضعفاء، ديوان الضعفاء والمتروكين وخلق من المجهولين وثقات فيهم لين، التلويحات في علم القراءات، الكبائر، الرسالة الذهبية إلى ابن تيمية، الأمصار ذوات الآثار، دول الإسلام، أخبار أبي مسلم الخراساني، تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، معجم الشيوخ الكبير، معرفة القراء الكبار على الطبقات والإعصار، ميزان الاعتدال في نقد الرجال. كما أن له في تراجم الأعيان مصنف منفرد لوحده لكل واحد منهم، وكذلك للأئمة الأربعة.

شاهد أيضًا: من هو اول الائمة الاربعة

تلامذته

كان الإمام الذهبي ذاخر المعرفة، حتى سمع عنه وتعلم منه كبار علماء الدين ومن أبرزهم:[1]

  • الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير، صاحب التفسير.
  • الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن الحسن بن محمد السلامي.
  • صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي.
  • شمس الدين أبو المحاسن، محمد بن علي بن الحسن الحسيني، الدمشقي.
  • تاج الدين أبو نصر، عبد الوهاب بن علي السبكي.

رأي العلماء فيه

كان لعلماء الدين رأي في الإمام الذهبي بأنه من أفضل علماء الدين والتاريخ والحديث النبي وقد قيل عنه:[1]

  • يقول تاج الدين السبكي:” شَيخنَا وأستاذنا الإِمَام الْحَافِظ.. مُحدث الْعَصْر، اشْتَمَل عصرنا على أَرْبَعَة من الْحفاظ بَينهم عُمُوم وخصوص: الْمزي والبرزالي والذهبي وَالشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد (تقي الدين السبكي) لَا خَامِس لهَؤُلَاء فِي عصرهم.، وَأما أستاذنا أَبُو عبد الله فَبَصر لَا نَظِير لَهُ، وكنز هُوَ الملجأ إِذا نزلت المعضلة، إِمَام الوُجُود حفظًا، وَذهب الْعَصْر معنى ولفظًا، وَشَيخ الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَرجل الرِّجَال فِي كل سَبِيل”.
  • وقال ابن شاكر الكتبي: “حافظ لا يجارى، ولا فظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأبان الإبهام في تواريخهم والإلباس، جمع الكثير، ونفع الجم الغفير، وأكثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف”.
  • وقال السيوطي: “الإمام الحافظ محدث العصر وخاتمة الحفاظ ومؤرخ الأعلام وفرد الدهر والقائم بأعباء هذه الصناعة..، طلب الحديث وله ثماني عشرة سنة، فسمع الكثير ورحل وعين بهذا الشأن، وتعب فيه وخدمه إلى أن رسخت فيه قدمه، وتلا بالسبع وأذعن له الناس..، والذي أقوله: إن المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المزي والذهبي والعراقي وابن حجر”.
  • وقال الشوكاني: “وَجَمِيع مصنفاته مَقْبُولَة مَرْغُوب فِيهَا، رَحل النَّاس لأَجلهَا وأخذوها عَنهُ، وتداولوها وقرأوها وكتبوها فِي حَيَاته، وطارت فِي جَمِيع بقاع الأَرْض، وَله فِيهَا تعبيرات رائقة وألفاظ رشيقة غَالِبًا، لم يسْلك مسلكه فِيهَا أهل عصره وَلَا من قبلهم وَلَا من بعدهمْ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّاس فِي التَّارِيخ من أهل عصره فَمن بعدهمْ عِيَال عَلَيْهِ، وَلم يجمع أحد فِي هَذَا الْفَنِّ كجمعه وَلَا حَرَّره كتحريره”.
  • وقال مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي: “الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ الْهمام مُفِيد الشَّام ومؤرخ الْإِسْلَام ناقد الْمُحدثين وَإِمَام المعدلين والمجرِّحين إِمَام أهل التَّعْدِيل وَالْجرْح وَالْمُعْتَمد عَلَيْهِ فِي الْمَدْح والقدح .، كَانَ آيَة فِي نقد الرِّجَال، عُمْدَة فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل، عَالما بالتفريع والتأصيل، إِمَامًا فِي الْقرَاءَات، فَقِيها فِي النظريات، لَهُ دربة بمذاهب الْأَئِمَّة، وأرباب المقالات، قَائِما بَين الْخلف بنشر السُّنة وَمذهب السَّلف”

شاهد أيضًا: من هو الامام محمد بن سعود

وفاة الإمام الذهبي

أصيب الإمام الذهبي في أواخر سنين حياته بالعمى، وذلك قبل وفاته بأربعة أعوام، وقيل سقط في عينيه ماء سبب ذلك له، وقد كانت وفاته في يوم الاثنين الموافق 3 ذي القعدة سنة 748 للهجرة، في تربة أم صالح، وقد تم دفنه في مقابر باب الصغير، وقد كان في جنازته مجموعة من كبار علماء الدين كما رثاه الكثير من تلامذته.[1]

وفي الختام تم التعرف إلى من هو الامام الذهبي، وقد تبين أنه كان واحدًا من علماء الدين الإسلامي وشيوخهم، وكانت له العديد من الكتب والأبحاث في التاريخ الإسلامي، وقد تعلم منه الكثيرون، وورث عنه علماء العصر الحالي العديد من الكتب التي لم يكن لها مثيلًا قط.

المراجع

  1. ^
    islamqa.info/ , ترجمة الإمام الذهبي رحمه الله . , 28/5/2022